د/أحمد جلال"اركب معنا"
د/أحمد جلال"اركب معنا"
February 21, 2025 at 01:57 PM
لقد رأينا كثيرًا من الناس فقدوا حياتهم لمجرد أنهم تأخروا بضع دقائق عن الوصول إلى المستشفى، أليس كذلك؟ فإذا كان التأخير خطرًا على حياة الجسد، فإنه أشد خطرًا على علاقة الإنسان بربه سبحانه وتعالى. الأصل في التوبة أن يسارع الإنسان بها دون تأخير، ولهذا أكد علماء التربية والسلوك في الإسلام أن اتخاذ قرار التوبة يجب أن يكون فوريًا، فقالوا: "التوبة واجبة على الفور"، وهذا إجماع بين العلماء. يجب أن تتوب فورًا، يا بني، وألا تؤجل التوبة لأي سبب. فقد حذَّر الإمام الغزالي، رحمه الله، من تأخير التوبة، موضحًا أن من يؤجلها معرض لمصيبتين عظيمتين: 1. المصيبة الأولى: أن يفاجئه الموت قبل أن يتوب، فيموت على معصية، وهذه كارثة. 2. المصيبة الثانية: أن يفقد قلبه الواعظ الداخلي، وهو الضمير الذي خلقه الله في كل إنسان، والذي أشار إليه النبي ﷺ بقوله: "واعظ الله في قلب كل مسلم". هذا الضمير يشبه جهاز الأمان الذي يكشف الخطر، تمامًا كما تفعل أجهزة التفتيش في المطارات عندما تكتشف سلاحًا في الأمتعة، فتنطلق الإنذارات. كذلك خلق الله هذا الجهاز في قلب الإنسان، ليشعره بالذنب ويحفزه على التوبة. في البداية، عندما يرتكب الإنسان ذنبًا، يصرخ الضمير: "ما هذا الذي فعلته؟" لكنه إن عاد إلى الذنب مرة بعد أخرى، يبدأ ضميره في النزيف، ومع كل معصية يوجه لها طعنة جديدة، حتى يضعف الصوت شيئًا فشيئًا، إلى أن يموت الضمير تمامًا! فإذا مات الضمير، فمن سينبه الإنسان إلى الخطأ؟ من سيدفعه إلى التوبة؟ من سيذكره بأن هذا حلال وهذا حرام؟ النتيجة الحتمية هي أن الإنسان يفقد دافعه إلى التوبة، فيعيش في غفلة تامة. ولكن هناك ما هو أخطر من ذلك، كما أوضح العز بن عبدالسلام، رحمه الله، وهو أن تكرار الذنوب وتأجيل التوبة يؤدي إلى انتكاس المفاهيم. فتصبح التوبة في نظره أمرًا غير ضروري، بل يسخر منها قائلًا: "توبة؟ هل ستجعلنا متشددين؟" أو "ما الخطأ الذي فعلناه؟"، بل قد يصل الأمر إلى أن يرى الكبائر شيئًا عاديًا، فيبرر أفعاله قائلًا: "كفرنا إذن؟". وهذا الانتكاس يؤدي إلى مرحلة خطيرة يسميها العلماء "إلف الذنب"، حيث يصبح الذنب جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان، فلا يستطيع التخلي عنه، حتى يعتاد المعصية ولا يشعر بأي ندم. كل هذه المشكلات سببها الأساسي هو تأجيل التوبة! لذا، لا تؤجلها، بل بادر، واتخذ قرارك الآن: "سأتوب إلى الله الآن، دون تأخير"، فلا أحد يعلم متى تحين لحظة الرحيل. #مقتطف_من_درس_رمضان_توبة. #الشيخ_أحمد_جلال. *✍🏻إشراف فريق/اركب معنا* رابط قناة التلجرام الرسمية للشيخ أحمد جلال: https://t.me/ahamedg رابط قناة الواتساب: https://whatsapp.com/channel/0029VavEtTH7dmebvL6hw53P
❤️ 👍 2

Comments