علمني ديني
علمني ديني
February 16, 2025 at 10:49 PM
التسول وخطره على الأمن والمجتمع ١٥-٠٨-٦٤٤١؁هـ السيد أسامة الأهدل سلمه الله ورعاه. إمام وخطيب مسجد ابن باز مكة العزيزية الخطبة الأولى : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : ألا وإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد: فيا أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى حق التقوى . ثم اعلموا -عباد الله – أن سؤال الناس أموالهم مما جات الشريعة ببيانه وبيان من يحق له أن يسأل فيعطى وممن لا يحق لهم ذلك، فقد وردت أحاديث كثيرة في الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى كما جاءت بالترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب اليد ليرتفع المسلم عن كل ما يشينه أو يحط من كرامته من ذلك قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم)) [رواه البخاري ومسلم]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر)). (رواه مسلم ) . وقد أثرت تلك التربية النبوية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بهم الأمر إلى أبعد من ذلك فقد ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى أنه ربما يسقط خطام الناقة من يده فيضرب ذراع الناقة فينيخها فيأخذه لئلا يطلب من أحدٍ أن يناوله إياه فيقولون له: أفلا أمرتنا فنناولكه؟ قال: إن حِبّي صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسال الناس شيئاً. وغير هذه الأحاديث كثير في النهي عن سؤال الناس أموالهم والتعفف عما في أيديهم . عباد الله إن الإسلام يحث على السعي في الأرض لطلب الرزق الحلال وجعل السعي على الأهل والأولاد والعيال من أفضل الأعمال التي يثاب عليها المسلم، واعتبرها عبادة متى نوى بذلك التقرب إلى الله عز وجل ، قال تعالى: (هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ) [الملك:15]. وقال صلى الله عليه وسلم مرغباً في النفقة على العيال: ((دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك)) [رواه مسلم]. وفيه حث الناس على العمل، وأنه خير من سؤال الناس، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (لأَنْ يَغْدُوَ أحَدُكُمْ، فَيَحْطِبَ علَى ظَهْرِهِ، فَيَتَصَدَّقَ به ويَسْتَغْنِيَ به مِنَ النَّاسِ؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ رَجُلا، أعْطاهُ، أوْ مَنَعَهُ ذلكَ، فإنَّ اليَدَ العُلْيا أفْضَلُ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ). وهنا بيان مسألة وهي أن الغني ، والقادر على العمل والتكسب؛ لا تحل لهم الصدقة، ويحرم عليهم سؤال الناس، كما أن المسلم المزكي لو دفع زكاته إلى من علم أنهم ليسوا من الأصناف الثمانية الذين تجب عليهم الزكاة فإن زكاته لا تقبل، وليست مجزئة ولم تبرأ بها ذمته، قال صلى الله عليه وسلم : (لا تَحِلُّ الصدقةُ لغَنِيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ). أي ذي قوة قادر على الكسب، فعلى المسلم الذي يمد يديه إلى الناس فيسألهم وهو غني، أو قادر على العمل، أن يتقي الله تعالى، وأن يستعف عما في أيدي الناس وليكن غنياً عما في أيديهم فقيراً إلى ما عند الله عز وجل فإن العبد إذا نزلت به حاجة أو فقر فليطلب من الله الغني مالك الملك أن يسد حاجته ولا يتعرض للناس ويسألهم أعطوه أو ردوه فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله ، فيوشك الله له برزق عاجل ) ( أخرجه الترمذي وأحمد ) بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . الخطبة الثانية: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه أحمده عز وجل وأثني عليه الخير كله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً. أما بعد عباد الله: إن ظاهرة التسوُّل لها آثار سلبية على المجتمع، وهي دخيلة على مجتمعنا، ويستغلها وافدون يتظاهرون بالحاجة والعوز ، وقد دخل فيها الكذب والتدليس على الناس وأكل أموالهم بالباطل وأشاعة البطالة في المجتمع وحرمت المستحقين من الصدقة من خلال ذهاب الأموال إلى غير مستحقيها، هذا فضلا عن عما تسببه من مفاسد أخلاقية وجرائم أمنية واتجار بالبشر مما لا يخفى، ولذلك جاءت التوجيهات من الجهات المسؤولة أن لا يعطى هؤلاء المتسولون من الأموال، سواء كانوا في المساجد، أو في الأسواق أو في الشوارع، لذلك يجب على المجتمع أن يواجه هذه الظاهرة بكل حزمٍ وبشتى الوسائلِ المتاحة وأن يتعاونوا في منع هذه الظاهرة السيئة التي تهدد الأمن وتفسد المجتمع. كما يجب على المتصدق أن يبحث عن الفقراء الحقيقيين ممن يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، والمملكة العربية السعودية – بفضل الله - وضعت منصة (إحسان) الإلكترونية الرسمية تودع من خلالها الصدقات والتبرعات والزكوات التي توصلها – بإذن الله – إلى مستحقيها ، وتمنع من استغلال هذه الأموال في دعم من لا يستحق أو منع من يستحق. فعلى المحسنين أن لا يضعوا أموالهم إلا فيما تيقنوا من وصوله إلى مستحقيه وليحذروا من أصحاب الحيل من المتسولين الذين يسألون تكثرا ، أو الذين يتاجرون بالبشر فيستغلون الكبار والأطفال والنساء ويشغلونهم في التسول مستغلين ضعفهم وحاجتهم، كما يجب على الأئمة والخطباء والمؤذنين في المساجد أن يقوموا بمنع أي متسول داخل المسجد أو في محيطه، وإبلاغ الجهات الأمنية فوراً عند ملاحظة ذلك. طاعة لولاة الأمور، وحماية للمجتمع ، وحفاظا على الأمن، وأداء للأمانة، وإيصالا للأموال إلى مستحقيها. عباد الله ألا إن ربكم قد أمركم بالصلاة والسلام على نبيكم فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم ارض عن الصحابة والتابعين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين . ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك إنت الوهاب، اللهم واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم وفق ولاة أمورنا بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وأصلح لهم البطانة، وهيء لهم من أمرهم رشدا، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
👍 1

Comments