
أهل القرآن
February 22, 2025 at 12:02 PM
سلسلة دروس فقه الصيام الحلقه الثانية
وصلا بما سبق من أحكام الصيام وقلنا انه يلزم الصيام على كل مسلم مكلف قادر *■ فلا يجب عل كافر ولا يصح منه، وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَىٰ صَغِيرٍ، وَيَصِحُّ الصَّوْمُ مِنْ صَغِيرٍ مُمَيِّزٍ، وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ نَافِلَةٌ.*
*■ وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَىٰ مَجْنُونٍ، وَلَوْ صَامَ حَالَ جُنُونِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ؛ لِـعَـدَمِ الـنِّـيَّـةِ.*
*■ وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ أَدَاءً عَلَىٰ مَرِيضٍ يَعْجَزُ عَنْهُ، وَلَا عَلَىٰ مُسَافِرٍ، ويَقْضِيَانِهِ حَالَ زَوَالِ عُـذْرِ المَرَضِ وَالسَّـفَــرِ؛ قَالَ تَعَالَىٰ:﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾*.
*■ وَالخِطَابُ بِـإِيـجَـابِ الصِّيَامِ، يَشْمَـلُ: المُقِيمَ وَالمُسَافِرَ، وَالصَّحِيحَ وَالمَرِيضَ، وَالطَّاهِرَ وَالحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ، وَالمُغْمَىٰ عَلَيْهِ؛ فَـإِنَّ هَـؤُلَاءِ كُلَّهُمْ، يَجِبُ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ في ذِمَمِهِمْ؛ بِحَيْثُ إِنَّهُمْ يُخَاطَبُونَ بِالصَّوْمِ؛ لِيَعْـتَقِـدُوا وُجُوبَـهُ فِي ذِمَمِهِمْ.*
*وَالـعَـزْمُ عَلَىٰ فِعْلِهِ: إِمَّا أَدَاءً، وَإِمَّا قَضَاءً.*
*فَمِنْهُمْ مَنْ يُخَاطَبُ بِالصَّوْمِ فِي نَفْسِ الشَّهْرِ أَدَاءً، وَهُـوَ الصَّحِيحُ المُقِيمُ؛ إلَّا الحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ.*
*وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَاطَبُ بِالقَضَاءِ فَقَط، وَهُوَ الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَالمَرِيضُ الَّـذِي لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ أدَاءِ الصَّوْمِ، ويَقْدِرُ عَلَيْهِ قَضَاءً.*
*وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الأَمْـرَيْـنِ، وَهُوَ المُسَافِرُ، والمَرِيضُ الَّـذِي يُمْكِنُهُ الصَّوْمُ بِمَشَقَّةٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ التَّلَفِ.*
*■ وَمَـنْ أفْـطَـرَ لِـعُـذْرٍ ثُمَّ زَالَ عُـذْرُهُ فِي أَثْـنَـاءِ نَـهَـارِ رَمَضَانَ؛ كَالمُسَافِرِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ، وَالحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ تَطْهُرَانِ، وَالكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ، والمَجْنُونُ إِذَا أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ، وَالصَّغِيرُ يَبْلُغُ؛ فَـإِنَّ كُـلًّا مِـنْ هَـؤُلَاءِ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ اليَوْمِ ويَقْضِيهِ.*
*وَكَـذَا إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ بِـدُخُـولِ الشَّهْـرِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ؛ فَإِنَّ المُسلِمِينَ يُمْسِكُونَ بَقِيَّةَ اليَوْمِ، وَيَقْضُونَ اليَوْمَ بَـعْـدَ رَمَضَانَ.*
*بَــابٌ فِي بَـدْءِ صِـيَـامِ الـيَـوْمِ وَنِـهَـايَـتِـهِ*
*قَالَ اللهُ تَعَالَىٰ:﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾.*
*قَالَ الإِمَامُ ابنُ كَـثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ:(هَـذِهِ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ، وَرَفْـعٌ لِـمَـا كَانَ عَلَيْهِ الأَمْـرُ فِي ابْـتِـدَاءِ الإِسْـلَامِ؛ فَإِنَّهُ كَـانَ إِذَا أفْـطَـرَ أحَـدُهُـمْ؛ إِنَّمَا يَحِلُّ لَـهُ الأَكْـلُ وَالشُّربُ وَالجِمَاعُ إلَىٰ صَـلَاةِ العِشَاءِ، أَوْ يَنَامُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَمَتَىٰ نَـامَ أَوْ صَلَّى العِشَاءَ؛ حَـرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالجِمَاعُ إِلَى اللَّيْلَةِ التاليه، فَـوَجَـدُوا مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّـةً كَبِيـرَةً، فَـنَـزَلَـت هَــذِهِ الآيَـةُ، فَـفَـرِحُـوا بِهَا فَـرَحًـا شَـدِيـدًا، حَيْثُ أبَـاحَ اللهُ الْأَكْـلَ وَالشُّربَ وَالجِمَاعَ فِي أَيِّ اللَّيْلِ شَـاءَ الصَّائِمُ، إِلَىٰ أَنْ يَتَبَيَّنَ ضِـيَـاءُ الـصَّـبَـاحِ مِـنْ سَـوَادِ اللَّـيْـلِ).*
*فَتَبَيَّنَ مِنَ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: تَحْدِيدُ الصَّوْمِ اليَوْمِيِّ، بِـدَايَـةً وَنِـهَـايَـةً، فَبِدَايَتُـهُ: مِنْ طُلُوعِ الفَجْـرِ الصادق، وَنِهَايَتُـهُ: إلىٰ غُـرُوبِ الشَّمْـسِ.*
*■ وَفِي إبَـاحَتِـهِ تَعَالَىٰ الْأَكْـلَ وَالشُّربَ إلىٰ طُلُوعِ الفَجْـرِ، دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ السُّحُـورِ.*
*وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«تَسَحَّـرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُـورِ بَـرَكَـةً».*
*■ وَقَـدْ وَرَدَ فِي الـتَّـرغِـيبِ بِالسَّـحُـورِ آثَـارٌ كَثِيـرَةٌ، وَلَـوْ بِجُرْعَةِ مَـاءٍ، وَيُسْتَحَـبُّ تَأْخِيـرُهُ إِلَىٰ وَقْـتِ انْـفِـجَـارِ الـفَـجْــرِ.*
*وَلَـوِ اسْتَيقَـظَ الْإِنْسَانُ وَعَلَيْـهِ جَـنَـابَـةٌ، أَوْ طَـهُـرَتِ الحَائِـضُ قَبْلَ طُلُـوعِ الفَجْـرِ؛ فَإِنَّهُمْ يَبْـدَؤُونَ بِالسَّحُورِ، ويَصُومُونَ، وَيُـؤَخِّـرُونَ الِاغْتِسَالَ إِلَىٰ بَـعْـدَ طُلُـوعِ الـفَـجْــرِ.*
*وَبَـعْـضُ النَّاسِ يُـبَـكِّـرُونَ بِـالـتَّـسَـحُّــرِ ، لِأَنَّهُمْ يَسْهَـرُونَ مُـعْــظَــمَ اللَّــيْــلِ ثُـمَّ يَتَسَحَّـرُونَ وَيَنَامُونَ قَـبْـلَ الفَـجْـرِ بِسَاعَـاتٍ*وَهَـؤُلَاءِ قَـدِ ارتَكَـبُـوا عِـدَّةَ أخْـطَاءٍ:*
*أَوَّلًا: لِأَنَّهُمْ صَامُوا قَبْلَ وَقْتِ الصِّيَامِ.*
*ثَانِيًا: يَتْرُكُونَ صَلَاةَ الفَجْرِ مَعَ الجَمَاعَةِ، فَـيَـعْـصُـونَ اللهَ بِتَركِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ.*
*ثَالِثًا: رُبَّمَا يُـؤَخِّـرُونَ صَلَاةَ الفَجْرِ عَنْ وَقتِهَا، فَلَا يُصَلُّونَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهَـذَا أَشَـدُّ جُـرْمًا وَأَعْظَمُ إِثْمًا؛ قَالَ اللهُ تَعَالَىٰ:﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.*
*■ وَلَا بُـدَّ أَنْ يَنْوِيَ الصِّيَامَ الوَاجِبَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَوْ نَـوَى الصِّيَامَ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ؛ فَـإِنَّـهُ يُمْسِكُ، وَصِيَامُهُ صَحِيحٌ تَـامٌّ إِنْ شَـاءَ اللهُ.*
*■ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الإِفْطَارِ، إِذَا تَحَقَّقَ غُـرُوبُ الشَّمْسِ بِمُشَاهَـدَتِهَا، أَوْ غَلَبَ عَلَىٰ ظَنِّهِ بِخَبَرِ ثِقَةٍ بِأَذَانٍ أَوْ غَيْرِهِ؛* فَعَنْ سَهْـلِ بْنِ سَعْـدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:«لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَالَ ﷺ فِيمَا يَـرْوِيـهِ عَنْ رَبِّـه عَزَّ وَجَلَّ:«إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا».
*■ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَىٰ رُطَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؛ فَعَلَىٰ تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؛ فَعَلَىٰ مَـاءٍ؛*
لِقَوْلِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:(كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَىٰ رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ...) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
*فَـإِنْ لَـمْ يَجِدْ رُطَبًا وَلَا تَمْرًا وَلَا مَـاءًا؛ أَفْـطَـرَ عَلَىٰ مَا تَيَسَّرَ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ.*
*■ وَهُـنَـا أمْــرٌ يَــجِــبُ الـتَّـنْـبِــيهُ عَـلَـيْـهِ، وَهُـوَ: أَنَّ بَـعْـضَ الـنَّـاسِ...*
- نَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ ، وَنُكْمِلُ فِي اللقاء الْقَادِمِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ.
❤️
2