
قناة عامل المعرفة أحمد العرفج
February 16, 2025 at 07:17 AM
🔴 يا كل الأخوة يا يحيى!!
أما يحيى؛ فهو أخي وشقيقي الوحيد، إنه الأخ الذي علمني، وأنظر إليه كأستاذ وموجِّه ومربٍّ، كيف لا وهو فعل معي كل ما يفعله الأخ النبيل صاحب الخلق الرفيع مع أخيه.. وأكثر.
نعم؛ يحيى انتشلني من دائرة السوء، التي كنت أعيش فيها أيام الحارة، وشقاوة الفتيان، كان ذلك عام (1979م)، حين كنت على وشك الضياع مع أصدقاء السوء، وقرناء الضراء والنكباء.
لقد انتزعني من بينهم، وأخذني إلى جُدَّة -بضم الجيم- وأنا ما زلت أترنح في الصف السادس الابتدائي، أخذني وبدأ يرعاني ويعلِّمني حتى عرفت الطريق، وحين وصلت للصف الثالث متوسط قال: «انطلق إلى الميدان، فأنت اليوم رجلٌ يمكنك أنْ تعتمد على نفسك».
يحيى؛ ليس أخًا ولا شقيقًا، بل هو معلِّم وموجِّه، رجل يمتلك الذكاء والذوق السليم، والحس الموسيقي الراقي، إنَّه الذي حببني في العلم، ورغب إليَّ القراءة وجعلني أقع في غرام الكتابة، وجعلني أوقِّع اتفاقية مع اللغة العربية، والنصوص الأدبية، وكان قدوة لي بأفعاله قبل أقواله.
يحيى؛ هذا الرجل الطموح، الذي كلما خطَّط لحلم وصل إليه، وعلى سبيل المثال لقد كان يعاني من جهله باللغة الإنجليزية، وفجأة تعلَّم ودرس حتى أخذ الماجستير في الترجمة الفوريَّة من جامعة أدنبرة، وأصبح مترجمًا في وزارة الإعلام، ثم بدأ ينمي مهاراته في الفنون.. فتناول أدواتها وتمكَّن من إجادتها بكل جدارة.
يحيى؛ أخي وأبي في نفس الوقت، إنَّه -قمصه الله ثوب العافية- كان العمود الفقري في أسرتنا، حيث كان ينقلنا بمحبته قبل سيارته، ويأخذنا إلى ربوع بلادي.
لم يكن في أسرتي أحد لديه سيارة إلَّا هو، ولذلك كنا ننتظره عندما يأتي في الإجازات؛ لكي ينقلنا من مدينة إلى مدينة، ويسافر بنا من محطة إلى محطة.
يحيى؛ ذلك الرجل الذَّويق الذي يزن الكلام قبل أنْ يقوله، إنَّه مدرسة في الذكاء الاجتماعي، ومنصة تلتقط الأفكار الجديدة لتبثها بين الناس.
أما من حيث خفة الظل، فكانت المجالس كلها تنادي أين يحيى؟ فإذا حضر يحيى حضرت النكتة البريئة، وحضرت اللباقة اللطيفة، وحضرت الطرفة الظريفة، إنَّه ابتسامة تمشي على قدمين في الأرض.
كان يحاول دائمًا أنْ يخفي أحزانه عنا حتى لا نُصاب بالتعب، يحزن لوحده ولكن إذا أتى.. أتى إلينا ضاحكًا مبتسمًا، كان يكبت جراحه، ويخبِّئ آلامه حتى لا تنتقل عدواه إلينا فنُصاب بالتعب والحزن.
كان يحيى قبل كل الكُتَّاب ينادي بمصطلح #فن_الاستمتاع_بالحياة و#فن_إدارة_الجلسات، لقد تعلَّمنا منه كيف نستمتع بأوقاتنا، وقبل ذلك تعلَّمنا منه طريقة إدارة الحديث وحسن الاستماع، كان يحيى دائمًا يرفع لواء توحيد المجلس، وينادي بحسن الإنصات، فإذا تحدَّث أحد الجالسين طلب منا أنْ نستمع له، فإذا انتهى بدأ الآخر بالحديث، وهكذا حتى نستفيد من الجلسة في كل دقائقها وثوانيها، لتصبح الجلسة كاملة الدسم.
يحيى؛ كما قلت ليس أخًا واحدًا.. بل هو كل الأخوة، وهذا المقال هو فقط لوحة شكر أرفعها لأخي الأكبر الذي انتشلني ورباني ودعمني.
إنَّ يحيى -قمَّصه الله ثوب العافية- مثل غيره، بحاجة الدعاء مني ومنكم، فأرجوكم اذكروه في دعائكم الصالح بالذات في أوقات الخلوات، وفي ظهر الغيب، فأجمل الدعاء وأكمله ما كان بظهر الغيب.
حسنًا.. ماذا بقي؟
بقي القول: يا أخي يا يحيى.. أيُّها الحبيب الصديق والأخ الشقيق، أرجوك عد إلينا فنحن بحاجتك، إنَّ مكانك الكبير لا يملأه إلَّا أنت، وحديثك العذب لا يرويه إلَّا أنت، وحكاياتك المليئة بالعلم والمعرفة والوعي والأدب والأخلاق لا يحكيها إلَّا أنت.
لذلك؛ أرجوك.. أرجوك، ثم أرجوك عد إلينا، فنحن بانتظارك، سنترك الأبواب مفتوحة حتى نستقبلك بالورود والزهور، أيُّها الأخ والصديق والحبيب يا أبا عبدالرحمن، يا زينة المجلس، يا شمعة الجلاس كما يقولها «طلال مداح» -رحمه الله .
و هذا رابط المقال في جوف السيد x
https://x.com/arfaj1/status/1891022716385300820?s=46&t=mejznxrv_DcekUKxFuxsag
👍
💙
3