
خواطر
February 23, 2025 at 08:52 PM
لا أحد يمكنه ركوب ظهرك ما لم تكن أنت منحنياً. لهذا فالمتنمر يصطاد ضحاياه في المدرسة أو العمل أو الشارع بملاحظة ميلهم للعزلة وخوفهم من الاختلاط مع الآخرين. يعجبه أن يظهر أمامك الشفقة والرحمة بك، ليعود وينشر عند الآخرين أخباراً سيئة عنك وعن هشاشتك وحاجتك الماسة له. هو يزدريك ويشفق عليك في آنٍ واحد.
إذاً كيف يمكنك أن تكتسب ( جلد تمساح ) ؟
إن أهم لقاح ضد العلاقات السامة، والمتنمرين بمختلف أنواعهم هو علاقات أسرية قوية ومتينة، تشعر فيها بأنك مقدّر ومحترم. وأن رأيك مسموع وصوتك واصل وله قيمته وحجمه، وأنك مرئي ولست كائن هلامي لا أحد يراك، ولا أحد يهتم بك، ولا أحد يلتفت لشكواك أو معاتبتك أو صوت وجعك وأنينك. فاذا كنت يا صديقي القارىء أو كنت عزيزتي القارئة من النوع الثاني، الذي تعرض للإهمال العاطفي في طفولته فهذا سيجعلك عرضة أكثر من غيرك للعلاقات السامة. وخير وسيلة لتفادي مضاعفاتها أن تحصن نفسك بمناعة ذاتية ومرونة نفسية وصلابة معنوية. بمعنى أن لا تنتظر من أي أحد، وأياً كانت علاقتك به أن يدلعك ويشفق عليك، احذر أن تبحث عن " الطبطبة " التي غنى عنها المطرب الإماراتي حسين الجسمي لأنك لن تجدها إلا في كلمات الأغاني. وان وجدت من يطبطب على ظهرك اليوم ويمسح عليه بشفقة ورحمة وحب، فانه غداً سيركب عليه غير مكترث بنتائج هذا على صحتك العقلية والنفسية. وسيمشي في الأسواق وبين الناس ليخبرهم كم أنت ضعيف وهش وأنك بدونه لا تقوى على العيش، وسيذلك يوماً ما بأنك أنت من سعى اليه والتصق به وربط حياته برضاه بمزاجك، وأنه لم يفرض ذلك عليك بل أنت من فعل.
لهذا ارقِ نفسك بالترفع عن تسول القبول والحب من الآخرين. قل لا للاستمرار في أي علاقة تستنزفك، وضع حداً للعلاقات المضطربة قبل أن تسرق منك ما تبقى من عمر وطاقة. اجعل من علاقتك بنفسك أولوية وأحب نفسك وتودد لها كما تتودد لأغلى إنسان في حياتك ( أنت ) وعندها سترى أن حبك لنفسك داوى جروحاً قديمة، وساعدك على اختيار صداقاتك بعناية. لن تقول ( اجلس مع هذا أو مع هذه بدل أن أجلس وحيد ) بل ستصبح قاعدتك هي قاعدة جلد التمساح:
لن أجلس مع هذا أو مع هؤلاء حتى لو بقيت وحيداً. فأنا واحد بعشرة، بمئة، بألف، من يدري ربما بمئة ألف يوماً ما.