البرهان في تفسير القرآن
البرهان في تفسير القرآن
February 26, 2025 at 01:50 PM
إمامُنا السجّاد يُحدّثنا عن صِفات أولياء أهل البيت الصادقين: يغضبونَ لِمحارم الله إذا استُحلّت مثل النمر إذا جُرِح ❂ يقولُ إمامُنا السجّاد "عليه السلام": (قال موسى بن عمران: يا ربِّ.. مَن أهلُك الذين تُظِلُّهم في ظِلِّ عرشك يومَ لا ظِلَّ إلّا ظِلُّكَ؟ فأوحى اللهُ إليه: الطاهرةُ قُلُوبُهم، والبريّةُ أيديهم، الذين يذكرونَ جلالي ذِكْرَ آبائهم. إلى أن قال: والذين يغضبونَ لِمحارمي إذا استُحلّت مِثل النمر إذا جُرِح) [وسائل الشيعة] [توضيحات] • قوله: (والبريّةُ أيديهم) أي أنّ أياديهم بريئةٌ مِن السُحت والسرقةِ.. ومن الحرام بكل أشكاله • قولهِ: (الذين يذكرون جلالي ذِكْرَ آبائهم) جاء ذِكرُ الجلال هنا لأنّ الجلال يُلازمُهُ الخوف والهيبة والخشية ليس كالجمال الذي تُلامِسُهُ معانٍ أُخرى فذِكْرُ الجلال فيه إشارةٌ إلى الخوف والهيبة والخُضوع والانقياد والخشية والعبودية في أوضح معانيها • قولِهِ: (والذين يغضبون لِمحارمي إذا استُحلّت مِثل النمر إذا جُرِح) سيتبادرُ إلى أذهان الكثيرين أنّ المُراد مِن المحارم هنا هي المُحرّماتُ الفِقهيّة.. وهذا الفهم ليس دقيقاً المُحرّماتُ الفِقهيّةُ هي محارمٌ وأمورٌ مذمومةٌ قطعاً في دِيننا.. ولكنّها ليست أعلى درجات المحارم المعنى الأصل للمحارم وِفقاً لمنطق أهل البيت هي منازل أهل البيت.. هذه أعلى درجات المحارم فأهلُ البيت هم الدين الحرام، وتأتي أحكامُهُم وآدابُهُم في حاشية الموضوع أمّا كونُهم "صلواتُ الله عليهم" هم الدين الحرام.. فهذا المضمون واضحٌ في رواياتِهم، مِنها على سبيل المِثال: ما جاء في إحدى خُطَب سيّد الأوصياء التي يقولُ فيها: (أنا البيتُ المعمور، أنا السقفُ المرفوع، أنا البحرُ المسجور، أنا باطِنُ الحَرَم) البيتُ المعمور في روايات العترة هو أصلُ البيت الحرام، وهو موجودٌ في السماء الرابعة.. هو تجلٍّ مِن تجليّات العرش أمّا قولُ الإمام: (أنا باطِنُ الحَرَم) يعني هو جوهر الكعبة لأنّ الحَرَم أوسعُ مِن المسجد الحرام فالباطِنُ الأوّل للحَرَم هو المسجدُ الحرام وباطنُ المسجد الحرام هو الكعبة فالكعبةُ هي الباطنُ العميق للحَرَم وباطنُ الكعبة نُورٌ تجلّى مِن عليٍّ "عليه السلام" فحين يقولُ أمير المؤمنين: (أنا باطِنُ الحَرَم) يعني هو جوهر الحَرَم فالكعبة بمثابة الأصداف الثمينة، والّلؤلؤة فيها هي نُورٌ عليٍّ ✦ رواية أُخرى تُشير إلى أنّ أهل البيت هم محارمُ الله تعالى ما جاء في رواية إمامِنا الصادق التي تحدّثت عن مِعراجِ نبيّنا ووصولِهِ إلى السماء الرابعة التي فيها البيت المعمور الذي هو أصلُ البيت الحرام في السماوات تقول الرواية: أنّهُ لمّا نَظَرَ رسولُ الله إلى البيت الحرام وإلى أصلِهِ في السماء الرابعة.. قال له اللهُ عزّ وجلّ: (يا مُحمّد، هذا الحَرَمُ وأنت الحرام، لِكُلِّ مَثَلٍ مثال) • قولِهِ: "هذا الحَرَم" أي ما تجلّى وما ظَهَرَ في تلك الطبقات النوريّة التي مِن مظاهرها في الأرض الحَرَم والبيت الحرام وأمّا أنت يا مُحمّد فأنت الحرام.. يعني أنت الجوهر، أنت الأصل.. ■فحين يقولُ اللهُ في وصفِ الذين يُظِلُّهم تحت عرشِهِ أنّهم (يغضبون لِمحارمي إذا استُحلّت) يعني يغضبون لأهل البيت إذا انتُهكت حُرمَتُهم، وأُسيئ إليهم وانتُقِص مِن شأنهم، هؤلاء الذين تتحدّث عنهم الرواية يغضبون لأهل البيت "مِثل النمر إذا جُرِح" وهي عبارةٌ جميلة، لأنّ النمر إذا جُرِحَ فإنّهُ يُخفي غَضَبَه، ولكنّهُ يبقى مُترصّداً بعدّوه وتلك هي التقيّة في أُسلوبها الذي يكون ناصراً للحقِّ وخاذلاً للباطل، أمّا التقيّة التي يترتّب عليها خِذلانُ الحقِّ وتأييد للباطل فليست بتقيّة. #الثقافة_الزهرائية
❤️ 👍 2

Comments