الحكمة من مشروعية الصيام تشذيب النفس وتهذيبها ولا يتأتى ذلك إلا بالإقبال على الطاعات وترك المنكرات لعلكم تتقون فحصول التقوى غاية مرجوة وهي أن تجعل من الأعمال الصالحة الخالصة وقاية لك من الشرور والآثام فرب عمل يقام به وهو مردود على صاحبه لفقد الإخلاص فيه فرب صائم لا ينال من صيامه إلا الجوع والعطش فمدار قبول الأعمال على الإخلاص والإخلاص من ثمار النفس المشذبة المهذبة لأنها نفس جبلت على الطاعة فلا قيمة لعمل في الظاهر طاعة وقد نقض بغيره فما قيمة الصيام مع الإفطار على حرام وما قيمة زكاة من مال حرام وما قيمة مصل صائم قائم لا يسلم المسلمون من لسانه لاعتياده السب والشتم واللعن والمسلم الحق لا يكون سبابا ولا لعانا ولا شتاما وأنى يقبل له طاعة أو عمل وما قام به إلا رياء وسمعة وشهرة ليقال فلان فعل فالله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا صوابا فهيئوا أنفسكم لاستقبال هذا الشهر المبارك بسلامة قلب وانشراح صدر وصدق نية وعزيمة قوية ونفس مرضية رجاء التقوى خوفا من الجليل وعملا بالتنزيل واستعدادا ليوم الرحيل الذي لا ينال الخير فيه إلا من أتى الله بقلب سليم ...