
المشكاة نحو أفق واعد
February 25, 2025 at 09:36 AM
كلُّ الآلامِ التي يراها الإنسان وكلُّ المصائبِ التي قد تمرُّ به نعمٌ خفيّةٌ ولكنّها مقنّعةٌ بمظهرٍ رقيق، الحكمةُ من ذلك أن يسوقَ هذا القناعُ الإنسانَ إلى محرابِ العبوديّةِ للهِ عزَّ وجلّ. واللهُ سبحانهُ وتعالى لا يحبُّ أن ينتقلَ عبدهُ إلى رحابِ الآخرةِ إلا نقيّاً من الأدران، نقيّاً من السّيّئاتِ كلّها، وقانونُ اللهِ سبحانهُ وتعالى قضى وقضاؤهُ لا مردَّ له: أنَّ كلَّ من ارتكبَ شيئاً لا بدَّ أن يجزى به، أليسَ هو القائل: ((ليسَ بأمانيّكم ولا بأمانيِّ أهلِ الكتاب من يعمل سوءاً يُجزَ به ولا يجد لهُ من دونِ اللهِ وليّاً ولا نصيراً))؟ ((من يعمل سوءاً يُجزَ به))، هذا كلامٌ مخيف. ولقد خوّفَ هذا الكلامُ سيِّدَنا أبا بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ قبلَ أن يخوّفنا نحن، وهُرِعَ إلى المصطفى عليهِ الصّلاةُ والسّلام عندما نزلت هذه الآية وهو يقولُ: (يا رسولَ الله ما العملُ بعدَ اليوم: ((من يعمل سوءاً يُجزَ به)). من منّا لا يعملُ سوءاً؟ من منّا لا يرتكبُ سيّئة؟ من منّا لا يسرفُ على نفسهِ في ساعةٍ من ليلٍ أو نهار)؟ فماذا قالَ لهُ المصطفى عليهِ الصّلاةُ والسّلام؟ "غفرَ اللهُ لكَ يا أبا بكر، ألستَ تمرض؟ ألستَ تحزن؟ ألستَ تصيبُكَ اللأواء؟ فذلكَ ما تُجزَونَ به".
من كلام سيدي الشهيد البوطي رحمه الله تعالى.