ملتقى طالب العلم 📚🌱🌸.
February 4, 2025 at 02:29 PM
آية وتفسيرها ..🌱🌱
قال الله عز وجل: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾
[الأنعام ٣].
⬅️قوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ ﴿اللَّهُ﴾ علَم على الرب عز وجل، لا يكون لغيره، وهذا متفق عليه بين المسلمين.
وهو علَم مشتق من أين؟ من #الألوهية،
وأصله (الإله)،
واعلم أن جميع أسماء الله مشتقة كما هو ظاهر ما فيه اسم جامد لله عز وجل أبدًا.
⬅️وقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ متعلقة بالاسم؛ لأننا قلنا لكم الآن: إن هذا الاسم مشتق،
والمشتق يحوز التعلق به كما قال ناظم القواعد؛ قواعد الجمل:
لَا بُـــــــــدَّ لِلْجَــــــار مِــــــــنَالتَّعَلُّـــــــــقِ ∗∗∗ بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْوُمُرْتَقِـــــــــــــــــــي
⬅️إذن ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ متعلقة بلفظ الجلالة؛
لأنها مشتقة، والمشتق يجوز تعلق الجار والمجرور به، ولكن ما معنى ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾؟
المعنى أنه #على السماوات، وليس المراد أنه فيها
وهي محيطة به؛ لأن هذا مستحيل؛
فالله تعالى #أكبر من كل شيء،
أو نقول: إن المراد المعنى ليس الذات؛ المعنى بمعنى أنه مألوه في السماوات يتألّه إليه أهل السماء.
⬅️وقوله: ﴿وَفِي الْأَرْضِ﴾ الواو حرف عطف و﴿الْأَرْضِ﴾ معطوفة على السماوات،
فيكون المعنى الله في السماوات وفي الأرض؛
أي: مألوه أيش؟
في السماوات وفي الأرض،
فتكون هذه الآية كقوله تعالى:
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾
[الزخرف ٨٤].
وعلى هذا التفسير لا إشكال فيه أن الله تعالى #إله في السماوات وفي الأرض أيضًا.
وذهب بعضهم إلى أن الآية فيها وقف على السماوات، وهذا على جعل الله علمًا على الذات دون المتعبّد لله؛
يعني معناه أن الله في السماوات كقوله: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾
[الملك ١٦].
ثم استأنف فقال:
﴿وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾
فتكون ﴿فِي الْأَرْضِ﴾
متعلقة بما بعدها بقوله:
﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾؛
أما على الوجه الأول فمعنى الآية ظاهر أن الله مألوه في السماوات ومألوه في الأرض،
كما أنه خالق السماوات والأرض فهو مألوه في السماوات والأرض،
ويراد بذلك إثبات #الألوهية في السماوات والأرض
كما ثبتت أيش؟
الربوبية؛
لأن الخلق من مقتضيات الربوبية، هذا لا إشكال فيه.
⬅️المناسبة على القول الثاني
أن المعنى أن الله ذاته لا من يألهه، أن الله ذاته في السماوات، فيكون المناسبة أنه ليس كونه في السماوات مع بعدها الشاسع بمانع عن علمه بِكُم وأنتم في الأرض، فهو في السماوات، ومع ذلك في الأرض يعلم سركم وجهركم
،فهمتم الفرق بين المعنيين؟
👈المعنى الأول؛
وهو الله في السماوات وفي الأرض أن ألوهيته ثابتة في السماوات وفي الأرض؛
بمعنى أن من في السماوات يتألهه، ومن في الأرض يتألهه، نظيرها قوله تعالى:
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾
[الزخرف ٨٤].
👈المعنى الثاني يقول:
إن الله نفسه في السماوات؛ أي: #عليها،
ومع ذلك يعلم سركم وجهركم في الأرض فليس بُعده بمانع من علم السر والجهر منكم في الأرض.
إذن المعنى الثاني ما فيه ذكر للألوهية،
لكن فيه ذكر للإحاطة إحاطة الله بنا عز وجل وإن كان في السماوات.
وهذا يفسّره قول الله تعالى:
﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾
[المجادلة ١]، أين التحاور الذي وقع؟
في الأرض، والله تعالى في السماء، فتكون هذه الآية آية ﴿قَدْ سَمِعَ﴾
كالتفسير لقوله:
﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾.
وقوله: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ﴾
أي: ما في الصدور، والإسرار نوعان؛
إصرار في النفس، وإسرار مع الغير؛
فمثلًا إذا حدّث الإنسان نفسه بشيء في نفسه هذا إسرار مع النفس، وإذا حدث غيره سرًّا لا يسمعه من بجانبه، فهذا إسرار مع الغير، ولهذا نسمي القراءة في الظهر والعصر مثلًا نسميها أيش؟ سرية، مع أنه ينطق الإنسان ويُسمع نفسه، ومع ذلك نسميها سرًّا، ونسمي ما حدَّث به الإنسان نفسه، نسميها سرًّا؛ إذن فالسر يشمل المعنيين جميعًا، يعلم ما نُسر في نفوسنا ولا نظهره لأحد، وما نخبر به الغير على وجه خفي لا يسمعه الآخرون.
﴿وَجَهْرَكُمْ﴾ أي: ما تجهرون به وتعلنونه.
﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ يعني يعلم كسبكم من خير وشر ودين ودنيا، وعلم وغيره، كل ما يحصل فالله عالم به جل وعلا، لا يخفى عليه، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه.
من تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له