
قناة م. سامح بسيوني
February 25, 2025 at 01:34 PM
📚 *بيان واضح .. ودعوة هادمة* 📚
قال الله عز وجل في سورة النبأ: ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِّلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) ﴾
في هذه الأية بيان واضح أن نار جهنم مرصدة للطاغين الذين جاوزوا الحد من المأمور به، من العصاة المخالفين للرسل والظالمين والكافرين بالله؛ فـ جهنم مرصدة ومعدة لهذا الصنف من الناس.
وكلمة "مآبا" تعني مرجعًا ومنقلبًا ومصيرًا ونزلًا لهم.
فـ الآيات السابقة قول فصل في أن الله أعد جهنم لكل من جاوز الحد وخالف المأمور وكفر بالله وخالف رسله ..
وقد بين الله عزوجل أن المكوث فيها يكون أحقابا، في قوله "لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا": أي ماكثين فيها أحقابا متتابعة؛ أي مددا زمنية متتابعة لا تنتهي، كما قال قتادة رحمه الله: "لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا وهو ما لا انقطاع له كلما مضى حقب جاء حقب بعده إلى أبد الابدين" ..
فـ النار مؤبدة في حق الكافرين يمكثون فيها إلى أبد الأبدين، كما قال تعالى: ﴿ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ (97) سورة الإسراء .
وأما عصاة الموحدين الذين خالفوا الأوامر بالذنوب والمعاصي لكنهم لم يكفروا بالله؛ وهم ممن أقروا بالله ربًا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينًا لكنهم تجاوزوا حد المأمور وعصوا أوامر الله وأوامر رسوله، فـ هؤلاء ممن يستحقون العقوبة التي يقدرها الله لهم في دخول النار يبقوا فيها حتى يستوفوا حقهم الذي قدره الله كما شاء الله ثم يخرجون بعد ذلك إلى الجنة برحمة الله، أو قد يعفو الله عنهم برحمته ابتداء فلا يدخلهم النار بفضله ومنه أو بشفاعة الشافعين، أو بالحسنات العظيمة التي فعلوها بالدنيا، أو بالمصائب الكبيرة المكفرة التي قدرها الله عليهم.
والعجيب أن يأتي إنسان في هذا الزمان ويدعي بعد هذا البيان القرآني الواضح أن النار قد تُلغى يوم القيامة فلا يكون هناك نار، فهذا كلام يخالف نص القرآن.
فـ من رحمة الله سبحانه وتعالى أنه يوجد القصاص من الظالمين بعذاب النار، فيقتص فيها الله للمظلوم من الظالم، وللمؤمنين المستضعفين من الكافرين المجرمين الذين يتسلطون عليهم في هذه الدنيا.
ولنعلم أن مقتضى كلام من يقول أن النار قد تُلغى يوم القيامة، يؤدي إلى فساد منظومة الحياة كلها.
فـ الانسان لا يرتدع -على الحقيقة- في هذه الدنيا عن فعل الموبقات أو الفساد في الأرض إلَّا إن كان يخاف الله عزوجل ويخاف عذابه ويرجو رحمته ونجاته، فالكثير من الناس بستطيعون أن يتحايلوا على القوانين حتى لو كانت قوانين دولية كما نرى الآن، وما يردع العبد عن فعل الموبقات أو خيانة أهله أو خيانة وطنه أو الفساد بصوره في الأرض هو أن يخاف من عذاب سيده وربه عزوجل.
لذلك نجد الملحد الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الأخر أكثر الناس شذوذًا وفسادًا وخيانة لوطنه وأمته لأنه لا يؤمن باليوم الأخر ولا يؤمن بالله، وتجد الكافرين لا يرقبون في المؤمن إلَّا ولا ذمة.
فـ دعوة كهذه التي يدعيها هؤلاء -من أن النار قد تُلغى يوم القيامة- هي دعوة لنشر الفساد في الأرض، وبناءًا على هذه الدعوة فليقتل من شاء من شاء فلا حساب عليه ولا عذاب عليه يوم القيامة، وليسرق من شاء من شاء فلا حساب عليه ولا عذاب عليه في نار جهنم يوم القيامة، ولينتهك الأعراض من شاء ما شاء فلا خوف يردعه عن فعل ذلك.
فـ هذه الدعوة الخبيثة تؤدي الى نشر الفساد في الأرض، فهؤلاء يكذبون على الله ويتأولون ذلك بأن رحمة الله وسعت كل شيء فمن رحمته أن يلغي النار، وهذه ليست هكذا فالله هو الذي أقر بوجود عذابه للكافرين وللطاغين، كما أن رحمة الله الواسعة تشمل جميع الخلائق وليس البشر فقط، وكذلك فمن مقتضى رحمة الله عزوجل الواسعة أن يقتص من الظالمين الطاغين رحمة بالمستضعفين المظلومين، فرحمته الواسعة سبحانه وتعالى لا تستلزم أبدا إدعاء إنكار النار أو إلغاءها كما يتأول هؤلاء المفسدين.
✍️ م. سامح بسيوني
❤️
👍
2