أُذكر نَفسي قبل نَفسك، وأعِظ حَالي قبل حالِك، وأخاف مِن أن يُنسف عملي قبل مَخافتي على عَملك.. إيّاك أن تَكون نيتك لغيرِ الله في أي عمل تَعمله مَهما صغُر، إيّاك أن تكونَ هَذه النّية باب عَذاب يُفتح عَليك، وإيّاك أن تُرائي للناس لكسبِ مدحهم وحبِهم.. فقد قَالوا.. مَا ضرني بُغض خلقِك فهُم تراب، وَما نَفعني حُب خلقِك إذ هُم تُراب.. إن لم يكُن بِك غَضب عليَّ فَلا أُبالي.. يقول النبي صلَّ الله عليه وسلم : *أوَّلُ النّاسِ يُقضى لَهُم يومَ القيامةِ ثلاثةٌ: رجلٌ استُشْهِدَ فأتيَ بِهِ فعرَّفَهُ نعمَهُ فعرفَها، قالَ: فما عمِلتَ فيها؟ قالَ: قاتلتُ فيكَ حتّى استُشهِدتُ، قالَ: كذَبتَ، ولَكِنَّكَ قاتلتَ ليقالَ فلانٌ جريءٌ، فقد قيلَ، ثمَّ أمرَ بِهِ، فسُحِبَ على وجهِهِ حتّى أُلْقيَ في النّارِ، ورجلٌ تعلَّمَ العِلمَ وعلَّمَهُ، وقرأَ القرآنَ فأتيَ بِهِ فعرَّفَهُ نعمَهُ فعرفَها، قالَ: فما عمِلتَ فيها؟ قالَ: تعلَّمتُ العلمَ وعلَّمتُهُ، وقرأتُ فيكَ القرآنَ، قالَ: كذبتَ، ولَكِنَّكَ تعلَّمتَ العلمَ ليقالَ عالمٌ، وقرأتَ القرآنَ ليقالَ قارئٌ، فقد قيلَ، ثمَّ أمرَ بِهِ، فسُحِبَ على وجهِهِ حتّى أُلْقيَ في النّارِ، ورجلٌ وسَّعَ اللَّهُ علَيهِ وأعطاهُ من أصنافِ المالِ كلِّهِ، فأتيَ بِهِ فعرَّفَهُ نعمَهُ، فعرفَها، فقالَ: ما عمِلتَ فيها؟ قالَ: ما ترَكْتُ من سبيلٍ تحبُّ قالَ أبو عبدِ الرَّحمنِ: ولم أفهَم تحبُّ كما أردتُ أن ينفقَ فيها إلّا أنفقتُ فيها لَكَ، قالَ: كذَبتَ ولَكِن ليقالَ إنَّهُ جوادٌ، فقد قيلَ، ثمَّ أمرَ بِهِ، فسُحِبَ على وجهِهِ، فأُلْقيَ في النّارِ*