
العروة الوثقى الزيدية
February 18, 2025 at 08:55 PM
【هل المكلف مختار في أفعاله ؟ أم مسير وماهي الأدلة على ذلك 】اختيار المكلف
و ِمما حصل فيه اختلاف: اختيار المكلف: فأئمتنا يقولون باختيار المكلف، وأنه ليس بمضطر، ولا بمجبر على الفعل أو الترك، فهو قادر على الفعل وعلى تركه بقدرة متقدمة ليست بموجبة للمقدور.
وهذه المسألة هي إحدى المسائل الخلافية الكبيرة التي يتفرع عليها لزوماً مسائل عظيمة هي:
١ - تكليف ما لا يطاق، ومن هنا قال الرازي في المحصول: إن التكاليف بأسرها تكليف ما لا يطاق.
٢ - تخليد أهل النار وتعذيبهم بغير ذنب، وهذا عين الظلم، تعالى الله عن ذلك.
٣ - إبطال الفائدة في إنزال الكتب، وبعث الرسل، وفي هذا هدم حكمة الحكيم.
٤ - قيام الحجة للفاجرين، ودحض حجة أحكم الحاكمين.
٥ - الرد والتكذيب لآيات الكتاب الكريم.
٦ - نسبة القبائح والفواحش إلى الملك القدوس، وهو ما يسميه المخالفون توحيد الأفعال.
فعندهم أن كل حركة في الكون من طاعة أو معصية أو حسن أو قبيح أو نكاح أو زنا أو لواط، أو صلاة أو صيام، أو عدل وإحسان، أو كفر وطغيان، أو صدق أو كذب فهو من الله، والله خالقه، فإذا قلت: إن المعصية من الإنسان. قالوا: أنت مشرك، لأن تمام التوحيد عندهم أن كل فعل هو من الله لا يشاركه في أي فعل شريك.
نعم، الاستدلال على أن الإنسان مختار في تصرفاته كالاستدلال في المسألة السابقة، من أن الواحد نصف الاثنين، فالقول بالجبر والاضطرار مذهب خرافي لا يليق بأهل العقول الاشتغال به، ولا تحرير القال والقيل، فالعقل بفطرته يسفهه ويرذله جملة وتفصيلاً.
ولكن العلماء رحمهم الله زيفوا هذا المذهب بكل ما آتاهم الله من البينات والحجج، وبَيَّنُوا شناعتَهُ لِمَا يترتب عليه من هدم قواعد الإسلام من أساسه، ولِمَا أوجب الله عليهم من البيان للناس، ومن أدلتهم على بطلان الجبر والاضطرار ما يجده العاقل من نفسه بالضرورة من الفرق بين حركة المرتعش من البرد وبين حركته الطبيعية، وما هو إلا أن الأخرى متوقفة على إرادته واختياره دون الأولى، وكذلك حركة الحيوان وحركة الجماد، ومن هنا لم يحسن أن نقول للطويل: لِمَ طالتْ قامتُكَ؟، وللقصير: لِمَ قَصُرَتْ قامتُكَ؟، كما يَحْسُنُ أن نقول للظالم: لِمَ ظلمتَ؟، وللكاذب: لِمَ كذبتَ؟.
وهناك آيات من الكتاب العزيز يستدلون بها على أن الإنسان غير مختار في أفعاله، وهذه الآيات لها وجوه متعددة يمكن أن تفسر بأكثر من تفسير واحد.
فأئمتنا عليهم السلام فسروا كل آية بالتفسير المناسب لفطرة العقل، واللائق بعدل الله وحكمته، والموافق لنصوص القرآن، والذي ينبغي معرفته أن آيات القرآن بعضها محكم، وهو الأصل، وعليه الاعتماد في بناء العقائد الإسلامية، وبعضها متشابه لا يجوز الأخذ بظواهر معانيها ولا الاعتماد عليها في تأسيس العقائد. ومن هنا يقول الله سبحانه وتعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧} [آل عمران]، وللإمام الهادي عليه السلام في أجوبته على ابن الحنفية تفسير لأكثر الآيات في هذا الباب، فمن أرادها فهي موجودة في المجموعة الفاخرة. نعم، والمتشابه هو الذي يمكن أن يفسر بأكثر من تفسير، فأئمتنا عليهم السلام يفسرونه بالتفسير المتوافق مع المحكم، صيانةً للكتاب من التناقض والاختلاف لو فُسِّرَ بغيره.
--➖➖➖➖➖➖--
#نظرات_في_ملامح_المذهب_الزيدي
#للسيد_العلامة_الحجة:
#محمد_بن_عبدالله_عوض_المؤيدي (أيده الله وحفظه )
#العروة_الوثقى_الزيدية

👍
❤️
🇾🇪
😂
🙏
🤲
🫶
38