البيت السلفي قوي البنيان
البيت السلفي قوي البنيان
February 25, 2025 at 06:26 PM
🔲 هل للمرأة أن تطلب العلم 🔲 الحمد لله وبعد فهناك عبارة تتكرر على ألسن بعض الناس، بل وبعض الفضلاء منهم، (لا تصلح المرأة لطلب العلم). ولست أدري ما دافع هذه العبارة الظالمة، إلا أن يكون جهل القائل بها، أو طغيان لمن لا يرى للمرأة ما كفلته لها الشريعة من حقوق. ولا شك أن هناك أولويات في حياة المرأة،  كما هو الحال مع الرجل، ويلزم من هذا تقديم الأولويات من الجميع. ومن قرأ في سير السلف، ونظر في عناية جمع من النساء بالعلم وأمر التفقه في الدين، لن يجد غضاضة في نفسه من الإقرار بهذا الأمر والاعتراف بأحقية المرأة بالعلم ولا سيما في أمر دينها وعبادتها. 📝 وفي هذه الخاطرة، أوجه الكلام في وقفات يسيرة للمرأة في أمر طلبها للعلم، وعنايتها برفع الجهل عن نفسها، في كل ماهو نافع لها مناسب لحالها، وخاصة أمر التفقه في دينها لما في ذلك من الفضائل والمنافع اللازمة والمتعدية. ففي الحديث: "من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُّ في الدينِ". ▪️الوقفة الأولى:  لابد للمرأة من التفريق بين النوافل والفرائض. فلا تشغلها النوافل عن الفرائض الواجبة عليها،  من خدمة الزوج والنظر في حال الأبناء وما تصلح به حياتهم. وغير ذلك من واجباتها الوظيفية إن كانت موظفة. بل تسعى في تقديم فعل الواجبات على النوافل والمستحبات. ومن هذا المنطلق تفرق بين العلم الواجب العيني والواجب الكفائي وبين ماهو مستحب لها. قال شيخ الإسلام رحمه الله:"أما العلم الذي يجب على الإنسان عيناً كعلم ماأمر الله به، وما نهى الله عنه، فهو مقدم على حفظ مالا يجب من القرآن، فإن طلب العلم الأول واجب، وطلب الثاني مستحب، والواجب مقدم على المستحب. وأما طلب حفظ القرآن: فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً: وهو إما باطل، أو قليل النفع، وهو أيضا مقدم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع، فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن، فإنه أصل علوم الدين". ▪️الوقفة الثانية : طلب العلم من الجهاد، وتشتد أهمية الاستمرار مع مزاحمة غيره له، والعاقلة الفطنة من تقدم النافع على الأقل نفعا، فضلا عن الضار . قال ابن القيم : " قوام الدين بالعلم والجهاد". وفي طلب العلم من اللذة والانتفاع ماليس في كثير من العبادات فضلا عن غيرها. قال الشافعي رحمه الله: «طلب العلم أفضل من صلاة النافلة». ▪️الوقفة الثالثة: وجود الزواج والأولاد ليس عذرا لترك طلب العلم، بل قد يكون أكثر تفرغا، لمن وفقها الله لزوج يعينها، وأحسنت في ترتيب وقتها، وضبط أولوياتها. قال العلامة العثيمين رحمه الله :" الزواج لا يَعُوقُ عن طلب العلم ، بل ربما يعين على طلب العلم ، قد يوفق الإنسان لامرأة تقرأ وتكتب وتساعده ، فإن لم تكن ، فأقل ما يكون أن تذهب عنه الوساوس والتفكير في الزواج ، فالزواج يعين على طلب العلم". ▪️الوقفة الرابعة: لابد للمرأة -مع مشاغلها وظروفها- أن تنتقي من العلوم أنفعها، ومن الفنون أرفعها، وأن تنتقي من يعينها على الاستمرار في طريق الطلب، وتعتني بأمر التدرج، حتى لا يذهب عمرها سدى، فتفيق من غفلتها وقد فات من قوّتها وعزمها ما يعسر عوده. فتمشي في طلبها مشيا صحيحا، على نظر صحيح. ▪️الوقفة الخامسة:  عدم التشاغل بمُلح العلم عن عُقده وأصوله، فنجد من طالبات العلم من تشغلها الخواطر، والعبارات الرنانة عن تحصيل النافع المفيد، وإنما تجعل لهذه اللطائف من أوقات فراغها، وحال راحتها، ما يكون منشطا لها قال الشاطبي رحمه الله : "من العلم ما هو من صلب العلم، ومنه ما هو من مُلح العلم، لا من صلبه؛ ومنه ما ليس من صلبه ولا من مُلحه". .  ▪️الوقفة السادسة: لا تلازم بين طلب العلم والوظيفة الدعوية: فليس من الضرورة بحال أن يكون الدافع إلى طلب العلم هو الوظيفة الدعوية أو العمل الوعظي ونحو ذلك. وإن كان من ارتبط بوظيفة لها تعلق بالعلم الشرعي دعاه هذا الأمر إلى مزيد من العناية والرعاية، ليكون متقنا في مجاله. لكن طلب العلم الشرعي الواجب، أمر مفروض على المرأة كانت موظفة في وظيفة دعوية، أو غير ذلك كالطبيبة والمدرّسة والعاملة في أي مجال. ▪️الوقفة السابعة: أحق الناس عناية من المرأة من قارَبها من أهلها كوالديها وزوجها وأبنائها،  فتعتني بأمر صلاحهم واستقامتهم، وإرشادهم إلى ما ينفعهم، لا أن تتأثر بضعفهم، وتستسلم لانصرافهم عن الطاعات أو العلم. بل يدعوها هذا الحال إلى مزيد العناية بهم وأمر دينهم، وهي في كل ذلك مأجورة على صبرها وجهادها. ▪️الوقفة الثامنة: العناية بترتيب الوقت، والاجتهاد في جدولة الأعمال، حتى لا يضيع زمن دون فائدة، ولا تذهب ساعة دون انتفاع. والانتباه إلى عدم اليأس أو الإحباط، بسبب ضعف الفهم، أو قلة التحصيل،فالبركة من الله، ومن داوم على الطلب، وعلى سلامة الطريق في ذلك، فسيفتح له من أبواب الفهم والخير ما يتعجب منه بإذن الله. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه 🖋كتبه د. محمد بن غالب العُمري ٢/ ذو القعدة/ ١٤٤١ه.

Comments