‏[رمضان فرصة سانحة لعرضِ أقوالك وأفعالك وأحوالك على القرآن] لاشك أن كلّ من علم الله في قلبه الخير وتلمّس رضاه فتح له باب التوفيق والهداية, وقذف في قلبه الإخلاص له تعالى وحبّ السنة السالمة من خوادش البدع, فتراه منشرح الصدر لاتباعها, مهتمًّا بتجريد نفسه من حظوظها وأهوائها, مشتغلًا بتنقية قلبه من أدران الكبر والحقد والحسد، وإصلاح عملِه مما قد يعتريه من النقص والخلل. وإني أضع بين يدَيك - أخي المسلم - منهجًا مقترحًا لعرض نفسك على القرآن في شهر رمضان, شهر الصيام والقرآن؛ لتزكيتها وتقويمها, وذلك بأن تجعل من ضمن منهجك في قراءة القرآن - في هذا الشهر المبارك -: العزم على جعل قراءةٍ خاصةٍ في كلّ يوم وليلة من ليالي الشهر, يكون هدفُك الأول منها: عرضَ أقوالك وأفعالك وسائر أحوالك على القرآن، فكلّ آية عملتَ فيها بما يُحبّه الله فاحمد الله, واكتب في مذكرتك الأمر الذي عملتَ فيه بما يُحبّه الله، وكلّ آية لم تعمل فيها بما يُحبّه الله – مع قدرتك عليه - فاستغفر الله, واكتب الأمر الذي لم تعمله، مع العزيمة على ترك هذا التقصير والمخالفة. والآيات التي فيها ما يحبه الله تعالى وما يكرهه سبحانه وتعالى نوعان: النوع الأول: المباشر، مثل: (وأقيموا الصلاة) (وأحسنوا) (ولا تقربوا الزنا). النوع الثاني: غير المباشر، مثل ثنائه أو ذمّه سبحانه على بعض الأعمال أو على أصحابها. فتأمل في كل آية واجعل هذا الهدف نصب عينيك، وسترى النتيجة المبهرة، وسيفتح الله عليك – إن شاء الله – فتحًا عظيمًا، لأن من صدق مع الله كان الله معه ولم يخيّبه، وألهمه وعلّمه وفتح له كنوز كتابه، وأوقفه على درره. وستُفيدك هذه القراءة بإذن الله تعالى عدة فوائد منها: الفائدة الأولى: تدبر القرآن، وهو من أجلّ مقاصد إنزال القرآن العظيمة ومن أنفع ما يعود على المسلم من قراءته للقرآن. الفائدة الثانية: محاسبة نفسك على تقصيرها وتفريطها في جنب الله، ومن حاسب نفسه في الدنيا خفّ عليه الحساب يوم القيامة. الفائدة الثالثة: تحفيز النفس على العمل بالقرآن، والتشمير والجدّ والنشاط. الفائدة الرابعة: حصر ما يحبه الله فتأتي به، وما يكرهه فتتجنّبه، فتزداد علمًا وعملا، ورفعة وأجرًا. الفائدة الخامسة: انشراح الصدر ولين القلب, ومعرفة حقيقة دار الدنيا, وعظم شأن المصير في الدار الآخرة. اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا آمين.