العروة الوثقى الزيدية
العروة الوثقى الزيدية
February 1, 2025 at 05:04 PM
[المقصود بما ورد في ذم الدنيا] سؤال: سمعنا الكثير في ذم الدنيا، والأمر بتجنبها؛ فهل يراد بذلك أن يتجنب المكلف الغنى ويختار الفقر؟ وما هو المذموم منها بالتحديد؟ ثم ما هو الذي لا يذم عليه المكلف بالتحديد؟ الجواب والله الموفق: أنه قد جاء الكثير من الذم للدنيا في الكتاب العزيز وفي سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وفي كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي كلام الأئمة وغيرهم، والمقصود بذلك: هو ذم الاغترار بها، لا ذم الدنيا ومتاعها، فليس على المسلم حرج في أن تمتلئ بالدنيا يديه، ولكن لا يمتلئ منها قلبه. وقد قال سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:٣٢]، وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون:٥١]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢} [البقرة]، وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة:٢٩]، وقال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:٢٧٥]، وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:١٩٨] .. إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى. فمن هنا نقول: ليس المقصود بذم الدنيا أن يتجنب المسلم الغنى ويختار الفقر، والمذموم من الدنيا بالتحديد هو أن يشتغل المسلم بالدنيا عما أوجب الله عليه يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون]، وقال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة:١١] .. إلى غير ذلك. أو أن يطلب المكلف الدنيا ومتاعها من غير الوجه الذي أذن الله فيه إما عن طرق الربا أو الغش أو الخيانة، أو بالأيمان الفاجرة، أو بالغصب والنهب وقطع الطريق، أو ما شابه ذلك مما حرم الله على عباده أن يدخلوا فيه. ومن ذلك أن يمنع صاحب المال الحقوق الواجبة عليه كالزكاة والخمس، وما يلحق بذلك من حقوق الأرحام والضيفان والجيران ونحو ذلك. ومن ذلك: أن ينفق المال في غير محله كأن يعطي الزكاة غير مستحقها، أو ينفق رياءً وسمعة، أو يعاون بها الظالمين، أو يدلي بها رشوة إلى الحكام ليأكل أموال الناس بالباطل، أو يسخرها لظلم الناس والتكبر عليهم، وما أشبه ذلك من التصرفات المحرمة. أما غير ما ذكرنا فليس به بأس ولا على صاحبه حرج، فلا على المسلم أن يتنعم في الحلال فيأكل ما شاء من أنواع الطيبات، ويشرب ما شاء، ويلبس ما يريد، ويركب ويسكن وينكح، وليس عليه في ذلك ذنب ولا يلحقه عقاب. ولكن يجب على المسلم أن يشكر الله تعالى على ما أولاه من النعم، وأن يقوم بتأدية الحقوق اللازمة، وأن يتحرز من الاغترار بالمال فإن الإنسان بطبيعته كما وصفه الله في قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٧} [العلق]. ➖➖➖➖➖➖ #من_ثمار_العلم_والحكمة_فتاوى_وفوائد #للسيد_العلامة_الحجة: #محمد_بن_عبدالله_عوض_المؤيدي (أيده الله وحفظه ) #العروة_الوثقى_الزيدية https://whatsapp.com/channel/0029Va93xv11NCrcLbXtSz2K/1377
👍 ❤️ 🇳🇬 🇵🇰 🇹🇯 🇾🇪 🙏 39

Comments