
قناة دعاة كل العالم
February 19, 2025 at 06:19 PM
رحلة دعوية في شوارع أكرا: لقاءات القدر والقلوب الباحثة عن النور
في صباح يوم كنت قد خططت فيه للذهاب إلى أكبر المولات في العاصمة الغانية أكرا للدعوة إلى الإسلام، تأخرت بسبب كثرة الأعمال، فلم أخرج إلا بعد صلاة الظهر. قررت تغيير المسار وبدأت بالدعوة في سوق شعبي مزدحم. أثناء تجوالي، اشتريت بعض الموز والمانجو اللذيذ، وبينما كنت أتعامل مع البائعة، شعرت بفرصة للدعوة.
سألتها عن الإسلام، فقالت إنها تعرفه ولكنها لا تعرف كيف تصلي. فقلت لها بلطف: “يمكنني أن أعلمك، وإذا كنتِ جادة في ذلك، سأرسل لك معلمات يساعدنك على فهم العقيدة والعبادة.” أخبرتني أن ابنها مسلم ويذهب إلى المسجد، فقلت لها: “هذا رائع، سيكون ابنك داعمًا لك، وسيكون لديك من يعينك على الصلاة.” أعطيتها رقم هاتفي، ووعدتني بالتواصل. أخذت الكرت وقالت: “سأتواصل معكم قريبًا.” وانصرفت، داعيًا الله أن يهديها إلى الحق.
بعد ذلك، قلت للمرافقين: “أريد الذهاب إلى أفخم الأسواق، حيث يمكنني دعوة أشخاص متعلمين ومثقفين.” فأخبروني عن “أكرا مول”، فتوجهنا إليه.
لحظة القرار والتردد
داخل المول، التقيت بشخص ودعوته إلى الإسلام، وبعد نقاش جميل ومؤثر، بدا أنه مقتنع تمامًا. عندما جاء وقت نطق الشهادتين، شعر بالتردد في اللحظة الأخيرة. لم أرد الضغط عليه، فأعطيته رقمي وتركته يفكر، لعل الله يهديه قريبًا.
جلسة القهوة والمفاجأة غير المتوقعة
أثناء التجوال، قررنا الجلوس في مقهى مع المرافقين، وهم الدعاة والمصور والمترجم. بينما كنا نحتسي القهوة، لاحظت رجلاً ملتحيًا بجواري. بدأته بالتحية، وكان مرحبًا، لكن عندما بدأت الحديث عن الإسلام، رفض بشدة. احترمت رغبته، واعتذرت منه، ثم ابتعدت وجلست على طاولة أخرى. كنت أشعر أنه ما زال يراقبني بنظراته، لكنني انشغلت بتأمل الوجوه من حولي، بحثًا عن قلوب مستعدة لسماع رسالة الإسلام.
لقاء الطبيب الجراح: ترتيب إلهي؟
رأيت رجلاً يجلس وحده يتصفح هاتفه، فاقتربت منه وألقيت التحية، ثم قلت له: “أنا مسلم من مكة، وأود أن أتحدث معك عن الإسلام والإيمان.” فابتسم ورحب بي، ثم دعاني للجلوس معه.
بدأنا الحوار عن الله والمسيح، فأخبرني أنه كان مسلمًا لكنه ترك الإسلام في سن 12 عامًا واعتنق المسيحية. كان اسمه خضر، ووالده محمد، وجده مسلم، كما أن أصوله تعود إلى مالي. سألته بلطف:
“ألا تعتقد أن لقاءنا اليوم هو ترتيب إلهي؟ أن الله أراد لك الهداية، فأرسلني إليك لأذكرك بالإسلام؟”
ثم أضفت: “أمك بلا شك تدعو لك بالهداية، أليس كذلك؟”
شعرت أن كلامي أثّر فيه، فذكرته بأقوال المسيح وكيف أنه كان يصلي مثل المسلمين، ويسجد لله كما نفعل نحن خمس مرات يوميًا. ثم قلت له:
“أنت تفعل أشياء عظيمة لمساعدة الفقراء، والله يحب الخير الذي تفعله، لكن الخير وحده لا يكفي بدون التوحيد. هل تقبل الرجوع إلى الإسلام قبل الموت؟”
تأمل في كلامي، ثم قال: “سأفكر في الأمر وأتواصل معك عبر الواتساب، وربما أزورك في السعودية.”
رحبت به بحرارة وقلت له: “سيكون من دواعي سروري أن نلتقي في مكة، بيت الله الحرام.”
المفاجأة الكبرى: طبيب جراح ومدير مستشفى!
شعرت أن هناك شيئًا مميزًا في هذا الرجل، فسألته: “ما الذي جعلك تكون هنا في هذا المكان وفي هذا التوقيت؟ لا بد أنك تفعل شيئًا يحبه الله.”
فأجابني: “أنا طبيب جراح، ومدير عام لأكبر مستشفى في أكرا، وأساعد الفقراء بشكل خاص.”
قلت له مبتسمًا: “كنت أعلم أن قلبك يحمل الخير، والآن ليس لديك أي حجة للبقاء بعيدًا عن عبادة الله الواحد الأحد.”
ردّ عليّ قائلاً: “ابن أختي مسلم، واسمه فيصل مثلك، وأختي مسلمة أيضًا.”
سألته: “هل تخاف من الرجوع إلى الإسلام؟”
قال: “لا، لا أخاف.”
قلت: “إذن، ما الذي يمنعك من عبادة الله الواحد الأحد، الفرد الصمد؟ لن أتركك حتى تعود.”
ضحك وقال: “سأتواصل معك عبر الواتساب.”
طلبت منه أن يدعو عائلته (زوجته وأولاده، الذين كانوا مسيحيين) للتفكير في الإسلام أيضًا. والآن أحاول أن أتواصل معه باستمرار، وأدعو الله أن يهديه هو وعائلته إلى دين الحق.
ختام القصة: الدعوة مستمرة
هذه اللقاءات لم تكن مجرد صدفة، بل لحظات مرتبة من الله، يهيئ فيها القلوب الباحثة عن النور لتسمع رسالة الإسلام. ما زلت على تواصل مع هؤلاء الأشخاص، وأدعو الله أن يهديهم إلى الصراط المستقيم.
اللهم اهده واهدي عائلته، وأعدهم إلى الإسلام، وثبتهم على الحق.