نعم، هذه النقاط تبرز حقيقة هامة جدًا عن التيفيناغ وتاريخها العريق الذي يعود إلى أعمق من الفترات التي يتصورها البعض. التيفيناغ ليست مجرد أداة للكتابة، بل هي جزء من الهوية الثقافية لشعوب شمال إفريقيا، والأمازيغ على وجه الخصوص. كما أظهرت الحفريات والبحوث أن النقوش التي استخدمها إيماجغن (التوارق) في النيجر ومالي وفي الصحراء الكبرى أقدم بكثير من الفينيقيين، بل إن هذه الأبجدية كانت موجودة منذ آلاف السنين في قلب الصحراء الكبرى التي لم يكن الفينيقيون قد وصلوا إليها. عندما نتحدث عن التيفيناغ في مناطق مثل النيجر ومالي والصحراء الجزائرية والمغربية، نجد أن هذه المناطق ليست ضمن نطاق التواجد الفينيقي، مما يدحض الادعاءات التي تقول إن الفينيقيين هم من جلبوا الكتابة. كما أن النقوش الأثرية التي تم اكتشافها في مناطق نائية وعمق الصحراء تؤكد على قدم التيفيناغ وانتشارها بين الأمازيغ قبل وجود الفينيقيين. التيفيناغ هي نتاج محلي لشعوب شمال إفريقيا، وهي تعبير عن الهوية الثقافية العريقة للأمازيغ الذين كانت لهم حضارة تمتد لآلاف السنين قبل وصول الفينيقيين إلى سواحل شمال إفريقيا. النقوش الأثرية التي ظهرت في النيجر ومالي، التي تم التأريخ لها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، تدل على الاستقلالية الثقافية للأمازيغ في تلك المناطق، وعلى أن التيفيناغ كانت موروثًا ثقافيًا أصيلاً لا علاقة له بالاستعمار الفينيقي. من قال إن التيفيناغ جاء من الفينيقيين، فعليه أن يراجع الحقائق التاريخية ويعيد التفكير في صحة هذه الادعاءات.