أنت الليلة على موعد مع حدث عظيم… حدث يتغير فيه الكون كله لأجلك، حيث تتبدل نواميس الطبيعة، ويعم الخير، ويقل الشر، كل ذلك لأجلك أنت… إنه حدث تُصفّد فيه الشياطين، وتُغلق فيه أبواب النيران، وتُفتح فيه أبواب الجنان. حدث ترقّ فيه نفسك، وتُقبل على مولاها، وتشعر بأن الكون كله مهيّأ لك للطاعة، والاقتراب من خالقك… إنه حدث يُزّين فيه الكون لك، ويعم الخير لأجلك. ينادي فيه منادٍ من السماء: “يا باغي الخير أقبل، يا باغي الشر أقصر، فتحت الجنة لك، وصفدت الشياطين عنك، وأغلقت النار لتبعدك عنها.” ليس يومًا، ولا أسبوعًا، بل شهرٌ كاملٌ، فيه في كل ليلة يعتق الله رقاب عباده من النار. شهرٌ ليس فيه ساعة إجابة واحدة فقط، بل تستجاب فيه الدعوات طوال أيامه ولياليه. شهرٌ تُغفر فيه الذنوب، وتُمحى فيه العثرات. إن صمته حق صيامه، غُفرت لك ذنوبك. إن قُمت لياليه حق قيامه، غُفرت لك ذنوبك. إن خضعت فيه لربك، وتقربت منه، ودعوته بإخبات، أُجيبت دعواتك. شهر لو عزمت فيه على التغيير، وجاهدت نفسك، وأرغمتها على الطاعات، لتغيرت حياتك… شهر فيه ليلة هي خير من ألف شهر، بل خير من آلاف الشهور. ليلة تُعتق فيها الرقاب، وتُستجاب فيها الدعوات، وتتغير فيها الأقدار. والله وبالله وتالله، من حُرم فضله فقد حُرم، ومن خسر خيره فقد خسر، ومن ضيّعه ضاع، ومن فقده فقد فقد، ومن ضلّ فيه فقد ضلّ. اعزم الآن… شمر الآن… عاهد ربك الآن، واجعل شعارك: “وعجلت إليك ربي لترضى” ما زال هناك وقت للتوبة الصادقة، وللإكثار من الاستغفار، ولتهيئة قلبك لأداء ركن من أركان الإسلام مقبلاً خاشعًا، مؤمنًا محتسبًا، لتكون ممن صامه إيمانًا واحتسابًا. جاهد، قاوم، أقبل، فباغي الخير يحبه ربه ويقبله، وباغي الشر يبغضه ربه ويقصيه. واحذر كل الحذر أن تصيبك دعوة دعاها جبريل وأمّن عليها رسولنا الكريم: “خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يُغفر له”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “آمين”. اللهم هيّئنا لرمضان، وهيّئ رمضان لنا، وتقبله منا، واكتبنا فيه من المبعدين المعتَقين من نيرانك. اللهم آمين، آمين، آمين. والصلاة والسلام على الهادي إلى الصيام، وسائر الأركان، وأعمال الإيمان، سيدنا محمد، منّة الله على المؤمنين، صلى الله عليه وسلم. كل عام وأنتم بخير.