
محمد خالد
February 10, 2025 at 11:31 AM
*قيامة سوبرنوفا*
الفصل الأول
وصلتني رسالة بريد الإلكترونية في ساعة متأخرة من الليل. بلا عنوان، بلا توقيع. مجرد كلمات قليلة:
_"إذا كنت تريد الحقيقة، اقرأ. وإذا كنت تخشى ما ستكتشفه، امسح كل شيء."_
كان هناك مرفق واحد، ملف مضغوط يحمل اسمًا غامضًا: " _قيامة سوبرنوفا"_ . بدا وكأنه تقرير استخباراتي، أو ربما وثائق مُسرّبة من مصدر مجهول. لم يكن بإمكاني مقاومة الفضول. ضغطت على الملف، وأدخلت كلمة المرور المرفقة في الرسالة.
ثم انفتح أمامي عالم لم أكن مستعدًا له.
عشرات الوثائق، محادثات، صور، وتقارير سرية. كلها تدور حول رجل واحد: إبراهيم. لم يكن اسمًا مألوفًا، لكنه بدا وكأنه محور قصة لم يسمع بها أحد. في البداية، اعتقدت أنها مجرد مذكرات شخصية لشخص مرّ بتجربة غريبة، لكن كلما تعمقت في القراءة، أدركت أن الأمر أكثر خطورة.
لم تكن مجرد قصة حياة.
بل كانت تحذيرًا… أو ربما اعترافًا أخيرًا قبل فوات الأوان. وعلى مدى اشهر كنت اقرا وأستنتج وابحث وادون الملاحظات.
_"لطالما اعتبرتُ نفسي 'آخر العظماء'. لم يكن هذا غرورًا، بل قناعة راسخة—قناعة تشكّلت عبر سنوات من الذكاء، الخبرة، والخسائر."_
رجل في منتصف الأربعينيات، وسيم، أنيق، ذو بنية رياضية، وذكاء حاد يفرض الهيبة على كل من يلتقيه. عيناي لم تكن مجرد نافذة إلى روحي، بل بوابة إلى عالم من الأسرار. لكن تحت هذه الهالة من القوة، كان هناك ظلٌ لا يفارقني. ماضيّ لم يكن نظيفًا، ولم يكن يُفترض به أن يكون كذلك.
كنت دائمًا أرى ما لا يجب أن يُرى… وأتحمل العواقب."
لم يكن إبراهيم مجرد مبرمج أو مهندس أنظمة عابر. كان شخصًا يعرف كيف يعمل العالم، وكيف يعبث بالقواعد دون أن يُكشف أمره. لكن الذكاء ليس دائمًا نعمة. فحين تملك القدرة على رؤية ما لا يجب أن يُرى… عليك أن تتحمل العواقب.
قبل أكثر من عقدين، عندما تخرّج من الثانوية بتقدير امتياز، فتحت له الأقدار بابًا نحو المستقبل. كان ذلك بفضل والد صديقه إيهاب، الرجل النافذ، الذي ساعدهما في الحصول على بعثة دراسية تنتهي بوظيفة مرموقة في إحدى شركات البرمجيات العالمية.
لكن إيهاب لم يأخذ الأمر بجدية—استقر في أمريكا، تزوّج، وترك كل شيء خلفه. أما إبراهيم، فقد غاص في عالم البرمجة، أصبح مهووسًا بأنظمة الحماية والاختراق، يتنقل بين الشفرات وكأنها مدينة أخرى يسكنها وحده.
في إحدى مراحل عمله، مُنح جهاز حاسوب متطور، ميزة لا يحظى بها سوى القلة المتميزة من موظفي الشركة. لكنه لم يكتفِ باستخدامه وفق المسموح، بل أضاف إليه برمجياته الخاصة، أدواته السرية التي طورها في الخفاء.
أطلق عليه اسم *"الشبح"* .
لم يكن الشبح شيئًا ملموسًا… كان فكرة، أداة، مجرد جزء آخر من ذكائه.
لكن الأفكار لها أثمان. وأحيانًا… يكون الثمن أغلى مما يتخيله أحد.
*هنا توقفتُ.*
كان إبراهيم يكتب وكأنه يعلم أن أحدًا ما سيقرأ كلماته يومًا ما. كلماته لم تكن مجرد سرد لحياته، بل كانت رسالة مشفّرة تحمل أكثر مما تقوله بشكل مباشر.
لكن السؤال الذي لم أستطع التوقف عن التفكير فيه:
*لمن كان يكتب هذه المذكرات؟ ولماذا الآن؟*
*بقلم محمد خالد*