
د. محمد عبدالله العتيبي
326 subscribers
About د. محمد عبدالله العتيبي
دكتوراه في العقيدة إمام وخطيب
Similar Channels
Swipe to see more
Posts

البث المباشر لدرس شرح كتاب ( فضل الإسلام) https://t.me/soroojseminar6?livestream

سعة الصدر في حال الفقر نعمة كبرى: قال ابن الجوزي رحمه الله: أجِدُ في الناس من هو واسع الصدر، طيب القلب، مع الفقر وضيق اليد، لا ينظر إلى حاجته إلى غدٍ. وأنا بحمد الله منهم؛ فإني قد عالجتُ من الفقر أشياء: وقد كنت أُصبِح وليس عندي قوت يومي، ولا أعرف له وجهًا، وأنا طيِّب القلب ساكن النفس، وكم من يومٍ أصبحت لا أملك فيه حبةً، وثَمَّ زوجةٌ وأولادٌ، ومَن تعلَّقت بي جماعةٌ، وقلبي طيبٌ كأني أملك ألف دينارٍ. فما انزَعَجَ قلبي بالفقر، ولا خطر أني لو متُّ وبقي أولادي فقراء، بل أقول - إذا خطر هذا -: قد مات أبي، وعاينتُ الفقرَ، وانصرفَ الزمانُ على خير حالٍ بين غنًى وقناعةٍ، فإن أراد أن يُصلِحَ أولادي ويُدبِّرَ أمرَهم كما دبَّر أمري، فَعَلَ، وإلا، فكم مِمَّن خلَّف مالًا كثيرًا لأولاده، فلم ينفعهم، وهو يتولى الصالحين. ثم إني كثيرًا ما رأيتُ مَن يكون معه الدينار والمائة، وهو في قَلَقٍ، وأكون أنا لا حبة معي، وأنا في غنًى، وإذا قُدِّرَ لي دينارٌ أنفقتُه في يومين أو ثلاثة، ولم أنظر إلى ما بعد ذلك، وإذا حصلَتْ معي حبةٌ فكأني قد ضاهيتُ الأغنياءَ؛ بانشراح صدري وطيب قلبي. ورأيتُ في الناس مَن يَقرُب مِن هذه الحال، ورأيتُ بالعكس: مَن يكون معه وله، وهو ضيق العَطَن، فقير النفس، كثير الهمِّ. فتأمَّلتُ السببَ في طيب القلب، فرأيتُه يتنوَّع إلى ثلاثة أقسامٍ: ① فتارةً يكون من سَعَة الصدر خِلْقَة ووضعًا. ② وتارةً يكون من ثقة العبد بالله ﷻ وأنه الرَّزَّاق. ③ وتارةً يكون من شعور النفس سعادةً مُعَدَّةً لها، وغنًى مُدَّخَرًا لها، والنفوس الشريفة تشعر الآنَ قبلَ كَوْنِها، فكأنها تطَّلع على عاقبتها. والغالب في العادات: أن سَعَة الصدرِ وطِيبَ القلبِ حالُ خيرٍ، وأن كسوفَ البالِ وضِيقَ الصدرِ حالُ شرٍّ. صيد الخاطر (ص ٣٣٦ - ٣٣٧).

أداء الواجبات كلّها أفضل من التنفّل بالحجّ والعمرة وغيرهما؛ فإنّه ما تقرّب العباد إلى الله تعالى بأحبّ إليه من أداء ما افترض عليهم. وكثير من الناس يهون عليه التنفّل بالحجّ والصّدقة ولا يهون عليه أداء الواجبات من الديون وردّ المظالم، وكذلك يثقل على كثير من النّفوس التنزّه عن كسب الحرام والشبهات، ويسهل عليها إنفاق ذلك في الحجّ والصّدقة. [لطائف المعارف (ص/438) لابن رجب]

https://youtu.be/0zeoAqdIHsY?si=86sJzbJqZRWch61f

بيان فضل الله ولطفه وتربيته لعباده، وأثر العلم الشرعي النافع في تقويم سير المؤمن إلى ربه: قال ابن الجوزي رحمه الله: إنني أذكر في زمان الصَّبوة ووقت الغُلمة والعُزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تَتُوق إليها تَوَقان العطشان إلى الماء الزُّلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلمُ من خوف الله ﷻ. ولولا خطايا لا يخلو منها البشر، لقد كنت أخاف على نفسي من العُجْب، غير أنه ﷻ صانني وعلَّمني وأطلعني من أسرار العلم على معرفته وإيثار الخلوة به، حتى إنه لو حضر معي معروفٌ وبِشْرٌ، لرأيتُهما زحمةً. ثم عاد فغَمَسني في التقصير والتفريط، حتى رأيت أقلَّ الناس خيرًا مني، وتارةً يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته، وتارةً يحرمني ذلك مع سلامة بدني. ولولا بِشارة العلم بأن هذا نوع تهذيبٍ وتأديبٍ؛ لخرجتُ: - إما إلى العُجْب عند العمل، - وإما إلى اليأس عند البطالة، لكن رجائي في فضله قد عادَلَ خوفي منه. وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه؛ لأني رأيت أنه قد ربَّاني منذ كنت طفلًا؛ فإنَّ أبي مات وأنا لا أعقل، والأم لم تلتفت إليّ، فركز في طبعي حُبَّ العلم، وما زال يوقعني على المُهِمِّ فالمُهِمِّ، ويحملني إلى مَن يحملني على الأصْوَب، حتى قوَّم أمري، وكم قد قصدني عدوٌّ فصدَّه عني، وإذ رأيتُه قد نصرني وبصَّرني ودافع عني ووهب لي: قَوِيَ رجائي في المستقبل بما قد رأيتُ في الماضي. صيد الخاطر (ص ٣١٣ - ٣١٤).