من حياة القديس باييسوس الآثوسي: نصائح في مواجهة اليأس.. جاءني مرة احد الشبان وعلامات الحزن ترتسم على وجهه، وقال لي: "لا سبيل الى التخلص من الاخطاء، فهذه امور وراثية حسب ادعاء الاب الروحي". لقد استبد بهذا الشاب اليأس. عندما يطرح احد الاشخاص مشكلته أُوضح له السبب وادعوه الى فعل كذا وكذا. ان كان شخص يتعذب من فكر ما ولا يذوق طعماً للنوم ويتناول الادوية المهدئة للالام فإنني لا انصحه بالتوقف عن تناول الادوية، بل اشدد على ضرورة طرح الفكر الذي يعذبه ومن ثم طرح الادوية جانباً. فما نفع الانقطاع عن تناول الادوية اذا كان الفكر المعذب مقيماً في الرأس؟ __ عنف احد الشبان مرة خطيبته واسمعها كلاماً قاسياً، فانفعلت وركبت السيارة وانطلقت بسرعة جنونية، فلقيت مصرعها جراء حادث الطريق. احس الشاب بالشعور بالذنب لمقتل خطيبته وفكر بالانتحار. عندما جاء واخبرني بما حصل عزيته واعدته الى صوابه. بعد مدة يسيرة خرج هذا الشاب عن جادة الصواب واصبح لا مبالياً كأن شيئا لم يحصل، ومال الى فتاة اخرى. عندما عاد وزارني بعد ثلاث سنوات وبخته بقسوة بسبب غياب المعرفة للذات. "ألا تفهم! لقد اقترفتَ جريمة قتل وكنتَ السبب المباشر في موت فتاتك!" لو تصرف هذا الشاب تصرفاً صحيحاً لبقي متألما ولنال التعزية الالهية وابتعد عن هذه الحالة من اللامبالاة. اذا وجب الانتباه. يقترف احد الاشخاص زلة ويسيطر عليه اليأس. في تلك اللحظة يمكن تعزيته ولكنه بحاجة الى تفعيل تفانيه الخاص. __ ذات مرة جاء الى القلاية شاب حدث ان سقط في خطيئة جسدية ولم يعد باستطاعته التحرر من هذا الهوى، ففقد ابوين روحيين كانا قاسيين في مساعدته على فهم ثقل وطأة ما يفعله، فازداد يأساً وقرر قطع كل علاقة له مع الله. عندما استمعتُ إلى مشكلته تألمت من أجله وقلت له : " انتبه ايها الإنسان المبارك لا تبدأ قط بجهاد يفوق طاقتك إنما بجهاد تستطيع القيام به. اتستطيع الذهاب الى الكنيسة كل يوم احد؟" أجاب: "أستطيع". "اتستطيع ان تصوم كل أربعاء وجمعة؟" "أستطيع". "اتستطيع ان تزور المرضى او تحسن الى المعوزين بعشر مدخولك؟". "أستطيع". "اتستطيع ان تصلي مساء كل يوم وتقول: يا الهي خلص نفسي؟" اجاب: "سوف افعل ذلك". فقلت له: "اذاً باشر منذ اليوم بإتمام هذه الامور التي تستطيع القيام بها والإله الصالح الكلي القدرة يتولى القيام بالأمور التي لا تستطيع القيام بها". شعر المسكين بالهدوء وراح يردد باستمرار: " أشكرك ايها الاب". لديه تفانٍ، والإله الصالح ساعده.