
أهل القرآن
February 23, 2025 at 05:06 AM
سلسلة دروس فقه الصيام، الحلقه الثالثة
وصلا بما سبق من الحديث عن أحكام الصيام وكنا قذ توقفنا في اللقاء السابق عند هذا التنبيه،
*■ وَهُـنَـا أمْــرٌ يَــجِــبُ الـتَّـنْـبِــيهُ عَـلَـيْـهِ، وَهُـوَ: أنَّ بَـعْـضَ الـنَّـاسِ قَـدْ يَجْلِسُ عَلَىٰ مَائِدَةِ إِفْطَارِهِ وَيَتَعَشَّىٰ، وَيَتْرُكُ صَلَاةَ المَغْرِبِ مَعَ الجَمَاعَةِ فِي المَسْجِدِ، فَيَرْتَكِبُ بِذَلِكَ خَطَأً عَظِيمًا، وَهُـوَ التَّأَخُّرُ عَنِ الجَمَاعَةِ فِي المَسْجِدِ، ويُفَوِّتُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ثَـوَابًـا عَظِيمًا، وَيُعَرِّضُهَا لِلْعُقُوبَةِ.*
*وَالمَـشْـرُوعُ لِلصَّائِـمِ: أَنْ يُـفْـطِـرَ أَوَّلًا على تمرات ، ثُمَّ يصلي المغرب ، ثُمَّ يكمل إفطاره بَعْدَ ذَلِكَ.*
*■ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ إِفْطَارِهِ بِمَا أَحَبَّ؛ قَالَ ﷺ:«إِنَّ لِلصَّائِمِ عِـنْـدَ فِـطْـرِهِ دَعْـوَةً مَـا تُـرَدُّ».*
*وَمِـنَ الـدُّعَـاءِ الـوَارِدِ أَنْ يَـقُـولَ:(اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَىٰ رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ) [فِـيـهِ ضَـعـفٌ] وَكَـانَ ﷺ إِذَا أَفْطَـرَ يَقُولُ:«ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ».*
*وَهَـكَــذَا يَـنْـبَـغِـي لِلْـمُـسْـلِـمِ:*
*أَنْ يَتَعَلَّمَ أَحْـكَــامَ الصِّيَامِ وَالْإفْطَارِ وَقْتًا وَصِفَةً، حَتَّىٰ يُؤَدِّيَ صِيَامَهُ عَلَى الوَجْهِ المَشْرُوعِ المُوَافِقِ لِـسُـنَّــةِ الـرَّسُـولِ ﷺ، وَحَتَّىٰ يَكُونَ صِيَامُهُ صَحِيحًا، وَعَمَلُهُ مَقْبُولًا عِـنْـدَ اللهِ؛ فَـإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَهَـمِّ الأُمُـورِ،*
*قَالَ اللهُ تَعَالَىٰ:﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾.*
*بَـابٌ فِي مُــفْـسِــدَاتِ، أو مبطلات الـصَّـوْمِ*
*■ لِلصِّيَامِ مُفْسِدَاتٌ يَجِبُ على المُسْلِمِ أَنْ يَعرِفَهَا؛ لِيَتَجَنَّبَهَا، ويَحْذَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَتُفْسِدُ عَلَيْهِ صِيَامَهُ، وَهَــذِهِ الـمُـفْـطِـرَاتُ، مِـنْــهَـا:*
*١ - الــــجِـــمَــــاعُ:*
فَمَتَىٰ جَـامَـعَ الصَّائِمُ؛ بَطَلَ صِيَامُهُ، وَلَـزِمَـهُ قَضَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ الَّـذِي جَـامَـعَ فِيهِ، *وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَـعَ قَضَائِهِ: الْـكَـفَّـارَةُ*، وَهِيَ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الرَّقَبَةَ أَوْ لَمْ يَجِدْ قَيمَتَهَا؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِـعْ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ بأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَىٰ ذَلَِكَ لِـعُـذْرٍ شَـرْعِـيٍّ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ الطَّعَامِ المَأْكُولِ فِي البَلَدِ.
*٢ - إنْـزَالُ المَنِيِّ؛ بِسَبَبِ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أوِ اسْتِمْنَاءٍ أَوْ تكـرَارِ نَظَرٍ:*
فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَعَلَيْهِ القَضَاءُ فَقَط بِدُونِ كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّ الكَفَّارَةَ تَخْتَصُّ بِالجِمَاعِ.
*وَالنَّائِمُ إذَا احْتَلَمَ فَأَنْزَلَ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَصِيَامُهُ صَحِيحٌ؛ لأنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ مِنَ الجَنَابَةِ.*
*٣ - الْأَكْـلُ أَوِ الـشُّـرْبُ مُـتَـعَـمِّـدًا:*
لِقَوْلِهِ تَعَالَىٰ:﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾.
*أَمَّا مَنْ أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَىٰ صِيَامِهِ، وَفِي الحَدِيثِ:«مَنْ أَكَلَ أوْ شَرِبَ نَاسِيًا؛ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ».*
*ومِـمَّا يُـفْـطِـرُ الـصَّـائِـمَ:*
*إِيصَالُ المَاءِ وَنَحْوِهِ إِلَىٰ الجَوْفِ عَنْ طَرِيقِ الأَنْفِ، وَهُوَ مَا يُسَمَّىٰ: بِالسَّعُوطِ، وَأَخْذُ المُغَذِّي عَنْ طَرِيقِ الوَرِيدِ، وَحَقْنُ الدَّمِ فِي الصَّائِمِ، كُـلُّ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَغْذِيَةٌ لَـهُ.*
*وَمِـنْ ذَلِـكَ أيْـضًا:*
*حَقْنُ الصَّائِمِ بِالْإِبَرِ المُغَذِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ، وَذَلِكَ يُفْسِدُ الصِّيَامَ،*
*أمَّا الإِبَرُ غَيرُ المُغَذِّيَةِ؛ فَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَيْضًا: أَنْ يَتَجَنَّبَهَا، مُحَافَظَةً عَلَىٰ صِيَامِهِ، وَلِقَوْلِهِ ﷺ:«دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَىٰ مَا لَا يَرِيبُكَ» وَيُؤَخِّـرُهَـا إِلَـىٰ اللَّـيْـلِ.*
*٤ - إخْــرَاجُ الــدَّمِ مِـنَ الـبَـدَنِ:*
بِحِجَامَةٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ سَحْبِ دَمٍ، لِيَتَبَرَّعَ بِهِ لِإِسْعَافِ مَرِيضٍ؛ فَيُفْطِرُ بِذَلِكَ كُلِّهِ.
*أمَّا إِخْرَاجُ دَمٍ قَلِيلٍ، كَالَّـذِي يُسْتَخْرَجُ لِلتَّحْلِيلِ؛ فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الصِّيَامِ، وَكَـذَا خُـرُوجُ الـدَّمِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، بِرُعَافٍ أَوْ جُرحٍ أَوْ خَلْعِ سِنٍّ؛ فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الصِّيَامِ.* *وقد ذهب بعض الفقهاء الي أن الحجامه لا تفطر، ففيها خلاف بين الفقهاء،*
*٥ - وَمِنَ المُفْطِرَاتِ: التَّقَيُّؤُ:*
وَهُوَ: اسْتِخْرَاجُ مَا فِي المَعِدَةِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، عَنْ طَرِيقِ الفَمِ مُتَعَمِّدًا؛ فَهَذَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ،
*أمَّا إذا غَلَبَهُ القَيْءُ وَخَرَجَ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ؛ فَلَا يُؤَثِّرُ عَلَىٰ صِيَامَهِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ:«مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، ومَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا؛ فَلْيَقْضِ» وَمَعنَىٰ:«ذَرَعَهُ الْقَيْءُ» أي: خَـرَجَ بِـدُونِ اخْتِيَارِهِ، وَمَعنَىٰ قَوْلِهِ:«اسْتَقَاءَ» أي: تَعَمَّدَ القَيْءَ.*
*■ وَيَنْبَغِي أَنْ يتَجَنَّبَ الصَّائِمُ: الِاكْـتِحَالَ، وَمُـدَاوَاةَ العَيْنَيْنِ بِقَطْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقْتَ الصِّيَامِ؛ مُحَافَظَةً عَلَىٰ صِيَامِهِ.*
*■ وَلَا يُبَالِـغْ فِي المَضْمَضَةِ والِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأنَّهُ رُبَّمَا ذَهَبَ المَاءُ إلىٰ جَوْفِهِ؛ قَالَ ﷺ:«وَبَـالِـغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَـكُـونَ صَائِمًا».*
*■ وَالسِّوَاكُ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الصِّيَامِ، بَـلْ هُـوَ مُسْتَحَبٌّ وَمُرَغَّبٌ فِيهِ لِلصَّائِمِ وَغَيْرِهِ، فِي أوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ علىٰ الصَّحِيحِ.*
*■ وَلَـوْ طَـارَ إلىٰ حَلْقِهِ غُبَارٌ أَوْ ذُبَـابٌ؛ لَـمْ يُـؤَثِّـرْ عَلَىٰ صِيَامِهِ.*
*■ وَيَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ: اجْتِنَابُ كَـذِبٍ وَغِيبَةٍ وَشَتْمٍ، وَإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ شَتَمَهُ؛ فَلْيَقُـلْ: إنِّي صَائِمٌ؛ فَـإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَسْهُلُ عَلَيْـهِ تَـركُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَكِنْ لَا يَسْهُـلُ عَلَيْهِ تَـركُ مَا اعْتَادَهُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ الـرَّدِيـئَـةِ،*
*وَلِـهَـذَا قَـالَ بَعْـضُ السَّلَـفِ:(أَهْوَنُ الصِّيَامِ تَـرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ).*
*■ فَعَلَى المُسْلِمِ: أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ وَيَخَافَهُ، ويَسْتَشْعِـرَ عَظَمَةَ رَبِّهِ، واطِّلَاعَهُ عَلَيْهِ فِي كُـلِّ حِينٍ وَعَلَىٰ كُـلِّ حَـالٍ، فَيُحَافِظُ عَلَىٰ صِيَامِهِ مِنَ المُفْسِدَاتِ وَالمُنْقِصَاتِ؛ لِيَكُونَ صِيَامُهُ صَحِيحًا.*
*■ وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِذِكْرِ اللهِ، وَتِلَاوَةِ الـقُــرآنِ، وَالْإِكْثَارِ مِنَ النَّوَافِلِ، فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ إِذَا صَامُوا؛ جَلَسُوا فِي المَسَاجِدِ، وَقَالُوا: نَحْفَظُ صَوْمَنَا، وَلَا نَغْتَابُ أَحَـدًا.*
*■ وَقَـالَ ﷺ:«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَىٰ بِتَرْكِ هَـذِهِ الشَّهَوَاتِ المُبَاحَةِ في غَيْرِ حَـالَـةِ الصِّيَامِ، إِلَّا بَعْدَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِتَركِ مَا حَـرَّمُ اللهُ عَلَيْهِ فِي كُـلِّ حَـالٍ؛ مِنَ الـكَـذِبِ والظُّلْمِ، وَالعُدْوَانِ عَلَى النَّاسِ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْـرَاضِهِمْ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُـرَيْـرَةَ مَـرفُوعًا:«الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ مَا لَمْ يَغْتَبْ مُسْلِمًا أوْ يُؤْذِهِ» وَعَنْ أنَسٍ:(مَا صَامَ مَن ظَلَّ يَأْكُـلُ لُحُومَ النَّاسِ).*
*■ فَالصَّائِمُ يَتْرُكُ أَشْيَاءَ كَانَت مُبَاحَةً فِي غَيْرِ حَالَـةِ الصِّيَامِ؛ فَمِنْ بَـابِ أَوْلَـىٰ أَنْ يَتـرُكَ الْأَشْيَـاءَ الَّتِي لَا تَـحِـلُّ لَـهُ فِي جَمِيعِ الأَحْـوَالِ؛ لِيَكُـونَ فِي عِــدَادِ الصَّائِـمِـيـنَ حَـقًّـا.*
نكتفي بهذا القدر ونكمل في اللقاء القادم ان شاء الله تعالى.
❤️
👍
3