
نبراس الصالحين الدعوية
February 20, 2025 at 08:59 AM
*بعض الشباب لا يقتنع بتحريم الصور* 💥
قال العلامة : الألباني رحمه الله تعالىٰ:
👈 لا غرابة أن لا يقتنع بعض الشباب المسلمين بتحريم الصور بإطلاقها، أي: سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة لها ظل أو لا ظل لها، كما يقول الفقهاء؛ لأن كثيراً ممن يدعون الدعوة إلى الإسلام في هذا الزمان يتبنون حقيقة التفريق بين الصور المجسمة والصور غير المجسمة، وينطلقون من وراء هذا التقسيم إلى إباحة الصور التي يسمونها بالصور الشخصية، ويأتون ببعض الفلسفات العقلية التي لا ينبغي للمسلم أن يتورط ويقول مثلها، ذلك لأن الأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هي على قسمين، قسم منها نصوصها مطلقة شاملة لكل صورة سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة كانت منحوتة من الحجر أو الخشب أو نحو ذلك، أو كانت مصورة على الجدار أو الثياب أو نحو ذلك، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام: «كل مصور في النار» فالمصور في اللغة يطلق على من صور سواء كانت الصورة لها ظل أو لا ظل لها، مجسمة أو غير مجسمة، كذلك قوله مثلاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «لعن الله المصورين» «كل مصور في النار» هذا نص «لعن الله المصورين» هذا نص آخر، هذان حديثان، «كل مصور في النار» «لعن الله المصورين» حديث ثالث والأحاديث كثيرة ونكتفي بهذا المقدار: «من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ» هذا القسم الأول من القسمين.
القسم الثاني: فيه تصريح لتحريم الصورة ولو كانت غير مجسمة، ولو كانت لا ظل لها، مثل: أحاديث القرام الستارة التي روته السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ولما رجع وأراد الدخول إلى بيته وقف خارجاً، سارعت السيدة عائشة لاستقباله ورأت على ملامح وجهه كراهة شيء، قالت: يا رسول الله! إن كنت ألممت بذنب فإني أستغفر الله، قال عليه السلام: ما هذا القرام؟ قالت: اشتريته لك يا رسول الله، قال: إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هؤلاء المصورون يقال لهم: أحيوا ما خلقتم» فهنا أشار إلى صورة مصورة على القرام، كهذه الصورة من الزهور فهذه ليس لها ظل وليست مجسمة، ولذلك التفصيل الشائع اليوم عند بعض الكتاب الإسلاميين من التفريق بين الصورة المجسمة فهي المحرمة، وبين الصورة غير مجسمة فهي مباحة، هذا تفريق يخالف النوعين من الأحاديث، النوع الأول إطلاق الأحاديث كما سمعتم، النوع الثاني حديث صريح في تحريم اقتناء الصورة وتصوريها ولو كانت مصورة على القماش، هذا الجواب عن شطر من السؤال الذي نقلته عن أولئك الشباب.
الشطر الثاني من السؤال قولهم: أنه إذا كان هناك خط على عنق الصورة فهذا لا بأس به، هذه في الحقيقة حيلة أو ظاهرية مقيتة، لأن الذين يذهبون هذا المذهب ويزعمون بأن التحريم ينتفي بمجرد هذا الخط الذي يضرب على عنق الصورة هؤلاء يذهبون إلى شيء قد قاله بعض الفقهاء قديماً، ثم توسع هؤلاء المتأخرون في هذا القول، حتى صار حيلة لا تخفى على المسلم العاقل، قديماً قيل: إذا كانت الصورة في حالة لا يعيش صاحبها لو كان حياً فتكون صورة حينذاك مباحة، فحينما يكون على عنق هذه الصورة ذلك الخط هذا في زعمهم يمثل أن هذا الرأس مفصول عن البدن، ولا يعيش لو كان حياً فلا يعيش هكذا، إذاً: جاز هذا.
أولاً كما يقال في بعض الأحيان عند الفقهاء: ما بني على فاسد فهو فاسد، ليس هناك في الشرع القاعدة التي بنوا عليها هذا الخط، وهوأن الصورة إذا كانت في حال لا يعيش فيها صاحبها لو كان حياً جاز استعمالها، هذا لا أصل له، كانوا قديماً يقولون: إذا كانت الصورة نصفية فهذه لا تعيش، إنسان بدون مصارين بدون بطن بدون كذا ما يعيش، فتوسع المتأخرون بناء على هذه الكلمات، فلجؤوا إلى موضوع الخط، فقلت: ما بني على فاسد فهو فاسد، يبطل ذلك القول أن الصورة إذا كانت على وضع لا يعيش صاحبها أمران اثنان: الأمر الأول: أن هناك حديثاً صحيحاً رواه جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أم سلمة وأبي هريرة وغيرهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على موعد مع جبريل عليه السلام، فلما حل الموعد رئي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه مكروب ومضطرب، فسألته بعض أزواجه فقال: إن جبريل عليه السلام وعدني أن يأتيني، وإذا جبريل يلوح خارج الحجرة، أي: لا يدخل أيضاً، تماماً كما فعل الرسول عليه السلام مع قرام عائشة، فسارع الرسول إلى جبريل، فقال له جبريل عليه السلام: إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه صورة أو كلب، فانظر يقول للرسول عليه السلام: انظر فإن في البيت جرو كلب، وفي البيت قرام عليه صور الرجال، فمر بالكلب أن يخرج ولينضح مكانه بالماء، ومر بالقرام أن تغير صورته حتى تصير كهيئة الشجرة، هذا التغيير الذي جاء في الشرع، الصورة إذا تغيرت معالمها وانمحت شخصيتها صار كهذه الأشجار هذه الفروع هذه الأغصان، فلا بأس فيها حينذاك، أما الصورة لا تزال تمثل الشخص فهي لا تزال صورة ولو كانت مقطوعة نصفها الأدنى، هذا هو الجواب بالنسبة للنوع الأول من الأحاديث، «فمر فلتغير الصورة حتى تصير كهيئة الشجرة».
فيه هناك حديث آخر وبه ينتهي الجواب: «إنما الصورة الرأس» فإذاً: بالرغم أن هذه حيلة قضية الخط هذا، وأنه لا يبدو للناظر أن الصورة هذه لا تعيش هكذا بالرغم من أن هذه حيلة، فالرسول عليه السلام يقول: لو كان هناك رأس فقط دون صدر ودون الخط هذا إنما الصورة الرأس، وهذا يذكرني وأنا آسف جداً أن يصل بعض الكتاب أو الفقهاء أو بمعنى أصح: المتفقهة في العصر الحاضر إلى احتيال على الأحكام الشرعية بمثل ما وقع في اليهود من قبل، فيه مجلة كانت تصدر من مشيخة الأزهر كانت تسمى بنور الإسلام، مقالاً طويلاً لأحد مشايخ الأزهر تطرق لموضوع الصور، وذكر الخلاف المعروف بين الفقهاء قديماً من التقسيم السابق ذكره آنفاً إلى صورة مجسمة وصور غير مجسمة، والعالم الفلاني قال بتحريمها كلها، وبعضهم قال بتحريم المجسم منها إلخ، بعد أن انتهى من عرض الخلاف بين العلماء وكان من الواجب عليه أن يبين الراجح من أقوال العلماء كما هو شأن العلماء المحققين، لكن هو في الواقع لم يكن في هذا الواد، وما كان يهمه أن يقدم إلى الناس الفقه الصحيح في المسألة التي طرقها، وإنما كان هدفه أن يسهل على الناس بعامة وعلى من يسمون اليوم بالفنانين بصورة خاصة أي: الرسامين والنحاتين ونحو ذلك، فجاءهم بهذه الحيلة التي ربما سبق بها بعض شياطين الجن، قال: على ما مضى من الخلاف بين العلماء، وأن بعضهم أباح الصور الغير مجسمة وحرم الصور المجسمة، فالحيلة من الخلاص من هذا التحريم للصورة المجسمة ما ذكرناه وسيأتي.
الحيلة في الخلاص من الصورة المجسمة يعني: الفنان يريد أن ينحت صنماً، قال: الحيلة في ذلك أن يأتي إلى دماغ الصنم فيحفر فيه حفيرة حتى يصل إلى مكان الدماغ الذي هو حقيقة يوجد في رأس الإنسان، لأنه في هذه الحالة لا يمكن أن يعيش، لو كان حياً لا يمكن أن يعيش، وهذا لا يمكن أن يعيش بناء على الخرافة السابقة، إذا كانت الصورة في حال لا يعيش فيها لو كان حياً، ثم عاد ليقول: لكن هذا بالنسبة للفن قبيح، أن يكون رأس الصنم محفور، إذاً: فهو يأتي بما يسمى بالباروكة ويضعها على رأس الصنم فيظهر الفن كاملًا وجميلًا، هذه حيلة من حيل اليهود.
.
📚 (الهدى والنور/493/ 44: 00 00) 📚(الهدى والنور/493/ 55: 16: 00)