حزب المؤتمر السوداني
حزب المؤتمر السوداني
February 15, 2025 at 01:38 PM
https://www.facebook.com/share/p/1BrArVQEff/ *ما بعد الحرب* *بقلم - مولانا نزار جعفر – القيادي بالقطاع القانوني للحزب* ينشغل المتقاتلون في الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل بكيفية تحقيق النصر العسكري على الآخر، بينما ينشغل معظم المدنيين المشردين بين لاجئين ونازحين وناجين بكيفية العودة إلى مناطقهم ومنازلهم لدفن موتاهم وتفقُّد من فقدوا، في محاولة لتخفيف الكثير من العنت والمشقة التي واجهوها طوال عامين. وفي الوقت نفسه، تنشغل النخب السياسية في مساعيها لإيجاد مخرج سياسي لهذا الواقع المؤلم، كلٌّ حسب رؤاه. وفي زاوية بعيدة، انشغل بالواقع القانوني لما بعد الحرب، حيث تُطرح العديد من الآراء والمقترحات في هذا الشأن ، فهل ان نتصور خارطة طريق علي هذا النحو : 1. الوسائل القانونية والقضائية: • المحاكم المحلية : يمكن إنشاء محاكم خاصة للنظر في الجرائم المرتكبة خلال الحرب، يشرف عليها قضاة محايدون مشهود لهم بالنزاهة والتاريخ المشرف. ولا يُشترط أن يكونوا في الخدمة؛ إذ يمكن الاستعانة بقضاة سابقين من أصحاب الكفاءة، ويفضَّل وجود منظمات قانونية دولية كمراقب لهذه المحاكمات. • المحكمة الجنائية الدولية (ICC): السودان بعد الحرب ملزم بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، خاصة بعد إحالة بعض القضايا المتعلقة بجرائم دارفور إليها ، علي ان تكون هناك ارادة دولية حقيقة لانفاذ القانون عبر هذه المحكمة. • *لجان الحقيقة والمصالحة:* تُستخدم في العديد من الدول لتوثيق الانتهاكات وكشف الحقيقة ومنح تعويضات للضحايا. وهنا تبرز أهمية هذه اللجان في توفير قدر من العدالة للضحايا، وفي الوقت نفسه تحقيق نوع من التوازن داخل المجتمع. وهذا جانب يجب أن تنشغل به النخب المدنية وقيادات الإدارات الأهلية ومكونات المجتمع المدني، بل وحتى العسكريين، عبر التفكير منذ الآن في آليات تشكيل مثل هذه اللجان. 2. التعويضات المالية والمادية: • تعويض مالي مباشر: يمكن للحكومة أو المجتمع الدولي إنشاء صندوق لتعويض الأفراد المتضررين من الحرب والخسائر التي لحقت بهم . • إعادة الممتلكات: في حال تمت مصادرتها أو تدميرها خلال النزاع، تشكيل مفوضية متخصصة تعمل بالتعاون مع مؤسسات دولية لإعادة ممتلكات المدنيين. • إعادة التوطين: يتطلب دعمًا ماديًا ومعنويًا للنازحين داخليًا واللاجئين العائدين، إضافة إلى تسهيل العودة الآمنة عبر توفير وسائل ترحيل مجانية، وتهيئة المقومات الحياتية الأساسية للمواطنين، حيث إن العودة تمثل أحد أبرز مظاهر انتهاء الحرب وأعمال العنف والقتل والسرقات. 3. العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية: • إصدار اعتراف رسمي بانتهاكات الماضي من قبل الدولة والأطراف المتورطة، وهو ما يتطلب شجاعة من قيادة الجيش والدعم السريع والمشتركة للإقرار بأي انتهاك صدر من قواتها أثناء الحرب. • إجراءات إعادة الدمج والتأهيل، خاصة للمقاتلين السابقين والأطفال المجندين، إذ تغفل الدولة السودانية عن أهمية هذا الجانب في كل حروبها. فانتزاع ثقافة العنف والحرب من نفوس المقاتلين والتعامل مع الثارات له أهمية لإعادة استقرار الدولة السودانية ، خاصة لدى الأطفال الذين لم يعودوا يأبهون لمناظر القتلى في الشوارع، له أثر مستقبلي خطير. لذا، يتطلب الأمر إعادة الدمج والإصلاح النفسي. • الإصلاح المؤسسي لضمان عدم تكرار الانتهاكات، بما يشمل إصلاح القضاء والأمن والتعليم ، والمؤسسات العسكرية والأمنية . تجارب أفريقية يجب استحضار دروسها: 1. جنوب إفريقيا – العدالة الانتقالية والمصالحة لجنة الحقيقة والمصالحة (TRC) وثَّقت الانتهاكات خلال نظام الفصل العنصري، وسمحت للضحايا بسماع اعترافات الجناة، مما ساعد في تهدئة الأوضاع وبناء السلام. 2. رواندا – المحاكم المجتمعية (Gacaca Courts) بعد الإبادة الجماعية عام 1994، استخدمت رواندا محاكم محلية مجتمعية لمحاسبة الجناة، مما سهل المصالحة وإعادة بناء الثقة بين المجتمعات. 3. سيراليون – المحكمة المختلطة أنشأت سيراليون محكمة خاصة مدعومة من الأمم المتحدة لمحاكمة مجرمي الحرب، مما ساعد في تحقيق العدالة وتقليل الإفلات من العقاب. 4. ليبيريا – لجنة الحقيقة والمصالحة أوصت بمحاكمات وإصلاحات وساهمت في تعزيز السلام، رغم ضعف تنفيذ توصياتها. السودان أمام تحدٍّ تاريخي: شهد السودان نزاعات طويلة في دارفور ومنطقة أبيي، أثّرت على ملايين المدنيين عبر القتل والتهجير والدمار الاقتصادي. لكن جهود تحقيق العدالة وتعويض الضحايا لا تزال تواجه تحديات كبيرة. بدأ النزاع في دارفور عام 2003 بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية، وشهد انتهاكات جسيمة، منها الإبادة الجماعية والتهجير القسري. وفشلت آليات العدالة في تحقيقها لغياب الإرادة : • المحكمة الجنائية الدولية (ICC): أصدرت مذكرات توقيف ضد عمر البشير، وأحمد هارون، وعلى كوشيب بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد تم تسليم علي كوشيب للمحكمة، لكن الآخرين لم يُحاكموا بعد، ولازالت دارفور ترزح بنيران الحرب السابقة والحالية. • اتفاق جوبا للسلام (2020): نصَّ على تعويض النازحين وإعادة توطينهم، ووعد بإنشاء محكمة خاصة بدارفور لمحاكمة مرتكبي الجرائم، لكنه لم يتحقق منه سوى تقلد المناصب في مجلس السيادة. الأمة السودانية تواجه تحديًا تاريخيًا يهدد وجودها، إذ تتخذ الحرب أبعادًا خطيرة كل يوم، وتتسارع الخطى نحو تقسيم الدولة وقيام حكومتين في نموذج قد يتجاوز بمراحل سوء النموذج الليبي الحالي والصومالي السابق. في عام 2006، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس، أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان، أن "آلام هذه الحرب القاسية ستلد شرقًا أوسط جديدًا". ومنذ ذلك الوقت، بدأ الشرق الأوسط الجديد في التشكل، وكان السودان جزءًا من المخطط لتقسيمه إلى أربع دويلات إثنية. أما الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فقد عبَّر بوضوح عن الوجه السافر لهذه السياسة الجديدة. فهل نعي الدرس، أم سنظل سادرين في حربنا؟ *14 فبراير 2025م*
❤️ 👌 🙏 4

Comments