
🎥🎙️تسجيلات ومقاطع ومقالات الدكتور حيان اليافعي
January 31, 2025 at 12:37 PM
إن العقل السليم والفطرة النقية يدلان على أن الله سبحانه وتعالى كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا يمكن أن يتصف بأي نقص أو عيب. فالكذب، والعجز، والتغير، والموت كلها صفات نقص تتنافى مع الكمال الإلهي المطلق، ومن ثم فإنها لا تليق بالخالق سبحانه.
1. استحالة الكذب على الله:
الله عز وجل هو الحق المطلق، وصدقُه واجبٌ بذاته، فلا يمكن أن يكذب، لأن الكذب يتنافى مع صفة الكمال والعلم المطلق. يقول القرآن الكريم:
“وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم” (الأنعام: 115).
كما أن الكتاب المقدس يشير إلى أن الله لا يكذب، كما جاء في سفر العدد:
“ليس الله إنسانًا فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟” (العدد 23: 19).
2. استحالة أن يُميت الله نفسه:
الموت نقص وعجز، والله سبحانه وتعالى هو الحي القيوم الذي لا يموت. جاء في القرآن:
“وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده” (الفرقان: 58).
وفي الكتاب المقدس نجد:
“الملك الأبدي الذي لا يفنى ولا يُرى” (تيموثاوس الأولى 1: 17).
فلو كان الله يموت، لكان حادثًا، والمحدَث لا يكون إلهًا، وهذا يتنافى مع أزلية الله وبقائه المطلق.
3. استحالة أن يكون الله بشرًا أو أن يكون له ولد:
البشر كائنات مخلوقة ناقصة، تحتاج إلى الطعام والشراب، وتتعرض للمرض والتعب والموت، وكل هذه صفات لا تليق بالخالق. لذا، لا يمكن أن يكون الله بشرًا، لأن ذلك يتعارض مع كماله. يقول القرآن الكريم:
“ليس كمثله شيء وهو السميع البصير” (الشورى: 11).
“قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد” (الإخلاص: 1-4).
وفي الكتاب المقدس نجد تصريحًا بأن الله ليس إنسانًا:
“لأني أنا الله لا إنسان، القدوس في وسطك” (هوشع 11: 9).
وكذلك، فإن فكرة أن يكون لله ولد تتنافى مع غناه المطلق، فالحاجة إلى الولد تعني النقص والحاجة، والله سبحانه هو الغني الحميد، كما قال:
“وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا، لقد جئتم شيئًا إدًّا” (مريم: 88-89).
قدرة الله لا تتعلق بالمستحيلات المنطقية أو النواقص
عندما نقول إن الله “على كل شيء قدير”، فإن هذا لا يعني أن الله يفعل ما يناقض ذاته أو كماله. فمثلاً، لا يمكن أن يخلق إلهًا آخر، لأن ذلك يعني أن هناك إلهًا مخلوقًا، والمخلوق ليس بإله. كذلك، لا يمكن أن يفعل ما هو محال في ذاته، كأن يكذب أو يموت أو يكون محدودًا بجسد بشري.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
“إنما يُعد من القدرة ما كان ممكنًا في نفسه، فأما الممتنع لذاته فليس شيئًا باتفاق العقلاء، فلا يكون داخلاً تحت المقدور.”
وبهذا يتضح أن قدرة الله تتعلق بكل ما هو ممكن، لكنها لا تتعلق بما هو مستحيل ذاتيًا أو ما ينافي كماله سبحانه وتعالى.
فالله عز وجل هو الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله، فلا يتصف بأي نقص أو عيب، ولا يتجسد، ولا يموت، ولا يكذب. فالعقل، والفطرة، والقرآن الكريم، كلها تدل على تنزيه الله عن هذه النقائص. والواجب على الإنسان أن يعبد الله كما أخبر عن نفسه، لا كما يتخيله أو يظنه.