(الجزء الأول في دربِ الغدرِ سِرتُ وحيدًا أنادي الصدقَ فما مِن مُجِيبِ رأيتُ الوجوهَ تُزيَّنُ زورًا وتَحملُ سُمًّا بظلِّ الطيوبِ وثقتُ بخلٍّ كظلِّ الجبالِ فخانَ كغدرِ الرّياحِ الهبوبِ وعاهدتُهُ بالوفاءِ سنينًا فكانَ لعَهدي كخيطٍ ذَبوبِ تغشّوا بوجهٍ عليهِ السكينةُ وفي القلبِ نارُ اللئيمِ العَصوبِ أراني ابتسمتُ لقلبٍ قَريبٍ فكانَ وراءَ الرُّكامِ الكَئيبِ أُعاتِبُ نفسي، لِمَ استأمَنوا؟ وفي الأرضِ كيدُ الخؤونِ الرهيبِ إذا ما زرعتَ الوفاءَ بقلبٍ ستَحصدُ منهُ الحُطامَ القَشيبِ كأنِّي وَهِبتُ النجومَ لأقوامٍ فجاءوا بِسَيفٍ، وحكمٍ مُريبِ يُصافِحُني كاذِبًا بابتسامٍ وفي مقلتيهِ يُقيمُ الذنوبِ خُدِعتُ، نعم! قد خُدِعتُ مرارًا وأبحَرتُ في وَهْمِ صَفوِ القُلوبِ فألفيتُها بَحرَ زَيفٍ وغَدرٍ يُغَرِّقُ عَقلَ البَريءِ الرَّحوبِ لَعَمرُكَ ما عادَ في الناسِ صدقٌ ولا عادَ فيهم ضَميرٌ يَذوبِ يبيعونَ عرضَ المودَّةِ بيعًا بِدِرهمِ غَدرٍ، ومَكرٍ غَريبِ خَسِرتُ الرّفاقَ، وخابَ فؤادي فهل لي بغيرِ الصُّمودِ القَريبِ؟ سأبني جدارًا من العَزمِ صَلبًا وأحمي بهِ مهجتي مِن نُحوبِ سأحيا وحيدًا، فما مِن صديقٍ يكونُ لوَعدِ الودادِ مُصيبِ سئمتُ وجوهًا تُغيِّرُ لونًا كأنَّ بها مِن لُعابِ الحَروبِ تجمّلتُ صبرًا، وقلتُ سيأتي زمانٌ نرى فيهِ فجرًا قَريبِ فجاءَ الزمانُ، وزادَ الأسى وسادَ الخداعُ بوجهٍ رهيبِ إذا كُنتَ ترجو وفاءَ البَرايا فإنّكَ في وَهْمِ حلمٍ كَذوبِ تُزيّنُهم ألفُ وجهٍ جميلٍ وفي قلبِهم غدرُ ذِئبٍ رَهيبِ كأنّي وقفتُ ببابِ صديقٍ فردّوا السّلامَ بسَهمٍ صَليبِ تَساقَطُ مني دموعي دِماءً وألعَنُ زَمنًا بِهِ العَدلُ غيبِ ♥