شاشة ١
شاشة ١
February 13, 2025 at 09:09 AM
‏السّلام عليكَ يا صاحبي، ‏لا تبتئسْ لأنهم تركوكَ وأنتَ في أشدِّ لحظاتِكَ حاجةً إليهم، ‏صدِّقني، كلما جاءت الخيباتُ باكراً كلما صار ترميمها أسهل! ‏الطَّعنة في منتصف الطريق موجعة، ‏ ولكنها في آخره موت، ‏ إن بقيَ فيكَ رمقٌ! ‏يا صاحبي، ‏ لا تلُمْ نفسكَ، ولا تبحثْ فيكَ عن سببٍ، ‏الغادرُ لا يحتاجُ سبباً، ‏ لقد كان غادراً منذ البداية، ‏ وكان يتحيّن الفرصة، وها قد أتتْ! ‏ ‏وإياك أن تسأل: لِمَ تغيَّروا؟! ‏كانوا هكذا منذ البداية، ‏ فالأيام لا تُغيّر الناس، ‏ولكنها تكشفهم على حقيقتهم! ‏ ‏قالوا قبلنا: أفضل جهازٍ للكذب هو الأيام! ‏وها قد سقطت الأقنعة، ‏وظهرت وجوه المفترسين على حقيقتها! ‏ ‏يا صاحبي اُنظُرْ للأمر من زاوية أخرى، ‏فهم حين تركوكَ، علموكَ كيف تُحارب لتنجو! ‏وكيف تسبحُ معتمداً على اللهِ ثم ذراعيكَ! ‏صدقني لم تخسرْ، ‏ لقد كنتَ تحسبُهم طوق نجاةٍ بينما لم يكونوا إلا قشَّة! ‏يا صاحبي، ‏ كل خذلانٍ من الناس يُقربكَ لله أكثر، ‏فتزداد يقيناً أنه أمانكَ الوحيد، ‏فتحامل على نفسكَ وامضِ، ‏واقرأْ في المصحف، ورمم ثقوب قلبكَ، ‏وتعزَّ بالذين سبقوكَ! ‏فإن أُلقيتَ في جُبِّ الحُزن، ‏ فقد أُلقيَ يوسف عليه السّلام قبلكَ وبيد إخوته! ‏ ‏وابكِ، ‏ لا حرج يا صاحبي أن تبكي، ‏ نحن بشر، ‏وفي البكاء راحة ومستراح، ‏ومن قبلكَ بكى يعقوب عليه السّلام، ‏ولكنه لم يتعلق بحبال الناس، ‏ وإنما شكا بثه وحزنه إلى الله! ‏ ‏الصعاب ستمضي يا صاحبي، ‏ تذكَّرْ مريم يوم قالت: ليتني متُّ قبل هذا! ‏ ‏ولم تكُنْ تدري أنها وضعتْ نبياً من أولي العزم من الرسل، ‏لعلَّ ما أحزنكَ الآن هو أجمل ما حدثَ لكَ! ‏ ‏الشجرة يا صاحبي لا تئنُّ تحت ضربات الحطَّاب، ‏ وإنما ترمقه بشموخٍ من أعلى! ‏فإياكَ أن تَئِنَّ، ‏فإنَّ حطَّابكَ الذي جاء لاجتثاثكَ يسعده صوتُ أنينكَ، ‏ فإياكَ أن تُسمعَه ما يُسعده! ‏ ‏يا صاحبي، ‏ إنَّ الشجرة لا تبكي على غصنها الذي خلعته الريح، ‏إنها تعضُّ على جرحها، ‏ وتنتظرُ الربيع لتنبت غصاً آخر، وتُزهر! ‏ ‏وهكذا هي الحياة، ‏ إن ما تخسره ليس بالضرورة أن تسترده، ‏ولكنك ستعثر على ما هو خير منه! ‏فعُضَّ على جرحك، ‏وانتظِرْ ربيعكَ، ‏وأنبِتْ غصناً آخر، ‏وأزهِرْ كما يليقُ بكَ! ‏ ‏ والسّلام قلبك

Comments