
التصفية والتنقية
February 24, 2025 at 05:31 PM
ظاهرة البحث عن الأصوات
الجميلة والحسنة في التراويح:-
مع دخول رمضان من كل عام؛ يبدأ كثير من المصلين بعمليات البحث الحثيثة عن أئمة مساجد يتمتعون بأصوات جميلة كي يصلوا خلفهم التراويح! فترى بعضهم يطوف الحارات والشوارع والأحياء بحثا عن الإمام المنشود! لقد فعلت الغفلة والمعاصي في قلوب الناس فعلتها، فأصبح كثير منهم لا يتأثرون بكلام الرحمن ولا يتعظون بمواعظ القرآن! وإنما يتأثرون بأصوات ونبرات ونغمات القُرّاء والأئمة؛ لأن من ذكرنا قد ألِفُوا الأصوات المطربة من المغنين والمنشدين وأصحاب الشيلات والزوامل وغير ذلك! فصاروا يريدون سماع القرآن بأصوات تطربهم وتناسب أذواقهم والى الله المشتكى!.
قال ابن الحاج في كتابه المدخل:
... ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻮﻡ ﻳﻘﺪﻣﻮﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺼﻠﻲ ﺑﻬﻢ ﻟﺤﺴﻦ ﺻﻮﺗﻪ -قال- ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻮﻩ ﻟﻴﻐﻨﻲ ﻟﻬﻢ! ﻭﻫﺬا ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺮﻳﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءﺓ ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮاﺋﻖ اﻟﺘﻲ اﺻﻄﻠﺤﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻬﻨﻮﻙ ﻭﺃﻣﺎ ﻟﻮ ﻗﺪﻣﻮﻩ ﻟﺪﻳﻨﻪ ﻭﺣﺴﻦ ﺻﻮﺗﻪ ﻭﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻓﻼ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬا ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ..) وقبل ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
في الحديث الصحيح:[ بادروا بالأعمال خصالا ستا إمرة السفهاء وكثرة الشُّرَط وقطيعة الرحم وبيع الحكم واستخفافا بالدم ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم ما يقدمونه إلا ليغنيهم ] . وقد صححه الألباني كما في مجلد: السلسلة الصحيحة - مختصرة ورقم الحديث: 979. ومن شدة الافتتان بالأصوات أن تجد بعض الناس يطلبون من إمام مسجدهم أن يقلد كل يوم قارئا معينا وإلا لم يحظ بإعجابهم! وربما أزاحوه من الإمامة بسبب عدم قدرته على التقليد! ولأجل ذلك؛ ترى كثيرا من الأئمة يتكلفون تقليد القُرّاء في صلاة التراويح وغيرها بطريقة ثقيلة ومقززة حتى إن الصلاة وراء بعض المقلدين تزيد القلب قسوة ونفرة والعياذ بالله. والمطلوب من المسلم أن يصلي حيث يجد الخشوع، لا أن يتتبع الأصوات الحسنة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«ليصل أحدكم في المسجد الذي يليه ولا يتتبع المساجد»! وقال: « إن أحسن الناس صوتا بالقرآن من إذا سمعتوه حسبتموه يخشى الله»، ولا تفهم من كلامنا أن الصوت الحسن لا يزيد القرآن حسنا! بلى وربي إنه ليزيده حسنا وجمالا، كيف لا يزيده والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول كما في حديث البراء الصحيح: «ﺯﻳﻨﻮا اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﺻﻮاﺗﻜﻢ ﻓﺈﻥ اﻟﺼﻮﺕ اﻟﺤﺴﻦ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﺴﻨﺎ»، رواه الحاكم وتمَّام في فوائده وجاء عند أبي داوود والدارمي بلفظ:«حسِّنوا القرآن بأصواتكم..» والحديث صححه الألباني في غير ما كتاب من كتبه. فلا يلتبس عليك هذا الأمر؛ فمرادنا والمذموم في ديننا هو أن يُجْعَلَ الصوت الحسن شرطا وأصلا في الإمامة أو يدخله التمطيط والتقليد أو يكون طلبه والبحث عنه بالصور المُتَكَلَّفة والشاقة والمقززة التي أشرنا إليها، والله من وراء القصد .
👍
❤️
5