
قناة دعاة كل العالم
February 21, 2025 at 08:49 AM
هداية بين السماء والأرض
في يومٍ الخميس ٢٠ فبراير، كانت الشمس مشرقةً في سماء العاصمة الغانية أكرا، حيث كان المطار يعجّ بالمسافرين من مختلف الجنسيات. كنت أنتظر رحلتي الى بلادي، وأستغل الوقت في الحديث عن الإسلام، داعيًا الله بصدق: “اللهم ارزقني بشخصٍ يسلم معي في هذه الرحلة.”
تحدثت مع البعض في المطار، أخذ بعضهم رقمي باهتمام، بينما لم يُعر الآخرون حديثي أي انتباه. شعرت أن الدعوة هي مسؤولية أؤديها، والهداية بيد الله وحده.
بعد إقلاع الطائرة واستقرارها في السماء، شعرت بحاجة إلى تناول كوب من القهوة. قمت من مقعدي وتوجهت نحو مؤخرة الطائرة. هناك، التقيت بشابٍ يحتسي قهوته بهدوء، وعيناه تبدو عليهما علامات التفكير العميق. بابتسامة ودودة، بادرته بالحديث:
• “إلى أين تتجه في هذه الرحلة؟”
• “إلى الصين، رحلةٌ تجارية.”
• “أسأل الله أن يوفقك.”
• “آمين، شكرًا لك.”
بعد لحظة من الصمت، سألت:
• “هل أنت مسلم؟”
• “لا، أنا مسيحي. ولكنني أعبد الله ولا أشرك به أحدًا.”
نظرت إليه بعينين تحملان الصدق وقلت:
• “لا تكذب على نفسك. أنت تؤمن بالتثليث، وهذا شرك بالله.”
ظهرت علامات الارتباك على وجهه، ثم قال:
• “إذا آمنت أن المسيح ليس سوى نبي، هل أكون على حق؟”
• “لكنك تعتقد أنه ابن الله، أليس كذلك؟”
تردد قليلاً قبل أن يقول: “نعم.”
• “أنت تحاول أن تهرب من تأنيب ضميرك. أنت تعلم في قرارة نفسك أن الله واحد، ولا يحتاج إلى ولد.”
هز رأسه بأسى وقال: “ماذا أفعل إذن؟”
• “هل تؤمن أن الله واحد، فرد، صمد؟”
• “نعم.”
• “وهل تؤمن أن الله أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم؟”
• “نعم.”
• “وهل تؤمن أن المسيح نبيٌ من عند الله وليس ابنًا له؟”
تردد مرة أخرى، ثم قال: “نعم، لكنني كنت أعتقد أنه ابن الله.”
• “الله لا يحتاج إلى ولد. خلق المسيح بمعجزة، كما خلق آدم من قبل. الله يقول في القرآن: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (آل عمران: 59).”
ظهر نورٌ في عينيه، وبدأت علامات الفهم تظهر على وجهه. قلت له:
• “هل تؤمن أن المسيح مات من أجل خطاياك؟”
• “نعم.”
• “لكن الله يقول في القرآن: “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ” (فاطر: 18)، أي أن كل إنسان مسؤول عن أعماله. هل هذا منطقي لك؟”
• “نعم، منطقي جدًا.”
ابتسمت وقلت: “لم يبقَ إلا أن تعلن إيمانك بأن المسيح عبد الله ورسوله، وأن محمدًا خاتم الأنبياء.”
نظر إليّ بعينين تملؤهما الدموع وقال:
• “أؤمن بذلك… لكننا الآن معلقون بين السماء والأرض، فهل يُقبل إسلامي هنا؟”
ابتسمت وقلت: “بالطبع، فالله يسمعك في أي مكان.”
بدأت في تلقينه الشهادتين:
• “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.”
ردد خلفي بصوتٍ خاشع:
• “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.”
في تلك اللحظة، شعرت بفخرٍ وعزة بالإسلام، وذكّرت نفسي بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “لَيَبْلُغَنَّ هذا الأَمْرُ ما بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الكُفْرَ.”
في تلك اللحظة، شعرت أنني جزء من هذا الوعد النبوي، وشعرت بفضل الله ورحمته. هبطت الطائرة، لكن إيمان هذا الشاب ارتفع إلى عنان السماء.
أسأل الله أن يثبت قلوبنا وقلوب من يدخل معنا ومعكم الإسلام، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويكتب لكم ولنا أجر الدعوة إلى دينه.