د .باسل  أورفه لي ( المعراوي )
د .باسل أورفه لي ( المعراوي )
February 11, 2025 at 08:36 AM
مقابلة الرئيس #الشرع في البودكاست السياسي البريطاني الأشهر #the_rest_is_politics مع الصحفي والسياسي البريطاني أليستر كامبل تمت إذاعة المقابلة صباح اليوم وقد أجريت باللغة الانكليزية و فيما يلي أقدم لكم الترجمة الكاملة. أعتذر سلفاً عن أية هفوات في الترجمة إن وُجدت فقد قمتُ بترجمة المقابلة على عجل (رابط للبودكاست باللغة الانكليزية في التعليقات): • لقد كنتَ للتو في المملكة العربية السعودية. أخبرنا ماذا كنت تفعل هناك، وماذا كنت تأمل أن تحقق، وماذا حققت بالفعل؟ بسم الله الرحمن الرحيم. مرحبًا بكم في دمشق. بدايةً، المملكة العربية السعودية هي المكان الذي وُلدت فيه، وكنتُ دائمًا أحلم بالعودة إليها، وهذا على المستوى الشخصي. أما بصفتي رئيس دولة، فقد أردتُ أن تكون زيارتي الأولى إلى دولة عربية كبرى. لذلك، عندما تلقيتُ دعوة عاجلة من ولي العهد محمد بن سلمان، لبّيتُ الدعوة على الفور، لأنني رأيت أنه من المناسب أن تكون زيارتي الأولى إلى المملكة العربية السعودية، وهي دولة ذات مكانة وتأثير خاص في منطقتنا. • ألا يبدو الأمر غريبًا جدًا أن تكون رئيسًا الآن؟ أنت في هذا القصر الذي كان فيه الأسد. لقد كنتَ مقاتلًا، وسجينًا، ومحاربًا، وقائدًا، والآن أنت رئيس. ألا يبدو هذا غريبًا جدًا؟ لقد كنتُ مقاتلًا، لكن ليس لأنني رغبتُ في القتال. واليوم أنا رئيس، ولكن ليس لأنني رغبتُ في أن أكون رئيسًا. لقد عانى السوريون من قمع شديد لمدة ستين عامًا. وخلال السنوات الأربع عشرة الماضية، تم تدمير مجتمعهم بشكل منهجي. تم تهجير الناس، وقتلهم، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضدهم، وتعذيبهم في ظل وجود النظام. لم يستجب النظام لأي من الحلول السياسية التي عُرضت عليه، ورفض تلبية أي من مطالب الشعب. ومع تصاعد الأحداث وبدء القتال، قُدّمت له العديد من الحلول السياسية من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي، لكنه رفض أي حل سياسي واستمر في تدمير المجتمع السوري. • في الإنجليزية، نقول إن "الطفل هو والد الرجل"، وأحيانًا نشعر بأن طفولتنا تشكل شخصياتنا. هل يمكنك أن تخبرنا عن طفولتك والقيم التي ساعدتك في أن تصبح الشخص الذي أنت عليه اليوم؟ عائلتي تنحدر في الأصل من الجولان المحتل من قبل الكيان الإسرائيلي. وُلدتُ في المملكة العربية السعودية، وعشتُ في دمشق، ثم ذهبتُ إلى العراق، ثم عدتُ أخيرًا إلى سوريا من أجل الثورة السورية المباركة. لذا، مرّت حياتي بمراحل عديدة، وخلال هذه الرحلة، تعرّفت على العديد من الأفكار. في طفولتي، كنتُ كأي طفل آخر، نشأتُ في حي ميسور الحال، من الطبقة المتوسطة أو فوق المتوسطة. درستُ المرحلة الابتدائية في دمشق، ثم المرحلة الإعدادية والثانوية. بعد ذلك، في السنة الأولى من دراستي الجامعية، اندلعت الحرب في العراق، وشعرتُ أن عليّ الذهاب إلى هناك. كانت منطقتنا تمر بمرحلة صعبة في ذلك الوقت، وكان ذلك تزامنًا مع الانتفاضة في فلسطين المحتلة، حيث قُتل العديد من الفلسطينيين، خاصةً في الأعوام 2000 و2001 و2002. أنتمي إلى عائلة ذات خلفية سياسية، حيث كان والدي لاجئًا سياسيًا في العراق، وكتب عن القضايا السياسية في الصحف السعودية والسورية. كنا نتحدث عن السياسة في منزلنا. • كان والدك شخصية بارزة في ربيع دمشق. وفي النهاية، لم ينجح ربيع دمشق. ما الدروس التي تعلمتها من هذا الفشل؟ هل كانت المشكلة في ربيع دمشق أيديولوجية أم تكتيكية؟ بشكل عام، هناك ثقافة سياسية قوية في المجتمعات العربية، لكن عامة الناس ليست لديهم خبرة في السياسة العملية، لأن الأنظمة العربية لا تسمح لهم بالمشاركة فيها. وبدون تلك الخبرة، لا يمكن أن يكون لديهم فهم عملي صحيح للواقع السياسي. كذلك، في بلد مثل سوريا، لم يكن هناك أي منتدى لممارسة السياسة العملية، لذا كان ربيع دمشق ميتًا منذ ولادته. • كنتَ في العراق مقاتلًا لمدة ثلاث سنوات، ثم في السجن لمدة خمس سنوات. كيف كان العيش في السجن؟ كيف غيّرك ذلك؟ ماذا تعلمتَ؟ وكيف أصبحت هذه الشخصية التي صعدت بسرعة في صفوف التنظيمات التي شاركت في التمرد؟ كما ذكرتُ، كنتُ في التاسعة عشرة من عمري عندما بدأتُ أدرك حجم القمع في سوريا والمنطقة الأوسع. كان للانتفاضة الفلسطينية تأثير نفسي كبير عليّ، وشعرتُ بالحاجة إلى التعلم، فقرأتُ كثيرًا عن دمشق وسوريا، وعن عمقها التاريخي وحضارتها العريقة، كونها أقدم مدينة معروفة للبشرية. كنتُ أمشي في أزقة دمشق القديمة، وأشعر أن التاريخ يتحدث في كل زاوية. لكن في الوقت نفسه، كنتُ أرى وضع البلاد والطريقة المروعة التي كان النظام يحكم بها. شعرتُ بالألم لما تحمله دمشق من عبء، وكيف كان النظام يسيء إلى المجتمع السوري وهذه المدينة العريقة. كنتُ مقتنعًا بأن هذا النظام يجب أن يسقط. ولكن في ذلك الوقت، لم تكن لدينا الوسائل ولا الخبرة. لذلك، قررتُ الذهاب إلى حيث يمكنني اكتساب بعض الخبرة. • حدّثنا عن الحياة في السجن. في العراق، أُسرتُ في وقت مبكر. وتم إرسالي إلى سجن أبو غريب الشهير حيث كان الناس يُعذبون. ثم نُقلتُ إلى سجن بوكا، وبعد ذلك إلى سجن كوبر في بغداد، وأخيرًا إلى سجن التاجي قبل أن يتم الإفراج عني. خلال هذه الجولة في السجون، تعرّفتُ على العديد من الأشخاص، وأصبحت أكثر نضجًا سياسيًا. ورأيتُ أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما كنتُ أؤمن به وبين بعض الأفكار التي كنتُ أسمعها من سجناء آخرين، والتي كانت صادمة لي. كان ذلك في وقت كان الصراع الطائفي يسبب مشاكل كبيرة في العراق، ولم أكن جزءًا من ذلك إطلاقًا. • من الغريب بالنسبة لي أن أجلس معك الآن لأننا كنا معًا في العراق عام 2003، ولكن على طرفين مختلفين. كنتُ جزءًا من الاحتلال الأمريكي البريطاني، بينما كنتَ تقاتل في صفوف القاعدة ضد الاحتلال. لم أكن أتخيل أبدًا أنني سأجلس معك بهذه الطريقة. كيف تنظر إلى هذه التجربة بعد كل هذه السنوات؟ هذا السؤال يحتاج إلى إجابة طويلة جدًا، ربما تتطلب عشرة حلقات مثل هذه. أنا مستعد تمامًا لمناقشة هذا الموضوع، لكن في ظل موقعي الحالي، فإن تقديم إجابة مختصرة على مثل هذا السؤال الكبير سيعرض سوريا لانتقادات كثيرة، ولا أريد أن أضع سوريا في هذا الموقف الآن. • هل تقول الآن إنك تريد أن تقدم نفسك للعالم كرجل سلام؟ وكيف تنوي بناء علاقات مع الدول التي لا تزال تشكك فيك بشدة؟ في منطقتنا، نحن متعبون من الحرب، وخاصة في سوريا. لا يمكن للإنسانية أن تعيش بدون السلام والأمن. الناس يبحثون عن ذلك، وليس عن الحرب. هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تجمع الناس وتؤدي إلى حلول سلمية دون اللجوء إلى القتال. ما يوحّدنا كبشر في السلام أكبر بكثير مما يفرقنا في الحرب. • سيادة الرئيس، هناك تحدٍ عملي يتمثل في أن هيئة تحرير الشام تضم حركات مختلفة، وبعضها أكثر تطرفًا، وربما يكون بعض أفرادها غاضبين من جلوسك مع شخص مثلي. كيف تدير كل هذه الفصائل وقد أصبحتَ رئيسًا؟ أعتقد أن القول بأن الجلوس معك غير مسموح به هو مبالغة كبيرة. الأمر ليس بهذا السوء. لقد استخدمتُ الإقناع والحوار مع الجميع حتى توصلنا إلى صيغة مناسبة للعيش معًا وتحقيق أهداف الثورة. وافق الكثيرون على هذا النهج، ومن خلال التجربة والوعي والحوار المكثف، توصلنا إلى نتائج إيجابية للغاية دون الحاجة إلى القتال فيما بيننا. • بعض الأشخاص الذين تحدثنا إليهم اليوم يعتقدون أن تصريحاتك الأولى كانت إيجابية وشاملة للغاية، لكنهم الآن يريدون معرفة متى سيُعقد مؤتمر الحوار الوطني، ومتى يمكنهم الحصول على ضمانات بشأن الدستور، ومتى يمكنهم أن يأملوا في رؤية الانتخابات؟ هل لديك إطار زمني واضح لذلك في ذهنك؟ تمر سوريا بمراحل عديدة. كانت الأولوية تثبيت الحكومة لمنع انهيار مؤسسات الدولة. كان لدينا حكومة إدلب جاهزة لتولي المسؤولية بمجرد السيطرة على دمشق. منحنا ثلاثة أشهر لهذا الهدف، ثم سننتقل إلى المرحلة التالية التي تشمل إعلانًا دستوريًا، ومؤتمرًا وطنيًا، واختيار الرئيس. قمنا بتعيين الرئيس وفق الأعراف الدولية بعد التشاور مع خبراء دستوريين. القوات المنتصرة عينت الرئيس، وألغت الدستور السابق، وحلّت البرلمان القديم. الآن، سننتقل إلى الحوار الوطني، الذي سيشمل طيفًا واسعًا من المجتمع، وسيؤدي إلى توصيات تمهّد لإعلان دستور جديد. سيتم تشكيل برلمان مؤقت، وسيتولى هذا البرلمان تشكيل لجنة دستورية لصياغة الدستور الجديد. • السيد الرئيس، لا بد أن هذا الأمر يبدو لك كالمعجزة. لقد كنت في إدلب قبل 55 يومًا، والآن تدير البلاد بأكملها. كيف كانت الأيام الأولى؟ ما الذي فاجأك؟ وما هو أصعب شيء واجهته؟ وماذا تعلمت عن نفسك خلال هذه الفترة؟ لقد أنشأنا جميع المؤسسات التي نحتاجها في إدلب، وأعددنا أنفسنا بالكامل من حيث الأمن والمؤسسات والخدمات. كنت على يقين بأن اليوم الذي سنكون فيه في دمشق سيأتي لا محالة. قبل عامين أو ثلاثة، كنت أقول في خطاباتي إننا سندخل دمشق وحلب. ولم يكن هذا الحديث مجرد رفع للمعنويات، بل كان مبنيًا على معطيات. كنت أستند إلى البيانات لتحليل قوتنا، والتماسك الاجتماعي في إدلب، ومقارنته بحالة النظام، من انهياره الاقتصادي وتفكك مجتمعه وحالة جيشه، بالإضافة إلى تدخل القوى الأجنبية في البلاد. • السيد الرئيس، عندما كنتُ سياسيًا، وجدتُ صعوبة في الانتقال من الخطاب النظري إلى خطاب أكثر انفتاحًا مع الجمهور، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك. هل تجد هذا الأمر تحديًا بالنسبة لك؟ هل من الصعب عليك الانتقال من العمل في منظمة سرية إلى ضرورة مشاركة جزء من شخصيتك مع الناس؟ كل مرحلة لها ظروفها. في إدلب، كنت أتعامل مع الناس بشكل علني، وأدير شؤونهم، وألتقي بمختلف فئات المجتمع. كنت سياسيًا هناك أيضًا، ولكن ليس بنفس الدرجة التي أنا عليها الآن في دمشق. وكما تعلم، يختلف الخطاب في زمن الحرب عنه في زمن السلم، حسب الظروف وما هو مطلوب من الناس في كل مرحلة. • على سبيل المثال، تعلمتُ أن أتحدث عن أطفالي. لديّ ولدان، يبلغان من العمر سبع وتسع سنوات. هل ستتحدث عن أبنائك وعائلتك؟ هل هذا جزء من كونك رئيسًا؟ بالطبع. في المنصب الذي أشغله اليوم، سيكون لعائلتي حضور طبيعي في المشهد العام. لا أقصد أنهم سيشاركون في العمل السياسي، ولكن للناس الحق في معرفة من هي عائلتي، ومن هم أطفالي، وكيف نعيش. متطلبات الرئاسة في سوريا اليوم تختلف تمامًا عن إدارة إدلب، وأعتقد أن هذا جزء من الدور الذي يجب أن أتحمله. • هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن أبنائك، أعمارهم، شخصياتهم؟ لدي زوجة واحدة، رغم أن الإعلام يشيع غير ذلك. لدي ثلاثة أطفال. عشنا معًا في ظل ظروف صعبة، لكني حرصت على حمايتهم من أي مخاطر محتملة. قبل دخولنا إلى دمشق، كنت حريصًا على إبقاء معلوماتهم سرية بسبب الوضع الأمني الصعب. كانت الحرب لا تزال مستمرة، وكان من الضروري اتخاذ أقصى درجات الحذر. • البعض يصفك بأنك "مهووس بالسيطرة". هل توافق على هذا الوصف؟ وهل تعتقد أن موقعك يفرض عليك أن تكون متحكمًا في كل شيء؟ لا يمكن للإنسان أن يقيم نفسه بنفسه. من الأفضل ترك الحكم للآخرين. أنا أحب أن يتم إنجاز العمل بإتقان، وأن يكون كل شخص على دراية بمسؤوليته. الأمر لا يتعلق بالسيطرة، بل بمسؤولية القيادة. لو لم يكن هناك انضباط واحترام للقرارات، لكانت هناك فوضى عارمة تهدد السلم الوطني. عندما كنا نتقدم نحو دمشق عبر حلب وحماة وحمص، كنا نواجه مجتمعًا منقسمًا بسبب سياسات النظام. لو لم يكن هناك تنظيم وسيطرة على القوات، لكانت هناك تجاوزات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. • ما رأيك في دونالد ترامب؟ هناك آراء مختلفة في الشرق الأوسط حول الرئيس ترامب خلال فترته الرئاسية بين 2016 و2020. أعتقد أن لديه رسالة إيجابية حاليًا، حيث يركز على السياسة الداخلية وتنشيط الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى اهتمامه ببناء السلام في الشرق الأوسط. إذا تحولت أفكاره إلى واقع، فقد يكون له دور مهم في تحقيق السلام العالمي، خاصة إذا نجح في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. • لكن هناك أمرين خطيرين بشأن ترامب: أولًا، حديثه عن التطهير العرقي في غزة ومحاولة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وثانيًا، العقوبات المفروضة على سوريا. ما رأيك في ذلك؟ لا توجد قوة تستطيع اقتلاع شعب من أرضه. العديد من الدول حاولت ذلك وفشلت، خاصة خلال الحرب الأخيرة في غزة. رغم القتل والتدمير، لم يغادر الفلسطينيون أرضهم. على مدى 80 عامًا، أثبت التاريخ أن التهجير لن ينجح. أعتقد أن ما يسعى إليه ترامب جريمة لن تنجح في النهاية. • وماذا عن العقوبات المفروضة على سوريا؟ تم فرض العقوبات على النظام السابق بسبب جرائمه، مثل المجازر الجماعية. ولكن بعد سقوط النظام وتفكيكه، لم يعد هناك مبرر لهذه العقوبات. لذا، يجب رفعها فورًا. • ما هي استراتيجيتك لرفع العقوبات؟ هناك إجماع دولي متزايد على ضرورة رفع العقوبات. سوريا بحاجة إلى التنمية الاقتصادية لتحقيق الاستقرار، لأن غياب التنمية يؤدي إلى الفوضى. لذلك، نحن نركز الآن على تحفيز الاقتصاد كأولوية قصوى. • بصفتك رئيسًا، أي نموذج اقتصادي يعجبك؟ هل هناك دولة معينة تستوحي منها؟ درست تجارب العديد من الدول التي حققت تقدمًا اقتصاديًا مثل سنغافورة والسعودية والبرازيل ورواندا. لكن لكل بلد خصوصيته. نحن بحاجة إلى تطوير نموذج اقتصادي يناسب ظروف سوريا. • ألا تشعر أحيانًا بأن المهمة صعبة جدًا؟ سوريا تعاني من اقتصاد منهار، ونقص في الكهرباء والوقود، وخدمات عامة ضعيفة، وبطالة مرتفعة. ألا تتمنى أحيانًا أن يكون شخص آخر في مكانك؟ نعم، ورثنا دولة مدمرة تمامًا بسبب النظام السابق. لكن هذا هو التحدي الذي يجب أن نواجهه كسوريين. علينا أن نعيد بناء بلدنا. صحيح أن هناك صعوبات، لكن لا شيء مستحيل. بالإرادة والعمل الجاد، يمكننا النهوض بسوريا وجعلها قصة نجاح إقليمية وعالمية، بإذن الله. • ماذا عن الأجهزة الأمنية والجيش السابق؟ ألا تخشى أن يتكرر سيناريو العراق بعد اجتثاث البعث؟ الوضع في سوريا مختلف تمامًا عن العراق. لم أحلّ الجيش السوري دون أن يكون لدي بديل. جلبت معي مؤسسة عسكرية منظمة، بالإضافة إلى أكاديمية عسكرية جديدة. هناك ضباط منشقون عن النظام السابق عادوا وانضموا إلى وزارة الدفاع الجديدة. الجيش القديم كان مجرد ميليشيات تتبع لإيران وروسيا، وليس مؤسسة حقيقية. الآن، الجيش الجديد يعتمد على التجنيد الطوعي وليس الإجباري، وهناك آلاف المتطوعين ينضمون إليه يوميًا. • عندما كنت مقاتلاً، هل فعلت شيئًا تندم عليه؟ كنت حريصًا جدًا على التأكد من أن المدنيين لم يتعرضوا للأذى في معاركنا، رغم الدعوات الواسعة لاستهداف المدن والقرى التي يسيطر عليها النظام. تمامًا كما كانوا يقصفون المدن والبلدات التي تقع خارج سيطرتهم بلا هوادة، رفضنا أن نفعل الشيء نفسه. لمدة تقارب الأربعة عشر عامًا، تحملنا قصفًا منهجيًا لقرانا ومدننا دون أن نرد بالمثل على النظام. كنت أركز على استهداف القوى الأساسية للنظام، مثل الجيش والأجهزة الأمنية وغيرها من المجموعات التي كان يعتمد عليها في قتال الشعب. كنت أتجنب أي معارك جانبية تمامًا. من الطبيعي أن يرتكب الإنسان أخطاء ثم يصححها. من المهم جدًا أن يكون الإنسان في سلام مع نفسه، وأن يراجع أفعاله في كل مرحلة، ويحدد الأخطاء، والأهم من ذلك، ألا يعيد ارتكابها. كان هذا هو النهج الذي سلكته في عملنا. لا أزعم أنني خالٍ من الأخطاء، على العكس تمامًا. ارتكبنا بعض الأخطاء، ولكنها لم تصل إلى حد إيذاء المدنيين. • ما هو التأثير النفسي للعيش حياة سرية لمدة عشرين عامًا؟ ماذا يعني ذلك لعقلك، لجسدك، لروحك أن تعيش حياة سرية لمدة عشرين عامًا؟ لم تكن حياة سرية بمعنى أن تكون مخفية وغير مرئية طوال الوقت. كان لدي الكثير من الأعمال المتعلقة بالاجتماعات اليومية طوال اليوم إلى جانب الوقت المخصص للعلاقات العامة. لم أكن أختبئ بالطريقة التي قد يتصورها البعض، إلا في بعض الحالات التي تتعلق بالمعارك أو الحرب، والتي كانت تتطلب الحذر. لذا، لم أكن أعيش حياة معزولة عن الناس إطلاقًا. كنت أعيش بينهم بينما أبقي بعض الأمور سرية. الآن، في موقعي الجديد، لا أمانع في مشاركة هذا مع الجميع لأن ظروف العمل التي كنا نواجهها سابقًا قد تغيرت تمامًا، ونحن اليوم في مرحلة جديدة. • لكن كان هناك مكافأة قدرها 10,000,000 دولار على رأسك. لا بد أن يكون من الصعب جدًا أن تثق بالناس إذا كان من المتوقع أن تدفع الحكومة الأمريكية 10,000,000 دولار لشخص ما لقتلك. لابد أن ذلك كان مرهقًا. أعني، مرهقًا. لا بد أن يكون ذلك صعبًا جدًا. إدلب كانت مفتوحة جدًا للناس. كنت ألتقي مع وفود من الخارج وكان لي العديد من التفاعلات مع الصحفيين. كما كان لدي اجتماعات منتظمة مع الجامعات والأساتذة والوزارات المختلفة. كنت ملتزمًا بخدمة الناس، والدفاع عنهم، وبناء المؤسسات، والعمل نحو اختراق دمشق لإسقاط هذا النظام وتحرير الشعب السوري. أثناء أداء مهامي، لم أولِ المكافأة البالغة 10,000,000 دولار الكثير من الاهتمام. لم أكن أعتقد أن أحدًا سيسعى لهذه المكافأة لقاء قتل شخص كان مخلصًا في خدمة الناس. • هل ما زلت تعتبر نفسك ثوريًا؟ أعتقد أن العقلية الثورية لا تستطيع بناء دولة. تحتاج إلى عقلية مختلفة عندما يتعلق الأمر ببناء دولة وإدارة مجتمع كامل. بالنسبة لي، انتهت الثورة بالمعنى السابق بإسقاط النظام. الآن، انتقلنا إلى مرحلة جديدة، تتعلق بإعادة بناء الدولة، والتنمية الاقتصادية، والسعي نحو الاستقرار والأمن الإقليمي، وطمأنة الدول المجاورة، وإقامة علاقات استراتيجية بين سوريا والدول الغربية والدول الإقليمية. • هل كنت دائمًا ترغب في أن تكون رئيسًا؟ حتى عندما كنت مقاتلاً، هل كنت تفكر أن هذا جزء من السياسة؟ أريد أن أمضي، وأريد أن أدير البلاد. هل كنت تفكر في ذلك حينها؟ من يمر بتجربة مثل تجربتنا لا يهتم كثيرًا بالمناصب التي يحصل عليها. نحن نعيش في زمن يصنع فيه القائد المنصب. ليس المنصب هو الذي يصنع القائد. واجهنا تحديات كبيرة، وكنا بحاجة إلى مستوى عالٍ من النزاهة الأخلاقية للوصول إلى ما نحن عليه اليوم. السعي نحو الرئاسة كهدف نهائي هو عقلية خاطئة. نحن نركز على خدمة الناس بغض النظر عن المنصب الذي نشغله. • سؤالي الأخير لك. عندما ترى ما تقوله وسائل الإعلام الغربية عنك، ما الذي يجعلك غاضبًا، وما الذي تعتقد أنهم لا يفهمونه عما تفعله؟ ربما ليس لدي وقت لمتابعة وسائل الإعلام الغربية، لكن سوريا دولة حاسمة بموقعها الاستراتيجي الذي له تأثير عالمي. سابقًا، كان النظام يهدف إلى تهجير الناس إلى أوروبا وكان يهرّب الكبتاغون إلى أوروبا والمنطقة. كما كان يستخدم دمشق كقاعدة لإثارة المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بسبب الدور السلبي للغاية الذي كانت تلعبه بعض الدول الأخرى داخل سوريا. اليوم، تغيرت وضعية سوريا بشكل كبير، وأصبحت بلداً جديداً بمستقبل واعد. ستلعب دورًا رئيسيًا في استقرار المنطقة، مدعومًا بالتنمية الاقتصادية. ستكون سوريا أيضًا مركزًا رئيسيًا في قطاعات مثل الزراعة والصناعة والتجارة. إنها تقع على طريق الحرير التاريخي. ستزدهر التجارة بين الشرق والغرب مرة أخرى. يجب على الغرب إعادة النظر في نظرته إلى سوريا في هذه المرحلة. • سيادة الرئيس، شكرًا لك. نحن نقدر ذلك جدًا، ونتمنى لك حظًا سعيدًا في رحلتك إلى تركيا غدًا. مناقشة مثل هذه تتطلب أن نكون أكثر استرخاء. أعني، أكثر من هذا. اليوم، استغلوا ارهاقنا. في المرة القادمة، سأكون قد حصلت على قسط كافٍ من الراحة ومستعدًا تمامًا. ترجمة حسام حاج عمر
🫡 1

Comments