Fr. Tawadros Kamel
February 24, 2025 at 09:16 PM
🍃🍃 *تاريخ الصوم الكبير*🍃🍃
بقلم :
*القمص يوسف تادرس الحومي*
أستاذ تاريخ الكنيسه وعلم المخطوطات بالمعاهد اللاهوتية وعضو لجنة التاريخ القبطي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
🍃 تصوم الكنيسه القبطيه هذه الأيام صوم من أقدس أيام السنة وهو الصوم الكبير الذي ينتهي بعيد الفصح المجيد ( القيامة)..
🍃 وهو مكون من اربع اصوام معا ..
*الاول* الاسبوع الاول أو ما يطلق عليه اسبوع هرقل أو شفويا الان اسبوع الاستعداد ..
*الثاني* الأربعين المقدسة التي صامها السيد المسيح له المجد في بدء خدمته.
*الثالث* يوم سبت لعازر وهو اليوم الرابط بين الصوم الأربعيني وصوم البصخه ولا يخضع لطقس اي منهما فهو يخضع للطقس السنوي ..
*والرابع* ايام البصخه المقدسة أو كما أطلق عليها الروم في مجامعهم اسبوع الالام ودخل هذا المسمى عند الأقباط ولكنه - اي هذا المسمى- لايوجد في الكتب الطقسية التراثية ..
وأصبح مجموع أيامه حسب هذه الأقسام كالاتي :
٧+٤٠+١+٧= ٥٥
+ *ونستعرض تاريخ الصوم* كيف وصل إلينا وهو ٥٥ يوما
🍃اولا : *صوم الفصح أو ايام البصخة المقدسة*
+ لعل اقدم مصدر معروف يذكر فترة صوم استعداد الفصح هو ماذكره يوسابيوس القيصري ابو التاريخ الكنسي حينما نقل عن القديس ايريناؤس الذي رسم أسقفا سنة ١٣٠م في القرن الثاني لمدينة ليون حيث يذكر أن البعض يصوم يوما واحدا والآخر يومين . والبعض يصوم حسب الساعات مدة اربعين ساعة وتمتد من الجمعة العظيمة حتى أحد الفصح وينقل يوسابيوس قوله :
" .. لان النزاع ليس محصورا في اليوم فقط ، بل يتعلق أيضا بطريقة الصوم . فالبعض يظنون أنهم يجب أن يصوموا يوما واحدا ، وغيرهم يومين، وغيرهم أكثر ، والبعض يحسبون يومهم اربعين ساعة نهارا وليلا . وهذا الاختلاف في حفظ الصوم لم ينشأ في أيامنا ، بل في أيام آبائنا قبل ذلك بزمان طويل .." ( يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسه ترجمة القمص مرقص داود ص ٢٧٨)
🍃 ويتحدث كتاب التقليد الرسولي لهيبوليتس المعروف في كتبنا باسم ابوليدس(تذكاره ٥ امشير) ويرجع تاريخ تدوينه للنصف الأول من القرن الثالث يقول :
" لأجل انه لا يجب لأي واحد أن يذوق شيئا في البصخه من قبل الوقت الذي يجب أن يؤكل فيه . لايعتبر الصوم صوما، ان كان انسان شرها من قبل وقت تمام الصوم . لكن إن كان أحد مريضاً ولايقدر ان يصوم اليومين ، فليصم يوم السبت لأجل الضرورة مكتفيا بالخبز والماء" ( التقليد الرسولي لهيبوليتس ص ٤٣ ) .
🍃 ومن القرن الرابع نرى تطورا لهذا الاسبوع حيث دعي اسبوع الفصح وانتشر في الكنيسة كلها في هذا الوقت وعلى الأغلب أن ماذكرته السائحة الإسبانية ايجيريا التي زارت الاماكن المقدسةسنة ٣٨٢م. ووصفت احتفالاتها تدل على أن المنبع لهذا كانت كنيسة اورشليم ومنها انتشر شرقا وغربا .
🍃 *ضم الصومين معا*: ويحمل لنا السنكسار القبطي تحت يوم ١٢ بابه خبر ضم صومي البصخه والاربعين معا في عهد البابا ديمتريوس الكرام البطريرك رقم ١٢ على كرسي الإسكندرية (١٨٨- ٢٣١م) وقبل أن يفعل هذا أرسل لبطاركة الكراسي الرئيسيه مكسيموس بطريرك أنطاكية واغابيوس اسقف أورشليم وبقطر بطريرك رومية واستشارهم في هذا فوافقوه على المقترح وصار معمولا به في كنائس العالم ولاتزال الكنيسه تحتفل بهذا اليوم في تاريخه( السنكسار القبطي تحت يوم ١٢ بابه ) .. وان كان البعض يعارض ماذكره التاريخ بدعوي أن الضم تم في أيام البابا اثناسيوس الرسولي رقم ٢٠ وليس في عهد البابا ديمتريوس ..
+ *مجمع بروميه*: كما يذكر السنكسار القبطي تحت يوم ١٠ هاتور : فيه اجتمع مجمع مقدس برومية في أيام فيكتور بابا رومية وديمتريوس بابا الإسكندرية وسبب اجتماع هذا المجمع أن النصارى كانوا لم يزالوا يعيدون عيد الغطاس ويصومون من اليوم الذي يليه . ثم يفطرون في اليوم الثاني والعشرين من شهر امشير . وبعد أيام يصومون اسبوع الالام . ويعيدون عيد القيامة المجيد . ولما قدم القديس ديمتريوس بطريركا على كرسي الإسكندرية وكان أميا ، ولكن الله قد أنار عقله بالنعمة الإلهية ، فقرأ كتب الكنيسة وشرح أكثرها . ووضع قواعد حساب الأصوم والاعياد المتنقلة المستعملة في أيامنا هذه . وأرسل منها نسخا إلى الاب فيكتور بطريرك رومية ، والاب مكسيموس بطريرك أنطاكية، والاب اغابيوس اسقف أورشليم . ولما وصلت هذه الرسالة إلى الاب فيكتور ، قرأها فاستحسنها كثيرا. وجمع أربعة عشر عالما من أساقفة كرسيه . وجماعة من علماء القسوس ، وقرأها عليهم فاستحسنوها ، ونشروها في جميع بلادهم . وبذلك ترتب الصوم المقدس والفصح المجيد على ماهو عليه اليوم في كنيستنا القبطية , ولإلهنا المجد دائما أبديا أمين" ( السنكسار القبطي تحت يوم ١٠ هاتور)
+ ويذكر سعيد بن بطريق في كتابه : "التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق" :
" وفي ذلك العصر كتب ديمتريوس بطريرك الإسكندرية إلى غابيوس اسقف بيت المقدس ،والى مقسيموس بطريرك أنطاكية، والى بقطر بطريرك رومية في سبب حساب الفصح وصومهم وكيف يسترخ من فصح اليهود، ووضعوا في هذا كتبت كثيرة ورسائل ، حتى ثبتوا فصح النصارى على ماهو عليه اليوم (القرن العاشر) وذلك أن النصارى كانوا من بعد صعود سيدنا المسيح الى السماء ، إذا عيدوا عيد الحميم ، من الغد يبدأوا يصوموا أربعين يوما ويفطرون ، كما فعل سيدنا المسيح لما اعتمد في الاردن ، خرج إلى البرية فأقام بها صائما أربعين يوما . فكان النصارى إذا كان فصح اليهود عيدوا هم أيضا عيد الفصح. فوضعوا هؤلاء البطاركة حسابا للفصح ، ليصوم النصارى أربعين يوما ويكون فكرهم في يوم الفصح" ( سعيد بن بطريق: التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق )
+ *الصومان معا ٤٠ يوما في عهد البابا اثناسيوس*: ونرى تحديدات الصوم الكبير في الرسائل الفصحية التي ترسلها كنيسة الإسكندرية لكنائس العالم حسب تحديدات مجمع نيقية المسكوني المقدس ٣٢٥م ان هذا الأسبوع يدخل احيانا ضمن صوم الأربعين المقدسة واحيانا خارجه . ففي الرسالة الفصحية التي ارسلها البابا اثناسيوس الرسولي سنة٣٣٤ م كان الصوم الكبير بما فيه ايام البصخة ٤٠ يوما . وفي سنة ٣٤٧م كانت مدة الصومين ٤١ يوما ( راجع الرسائل الفصحية للبابا اثناسيوس الرسولي ج٢ ص ٥٩ و ٨٢)
+ *في القرن الرابع عشر* يقول العلامة القس شمس الرياسة ابن كبر (+١٣٢٤م) في موسوعته " مصباح الظلمة في ايضاح الخدمة" :
" الشعانين وهو الاحد السابع من الصوم ، وهو تمام الأربعين المقدسة ، وهو كان قديما فصح الصيام الفصح القيامة . لما كانت الأربعين المقدسة يبتدأ بصيامها من ثاني عشر طوبه (اليوم التالي لعيد الغطاس) ويكون تمامها الحادي والعشرين من أمشير ، وتعمل جمعة البصخة مفردة في شهر نيسان ، ويعيد عيد فصح القيامة آخر الأسبوع يوم الأحد مع التحرز من اتفاقه مع عيد فصح اليهود ، الى ايام الاب البطريرك انبا ديمتريوس الثاني عشر من بطاركة الإسكندرية . فإنه أدرك بنعمة روح القدس معرفة علوم البيعة، ورتب حساب الابقطي الذي يعجز حكماء الفلاسفة عن مثله، واضاف جمعة البصخة إلى الأربعين ، ورتب ذلك باتفاق البطاركة الذين كانوا على الكراسي الثلاثة الآخر في زمانه " ( مصباح الظلمة في ايضاح الخدمة الفصل ١٩)
+ وقال القديس اثناسيوس الرسولي في قانونه رقم ٣٠ الخاص بصوم البصخة : " لايشرب احد من الكهنة خمرا البته في أيام البصخة، ولايأكل أحد شيئا يخرج منه دم . والخمر الذي يفضل عن المذبح في البصخة يعطوه لمساكين المرضى" ( قوانين البابا اثناسيوس ص ١٧٨)
+ وفي قوانين هيبوليتس القبطية ( ابوليدس تذكاره ٥ امشير ) التى تشرح *طقس كنيسة الإسكندرية* في صوم البصخه تقول : " والاسبوع الذي أفصح اليهود ، فليتحفظ فيه كل الشعب بتحفظ كثير ، ليصوموا عن كل شهوة فيه، حتى إلى كلمة لا يقولونها بفرح بل بحزن ، عارفين أن رب الكل ، غير المتألم ، تألم فيه عنا ، لكي نصبر على الالام ، فنخرج عن الالم الذي تستحقه لأجل آثامنا ، ونحن أيضا نشارك الألم الذي قبله عنا لنشاركه في ملكوته. والطعام الذي في البصخه خبز وملح وحده وماء ..."( قوانين هيبوليتس القبطية القانون ٢٢: ٢ )
+ وهو مايؤكده القديس باسيليوس الكبير في القانون رقم ٣٠ ، وفيما بعد أشار إليه البابا اثناسيوس الثاني (+٤٩٦م) في القانون رقم ٥٧ (مصرية القوانين المنسوبة للقديس باسيليوس الكبير ص ٥٥) .
+ *صلوات البصخه في القرون الاولى*:
يشرح لنا القديس اثناسيوس الرسولي في القرن الرابع صلوات البصخه في القانون رقم ٥٧ فيقول :
" في اسبوع البصخه المقدسة فليبق جميع الكهنة في البيعة جميعهم في الساعة الثالثة(٩ص) من يوم الجمعة وهو الوقت وهو الوقت الذي اهتموا فيه بصلب مخلصنا وإذا لم يحضر واحد فيكون تحت العلمين وان كان فلاحا في الحقل فلايبطيء الى وقت الساعة السادسة (١٢ظ) والكهنة يصوموا البصخة يومين يومين "( قوانين البابا اثناسيوس ص ١٨٨ )
أما تقسيم الصلوات إلى عشر سواعي خمس نهارية وخمس ليلية فيرجع إلى ترتيب البابا غبريال بن تريك رقم ٧٠ في القرن الثاني عشر ( القمص يوسف الحومي: تاريخ البصخه المقدسة ، سلسلة مذكرات تاريخ الطقوس ص ٢٥ - ٣٠)
*صوم البصخة عند ابن العسال القرن ١٣*:
ويشير المؤتمن بن العسال في القرن ١٣ إلى طريقة صوم ايام البصخة في عصره فيقول :
" ... الثالث وقت الفطور فيه الايام الأربعة الأولى كل يوم إلى انتهاء نهاره . الجمعة والسبت صوما متصلا ليلهما بنهارهما الى سحر الاحد ، عند صديح الغطرفان وتناول القربان . ومن ضعفت قدرته عن امساك اليومين جميعا ليلا ونهارا ، فليطو السبت مع ليلة الأحد ، على ماأمر به في الأربعين من الحادي والسبعين الرسولي( اي القانون رقم ٤٠ من قوانين الرسل مجموعة ٧١ قانون) والحادي والثلاثين من الدسقولية . والثلاثين من باسيليوس ..." ( المؤتمن بن العسال : مقدمة في البصخه المقدسة. مدرسة الإسكندرية السنة الأولى العدد الثاني ص ٩٣) .
🍃 *ثانيا: صوم الأربعين المقدسة*:
+ لانستطيع أن نغفل أن الرب يسوع صام أربعين نهارا وأربعين ليلة حسب تعبير الانجيل المقدس : " صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع اخيرا "(مت ٤: ٢)
+ *أما من الناحية التاريخية* فأول من ذكر صوم الأربعين يوما هم الآباء الرسل في كتاب الدسقولية الفصل ٣٩ قالوا :
" وايضا فلتحفظوا *صوم الأربعين* ليكون مذكرا لنا بسيرة الرب وناموسه ، وليكمل هذا الصوم قبل ذاك الذي للفصح . وتبتدئون به من اليوم الثاني السبت . ويكون كماله في يوم الجمعة التي قبل الفصح.
وبعد هذا اهتموا بأن تكملوا اسبوع الفصح المقدس وان تصوموه بخوف ورعدة وتصلوا عن الذين صاروا في الهلاك . لان المخالفين اليهود ابتدأوا أن يتشاوروا على الرب في ثاني السبت الشهر الاول اكسانثيوس الذي هو شهر برمهات ..."
( الدسقولية اي تعليم الرسل، اعداد وتعليق وتقديم د وليم سليمان قلادة ، ف ٣٩ ، ص ٣٢٣و ٣٢٤ )
+ ثم يذكره العلامة اوريجانوس ( ١٨٥- ٢٥٤م) فيقول :
" الاصوم التي نلتزم بها هي الأربعين المقدسة والأربعاء والجمعة" ( اوريجانوس : عظة على سفر اللاويين ١٠: ٢) .
+ وفي قوانين ابوليدس
" ان ايام الصوم التي تثبتت، هي الأربعاء والجمعة ، والأربعون ، والذي يصوم أكثر فإنه ينال اجرا، ومن خالف هذا من غير مرض أو شدة أو ضرورة فهو خارج عن القانون ومخالف لله الذي صام عنا هذا .. " ( القمص صليب سوريال : قوانين الآباء الرسل وقوانين اكليمنضس وابوليدس وعلاقتهما بقوانين الآباء الرسل ،ص ٣٧٦ )
+ وقد ورد في القانون رقم ٤٩ من الكتاب الثاني من قوانين الرسل :
" اسقف أو قسيس أو شماس أو ايبودياكون او اغنسطس أو ابصالتيس، إذا لم يصم الأربعين المقدسة، و الاربعاء، و الجمعة ، فليقطع . الا إذا منعه مرض جسداني . فان كان من العلمانيين فليفرق" (القمص صليب سوريال : قوانين الرسل الكتاب الاول ، ص١٥٢ )
+ *والقديس ديونيسيوس السكندري* الذي جلس على كرسي مارمرقس سنة ٢٥٩م يذكر عن صوم البصخة أن البعض يصوم كل هذه الايام السته والبعض يصوم يومين او ثلاثة أو أربعة حسب احتمال الطبيعة ، بينما البعض لايحفظ اي صوم بالمرة ... البعض يصوم التاسعة( ٣ظ) والبعض للغروب ، البعض يأكل كل يومين حسب قدرة كل واحد( اباء نيقية وما قبل نيقية N.P.F. .second series Vol . 1.5: 42: 12,13) .
+ *الرسائل الفصحية للبابا اثناسيوس الرسولي*:
وحسب تحديدات مجمع نيقية المسكوني المقدس ٣٢٥م كان بابا الإسكندرية يرسل رسالة فضحية يحدد فيها ايام الصوم وعيد الفصح ففي الرسالة التي ارسلها ق. اثناسيوس الرسولي سنة ٣٣٤م يقول :
" ... نحن نبدا صوم الأربعين يوما المقدسة في الثالث عشر من بؤونه (٩ مارس) واسبوع القيامة المقدسة في الثامن عشر من برمودة (١٣ ابريل) ونستريح في اليوم السابع، الموافق الثالث والعشرين (١٨ابريل) ، ويشرق اول الاسبوع العظيم في الرابع والعشرين من نفس الشهر برمودة (١٩ ابريل) فلنعد أنفسنا للاحتفال به حتى يوم الخمسين" (الرسائل الفصحية للقديس اثناسيوس الرسولي ج٢ ص ٥٩)
ومادام الصوم يبدأ ٩ مارس واسبوع القيامة اي البصخه يبدأ ١٣ ابريل وعيد القيامه ١٩ ابريل فتكون مدة الصومين متصلين ٤٠ يوما ..
+ وفي الرسالة الفصحية سنة ٣٤٧م يحدد الصومين متصلين معا ب ٤٢ يوما .( الرسائل الفصحية ج ٢ص ٨٢) .
*اختلاف ميعاد الصوم والعيد شهر كامل*:
في سنة ٣٨٧م ارسل الامبراطور ثيؤدوسيوس الكبير رسالة إلى البابا ثاوفيلس ٢٣ (+٤١٢م) يستفسر عن عيد الفصح ولماذا عيدت كنيسة الإسكندرية هذه السنه في ٢٥ نيسان اي بعد كنيسة روما بخمسة اسابيع ؟ فلبى البابا ثاوفيلس تقويما للصوم والفصح لمدة ٤١٨ سنة قادمة إلى إلى سنة ٨٠٥ م .. وبطلب من روما اخرج القديس امبروسيوس حساب الفصح في هذه السنة ٣٧٨م فكان متفقا مع حساب كنيسة الإسكندرية ( مجموع الشرع الكنسي ص ١١٧)
+ *منع الفطر يوم خميس العهد*:
ومع الوقت كان البعض يفطر في يوم خميس العهد لانه حسب الطقس الكنسي عيد سيدي ولايجوز الصوم فيه، واستمر الأمر كذلك إلى أن نهاه *مجمع اللاذقية* في فريجية المنعقد سنة ٣٤١م في قانونه الخمسين حيث قال :
" لايجوز حل الصيام الكبير في يوم الخميس من الاسبوع الاخير ، أعني يوم الخميس الكبير المقدس . ففي ذلك احتقار وخرق للصوم كله. بل يجب أن نصوم كل فصل الصيام الكبير ولانتناول فيه إلا الأطعمة الجافة" ( مجموع الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة المسيحية العامة التي وضعتها المجامع المسكوني والمكانية المقدسة ، ص ٢٣٣ ).
ويشير *المؤرخ المقريزي* ان هذا العيد( *خميس العهد*)كانت له احتفالاته التي استمرت للعهد الفاطمي فيقول :
" خميس العهد ، ... اهل مصر في وقتنا يقولون خميس العدس من أجل أن النصارى تطبخ فيه العدس المصفى، ويقول أهل الشام خميس الارز ، ويقول أهل الأندلس خميس ابريل وابريل اسم شهر من شهورهم ،وكان في الدولة الفاطمية تضرب في خميس العدس هذا خمسمائة دينار ، فتعمل خراريب تفرق في أهل الدولة برسوم مفردة .... وادركنا خميس العدس هذا في القاهرة ومصر وأعمالها من جملة المواسم العظيمة فيباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدة ألوان مايتجاوز حد الكثرة ...ويهادي النصارى بعضهم بعضا ويهدون إلى المسلمين انواع السمك المنوع مع العدس المصفى والبيض..." ( المقريزي: الخطط والآثار ج ١ ص ٢٦٦)
+ وواضح من كلام المقريزي ان بقايا احتفالات ومأكولات خميس العهد كانت مستمرة في عهده .
+وعن *كيفية الصوم* في القرون الأولى : كانت دقيقة جدا حيث تؤكل وجبة واحدة عند الغروب ومايخرج منه دم فهو ممنوع تماما .
وفي القانون رقم ٥٢ من قوانين مجمع اللاذقية السابق الإشارة إليه يقول :
" لايجوز أن تقام في ايام الصوم الكبير اعراس أو اعياد ميلاد"
+ *منع البيض والجبن* وكان الأرمن يأكلون في سبوت الصوم الكبير بيضا وجبنا لهذا رأينا في مجمع ترللو سنة ٦٩٢م عند الروم القانون رقم ٥٦ يقول :
" علمنا أيضا أنه في مقاطعات أرمينيا وفي أماكن أخرى ، يأكل بعض الناس بيضا وجبنا في سبوت الصوم المقدس واحده ، فيلوح لنا أنه يحسن أن يسود نظام واحد في كنيسة الله في كل أنحاء العالم ، وان يحفظ الصوم حفظا دقيقا، وكما يمتنع الناس عن أكل ما ذبح، هكذا يجب أن يمتنعوا عن أكل البيض والجبن وهما من نتاج الحيوانات الممنوع اكل لحمها . وكل من لايحفظ هذه الشريعة فليسقط إن كان اكليريكيا وان كان عاميا فليقطع" ( مجموع الشرع الكنسي. ص ٥٨٤)
+ *عادة البطاركة في صوم الأربعين*:
ومن عادة بابوات الأسكندرية أن يقضوا هذا الصوم في الأديرة ونرى هذه العادة من أواخر القرن الثالث الميلادي في سيرة القديس انبا صرابامون التي كتبها البابا الكسندروس الاول (٣١٢م) فذكر أن رهبان دير الزجاج حضروا لدعوة البطريرك كعادتهم للذهاب لديرهم في الصوم والفصح .( مخطوط ١٠ طقس بالمتحف القبطي ورقة رقم ١٨٦ ظ ).
كما نراها أيضا في سيرة البابا ياكوبوس رقم ٥٠ الذي صعد البرية سنة ٨٢٠م . والبابا شنودة الثاني ٥٥ سنة ٨٥٩م ( تاريخ البطاركة مج ٢ ج ١ ص ٣٦ - ٣٨)
+ *الصوم الأربعيني في القرن الثالث عشر*:
وفي موسوعته التي وضعها في القرن ١٣ يقول يوحنا بن زكريا بن سباع وسماها ( الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسه ) يشرح الصوم الأربعيني في عصره فيقول :
" كذلك رتبوا - الآباء- ان يصام في كل سنة أربعون يوما مماثلة ليوم السيد المسيح اتقنوها أربعون يوما ، خمسة أيام في كل أسبوع ، حتى يصير للصوم ثمان جمع كما قالت الدسقولية . اولها اواخر الشتاء وآخرها أوائل الصيف ، خمسة أيام في كل أسبوع خارجا عن سبوتها وحدودها . لان السبت ولا الاحد الا السبت الواحد الذي كان فيه رب البرية مقبورا. واما الاحد فلايصام ابدا لانه يوم فرحا روحانيا منذر بالقيامة العامة في الدهر العتيد العديم التعب والشقاء، والصوم تعب وشقاء للجسد ولذلك تركوه في يوم الاحد لأجل انه اربون القيامة " ( الجوهرة النفيسة فى علوم الكنيسه؛ لابن سباع ص ٨٥ و ٨٦)
+ أما *ابن كبر في القرن ١٤* فقد أوضحنا ماقاله سابقا .
🍃 *ثالثا صوم سبت لعازر*:
وهو صوم وحده مدته يوم واحد وضع كحد فاصل بين صوم الأربعين المقدسة التي ختمت بيوم جمعة ختام الصوم ، وبين صوم البصخه الذي يبدأ بالشعانين . واليوم المذكور في طقسه لايخضع لطقس الأربعين المقدسة لأنها انتهت ولا لطقس البصخة لأنها لم تبدأ . فاستحسن آباء الكنيسة أن يخضع للطقس السنوي ( مشتهي النفوس في ترتيب الطقوس ، رابطة مرتلي الكنيسه ص ٩٣) .
🍃 *رابعا صوم الاسبوع الاول*:
ويقع هذا الأسبوع في مقدمة الصوم الكبير ومدته كما هو واضح من اسمه سبعة أيام . هل هو اسبوع هرقل أو اسبوع الاستعداد او هو تعويض عن السبوت والاحاد ، ومتى دخل للكنيسة القبطية وهل له أصل في الكنائس الأخرى ؟
هذا ماسنناقشه في المقال القادم انشاء الرب وعشنا
*القمص يوسف الحومي*
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
❤️
👍
🙏
14