فتاوى سبل السلام
February 12, 2025 at 11:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة القادمة ان شاءالله تعالي في 2025/2/14 د عبدالعزيز موسي الدبور
بعنوان : (تحويل القبلة حكم واسرار ودروس)
*إن تحويل القبلة ينطوي على حِكم وأسرار ودروس كثيرة:
*الدرس الأول: تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام:
1-فيه ربط بين المسجدين وبيان قدسية القبلتين.
2- وفيه إظهار للوحدة والترابط القائم بين الرسالات السماوية:
(ولقد بعثنا في كل امة رسولا...).
-يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).
*الدرس الثاني: تحويل القبلة جاء تمحيصًا واختبارًا وابتلاءً للصف المسلم.
-وجاء عزلا للمتشككين من المنافقين وغيرهم الذين خلت قلوبهم من اليقين:
-قال تعالى في شأن الإسراء: (وما جعلنا الرؤيا...).
-وقال تعالى في شأن تحويل القبلة: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم...).
- فالإسلام يريد: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه...).
(رجال لا تلهيهم تجارة...).
*والإسلام لا يعبأ بالكثرة التافهة:
-(وإن تطع أكثر مَن في الأرض...).
-(إنهم غثاء كغثاء السيل).كما عبر النبي صلي الله عليه وسلم.
-(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة...).
-(إن إبراهيم كان أمة...).
-(إيمان أبي بكر).
*إذن لا بد من الابتلاء؛ ليظهر الصادق من الكاذب المخلص من المنافق:
-(الم أحسب الناس...).
-(وليمحص الله الذين آمنوا).
-وقد انقسم الناس إيذاء حادث الإسراء وحادث تحويل القبلة إلى فريقين:
*الفريق الأول: أبى واستكبر وشكك واعترض:
-(وقالو سمعنا وعصينا).
-(وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمۡۚ )البقرة:143.
-(وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون).
-(وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖ)البقرة:145.
*وعن هذا الفريق المتشكك يقول الله تعالى:
-(ومن الناس من يعبد الله على حرف...).
-(فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه...).
*الفريق الآخر: آمن وصدق وانقاد وسمع وأطاع:
-(وقالوا سمعنا وأطعنا).
-فهم على يقين بأن الله تعالى قد نفى الإيمان عن كل من لم يستبدل مرارة الابتلاء بحلاوة الرضى والتسليم:
-(فلا وربك لا يؤمنون ...).
-(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة...).
-(والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به).
*نماذج للسمع والطاعة:
-أبو بكر –رضي الله عنه- في شأن الإسراء قال: (إن كان قال فقد صدق).
*وأهل الإيمان الصادق عندي سمعوا بتحويل القبلة:
-(استداروا وهم ركوع) امتثالاً وانقيادًا....
-وفي الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به).
-(فلا وربك...).
-(إنما كان قول المؤمنين...).
-(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة...).
*الدرس الثالث: إن تحويل القبلة ينطوي على "صور" عديدة للتكريم الإلهي للرسول – صلى الله عليه وسلم- فمن ذلك:
1-كرمه مولاه حين أطلعه على ما سيقوله السفهاء قبل أن يقولوه ليكون الوقوع بعد الإخبار معجزة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- ودليلاً على نبوته: (سيقول السفهاء...).
2- وليعد الجواب لمقولة الأعداء أنه تدريب عملي:
-والمراد بالسفهاء: (اليهود- الكفار- المنافقون).
-وفي ذلك إعلام من الله بأنه لا يعترض على حُكم الله تعالى وأمره ونهيه إلا (سفيه-جاهل- مكابر- معاند- حاقد).
= فهم يحاولون: قدر جهدهم إيجاد آفة لكل نعمة.
= وهم يحاولون: طمس كل قيمة والسخرية من كل آية.
= وهم يحاولون: التشكك في كل حقيقة وزعزعة كل استقرار.
3-كرمه مولاه حين أظهر له غباء الأعداء:
-فهم لم يقولوا قولتهم عند تحويل القبلة إلا بعد أن تحولت القبلة.
-وبعد أن أخبر الله تعالى نبيه بما سيقولوه قبل أن يقولوه.
وفي ذلك:
- اظهار لقدرة الله تعالى.
- وعلمه المحيط الشامل بما كان وبما سيكون قبل أن يكون.
4- كما كرمه مولاه حين أطلعه على ما سيقوله السفهاء قبل أن يقولوه:
= ليعد الجواب لمقولة الخصم:
-(سيقول السفهاء...).
-(قل لله المشرق والمغرب).
إنه تدريب للنبي – صلى الله عليه وسلم-؛ ليستقبل سفاهة السفهاء بصبر وتحمل وعزم وتصميم.
*إنه تعالى قادر على تحويل:
الضعف إلى قوة.
والعجز إلى قدرة.
والمرض إلى صحة.
والفقر إلى غنى.
-(ونريد أن نَمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة).
5 - قادر على تحقيق آمالك ورجاءك وتطلعاتك كما حقق لرسول الله رغبته: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها)
(واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا).
(ولسوف يعطيك ربك فترضى).
*إن مَن يستمد قوته وقدرته وغناه وعزته مِن الله تعالى وحده كما فعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:
-تراه "قويا" رغم وحدته.
"غنيا" رغم قلة ماله.
"عزيزا" رغم زوال منصبه وسلطانه.
-(أليس الله بكاف عبده).
-(وتوكل على الحي الذي لا يموت).
* إن تحويل القبلة يعني الطاعة والانقياد والوحدة والتعاون حفاظًا على أمن وسلامة المجتمع والأفراد. خاصةً في أوقات المحن والأزمات التي تعصف بالعالم.
= فالأزمات تتطلب التعاون والترابط والتلاحم والتراحم صيانة للوطن وليس التفرق والنزاع والشقاق الذي يؤدي إلى ضعف الوطن وانهياره.
=وأيضًا ليس الاستغلال والاحتقار في أوقات الأزمات.
-قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وقال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).
-وفي الحديث: (المؤمن للمؤمن كالبُنيان يَشد بعضه بعضًا...).
-وفي الحديث: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين