معهد المالية الإسلامية
معهد المالية الإسلامية
February 20, 2025 at 06:00 PM
منهج التشريع في المعاملات إن التعليل الاقتصادي للأحكام الشرعية يثير سؤالًا جوهريًا: متى يتدخل الشرع لمنع مبادلة معينة، ومتى لا يتدخل بل يكتفي بالوازع الأخلاقي للمكلفين؟ من خلال منهجية التشريع في المعاملات يظهر أنه إذا كانت المبادلة تؤدي تلقائيًا إلى المفسدة حتى مع وجود الوازع الأخلاقي أو حسن النية، فإنه يمنع منها، ولا يكل ذلك إلى المكلف أو إلى ولي الأمر، أما إذا كانت المفسدة تزول بهذين، فإنه لا يمنع من المبادلات التي قد تتضمنها؛ لأن ذلك سيضر بآلية السوق التي نعلم أن الشرع أقرها واعترف بها. فالأصل في الشرع هو احترام آلية السوق وعدم التدخل، إلا إذا كانت هذه الآلية تؤدي تلقائيًا إلى مفسدة راجحة؛ بغض النظر عن نوايا المتعاملين فيها، فحينئذ يتدخل الشرع ليمنع تلك المبادلات التي تحرف السوق عن المصالح المرجوة منها إلى المفسدة المحذورة. على سبيل المثال: قرر الشرع تحريم الكذب وأكد عليه، وفي الوقت نفسه ذكر النبي ﷺ أن السوق مظنة وجود الكذب، كما قال: «يا معشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف (وفي رواية: إن الشيطان والإثم يحضران البيع) فشوبوه بالصدقة» [رواه الترمذي والنسائي وغيرهما صحيح الجامع (۷۹۷۳)]. فمع علم النبي ﷺ بحضور الشيطان للسوق وشيوع الحلف الكاذب فيها، لم يتخذ إجراءات تقيد حرية السوق، وإنما اكتفى بتنبيه الوازع الأخلاقي والتطوعي لدى المتعاملين. وفي جانب آخر نرى أن الشرع حرم الربا مطلقًا؛ سواء وقع من البر أم من الفاجر، سواء كان بحسن نية أم بسوء نية، لماذا؟ لأن الربا من شأنه في ظل آلية السوق أن يؤدي -تلقائيًا- إلى مفاسد عديدة راجحة، حتى مع وجود الوازع الأخلاقي للمتعاملين. إن هذا التفريق مهم جدًا في فهم حكمة الشرع في ضبط التعاملات المالية ومن ثم البحث عنها. #معهد_المالية_الإسلامية. #سامي_السويلم. #اقتصاديات_ربا_الفضل. #التعريف_بالاقتصاد_الإسلامي.

Comments