لِتسكنوا إليها 🎀
لِتسكنوا إليها 🎀
February 6, 2025 at 04:53 PM
مهمة الأم ليست سهلة، ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو متغافل. فهي المسؤولية العظمى التي تحتاج إلى صبر وعزيمة، وأجرها عند الله عظيم. وقد بيَّن رسول الله ﷺ شروط دخول المرأة الجنة بقوله: “إذا صلَّت المرأةُ خمسَها، وصامت شهرَها، وحفِظت فرجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ.” للوهلة الأولى قد يبدو للبعض أن هذه الشروط يسيرة، ولكن الواقع والتجربة تُثبتان غير ذلك! فتربية الأبناء تربية صالحة، والحرص على أخلاقهم وعقيدتهم، والسهر على راحتهم، مع المحافظة على النفس والدين، والقيام بحقوق الزوج، كل ذلك يحتاج إلى امرأة عظيمة، سلَّمت أمرها لله، وأدركت قيمة دورها. لذلك، قلَّ من يصمد في هذا الطريق، ونرى اليوم عزوف كثير من “النسويات” عن هذا المنصب العظيم، وسعي الغرب الدؤوب لهدم هذه القلعة الحصينة، لأنها الأساس الذي يُخرّج أجيالًا واعيةً وقويةً، ويحفظ تماسك المجتمعات. إن تقوية الأم علاقتها بربها، وتجديدها بين الفينة والأخرى، أعظم من أي دورة تدريبية أو نصيحة بشرية قد تتلقاها. فالمرأة التي تعي مهمتها حق الإدراك تدرك أن سعادتها ونجاحها يبدأ من علاقتها بالله. ومع ذلك، فإن هذه الصفات الفطرية التي وُضعت في قلب كل امرأة ليست سهلة التوازن، بل تحتاج إلى مجاهدة مستمرة، لأن لكل طفل طبيعته الخاصة، وليسوا جميعًا على وتيرة واحدة. فبعض الأطفال هادئون، يسمعون الكلام، وينامون بسهولة، بينما هناك أطفال يكون الصبر على تربيتهم سببًا في دخول الجنة، لشدة صعوبة التعامل معهم. فتجد الأم تركض إلى طفلها المريض، وتسهر الليل بجواره، ثم تستيقظ في الصباح مرهقة، فلا تجد وقتًا أو طاقة لوردها من القرآن والذكر. وبينما هي تصلي، يركض طفلها الآخر نحو شيء خطر، فتضطر إلى قطع صلاتها، أو تفكر أثناء السجود في الحليب الذي لم تُحضّره بعد، أو الحفاض الذي يجب تغييره. ومع هذا الضغط، قد تبدأ الأم شيئًا فشيئًا بترك حبل الله، ليس عمدًا، ولكن انشغالًا، حتى تضعف روحها، ويثقل قلبها، فتشعر بأنها سقطت، ولا تستطيع القيام بعدها. لكن الله لطيف بعباده، وهو الذي أدرج هذه المشقة في طريق الأم ليكون أجرها عظيمًا. فالمهم ألا تستسلم، وألا تترك نفسها للضعف. فإن وجدت أنها انشغلت عن الصلاة، فلتجدد نيتها، وإن سهرت عن القرآن، فلتعد إليه ولو بآية، وإن تركت الأذكار، فلتبدأ من جديد. لأن السقوط الحقيقي ليس في التعثر، وإنما في عدم المحاولة للنهوض. وهنا لا بد من التنبيه: هذا الكلام ليس تخويفًا لمن لم تدخل هذا الباب بعد، ولا تقليلًا من همة الأمهات المجتهدات، بل هو كشف لحقيقة الواقع وعظمة ما أنتِ مقبلة عليه، حتى تدخليه وأنتِ على بصيرة، وتدركي أن مشقتكِ لها ثمن عظيم عند الله. أما الأمهات اللاتي يسرن في هذا الطريق بكل جهد، فوالله لا توجد كلمة تصف ما تبذلنه إلا جزاكِ الله خيرًا، وثبّتكِ على الإسلام والسنة حتى تلقينه.
❤️ 1

Comments