يا صديقي، المصور الفوتوغرافي ليس مجرد شخص يضغط على زر الكاميرا، بل هو فنان يلتقط لحظات لا يمكن استرجاعها، يلتقط لحظات من الزمن ويبني منها قصصًا تُحكى عبر الصور. هو يعيش في عالم من التفاصيل الدقيقة، يراقب كل زاوية، وكل ضوء، وكل ظل. يقف بين الواقع والمستقبل، فكل صورة يلتقطها تحمل في طياتها عوالم متعددة، وكل فلاش هو فرصة لخلق شيء جديد، شيء يبقى إلى الأبد. لكن لا أحد يرى ما خلف الكواليس. لا أحد يعلم كم من الوقت يقضيه في تجهيز المكان، وضبط الإضاءة، وتجربة زوايا مختلفة، ومحاولة التقاط الصورة المثالية التي قد لا تأتي إلا بعد مئات المحاولات. وكم من المرات التي يضطر فيها لإعادة التقاط اللقطات التي تبدو بسيطة، ليتأكد أن كل شيء في مكانه الصحيح. قد تظن أن الكاميرا فقط هي التي تعمل، لكن الحقيقة أن عين المصور تسبق كل شيء، هو الذي يرى ما لا يراه الآخرون، ويحاول أن يحفظه للأجيال القادمة. المصور الفوتوغرافي لا يلتقط مجرد صور، بل يلتقط لحظات من العمر، ويحولها إلى أعمال فنية تُحاكي الذكريات، يروي بها قصصًا بصرية تلامس النفوس. وما يراه الآخرون مجرد صورة عابرة، هو يراها لوحة مليئة بالمعاني، حاملة في ثناياها عبق اللحظة التي قد لا تتكرر.