[براءة السلفيين مما ينسبه إليهم أهل الكذب من الأباطيل والأكاذيب] الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد: فإن من أعظم نعمه الله على العبد أن يوفقه للإسلام والسنة وأن يثبته عليها حتى الممات. فإن منهج أهل السنة والجماعة وسط بين المناهج والفرق، وسط بين التكفيرية الغلاة والمميعة الجفاة. كما قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. قال ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) يقول تعالى: إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم، عليه السلام، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم؛ لأن الجميع معترفون لكم بالفضل. والوسط هاهنا: الخيار والأجود ، كما يقال: قريش أوسط العرب نسبا ودارا، أي: خيرها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا في قومه، أي: أشرفهم نسبا، ومنه الصلاة الوسطى، التي هي أفضل الصلوات، وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها، ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى: (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) [ الحج : 78 ]. ولهذا فإن منهج أهل السنة والجماعة من أعدل المناهج وأوسطها وخيارها. ولقد تميز أهل السنة والجماعة -بحمد الله تعالى- باتباعهم للكتاب والسنة في جميع اعتقاداتهم ومعاملاتهم وتعاملاتهم مع خالقهم وأنفسهم وغيرهم، فهم على ضوء القرآن والسنة يسيرون، وبهما يقتدون، لا يزيغون عنهما قيد أنملة، فما دلّ عليه الدليل تبعوه، وما خالفه ردّوه وأنكروه، فهم صابرون على السنة، متمسوكون بها، كما قال تعالى في وصفهم: ﴿قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين﴾. قال الحسن البصري رحمه الله: السنة -والذي لا إله إلا هو- بين الغالي والجافي؛ فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقلها فيما بقى: الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم و مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك إن شاء الله فكونوا. (سنن الدرامي ١٧). ورأى جميع الناس حقيقة الدعوة السلفية وثبات أهلها عند الفتن، فلم يغيروا ولم يبدلوا ولم ينخرطوا مع المجاميع الإرهابية التي أفسدت البلاد والعباد. ولما كان أهل السنة والجماعة على هذه الطريقة لم يجد أهل الحسد والكذب سوى الكذب عليهم، وتلفيق التهم الجائرة، وإلصاق المعايب بهم، علّهم بذلك ينفِّرون النَّاس عن السنة وعن أهل السنة السلفيين، وهذا من خبثهم ومكائدهم الكاسدة التي لا تخدع أهل القلوب السليمة والألباب الرشيدة. فكم كذب أهل الأهواء على العلماء المتقدمين والمتأخرين ولا زالوا يكذبون ويفجرون في الخصومة، وهذه عادتهم لكونهم أفلسوا من الحجة فما لهم غير اتباع إبليس في كذبهم وتزويرهم. ومن أعظم الكذب ما ينسبونه للدعوة السلفية أنها جماعة متطرفة تستهدف أمن البلاد والعباد. وكل الناس يعلم أن الدعوة السلفية من أبعد المناهج عن الغلو والتطرف، بل إن الدعوة السلفية تحارب الغلو والتطرف بكل صوره وأشكاله، وتسعى لأن يعيش الناس جميعا بأمن وأمان في ضوء منهج الإسلام الحق. ومن ابشع الأكاذيب وأبطلها ما يشيعه أهل الأهواء والكذب عن الدعوة السلفية من أنها تنتسب لأشخاص سواء أكانوا من العلماء أو غيرهم. والدعوة السلفية بريئة من الانتساب لغير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ومن نسبها لغير ذلك فهو كاذب أفاك أثيم. ولهذا فقد أكد علماء أهل السنة والجماعة قديما وحديثا بأنه ليس للسلفية زعيم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام السلفية وقدوتهم، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم. والأساس في ذلك والأصل فيه؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه الذي وصف خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أوصاهم بعد ذلك بتقوى الله فقال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي))، ثم أمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وقال: (( عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)). فليس للدعوة السلفية إسم غير اسمهم، وليس لهم منهج إلا منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ✍️ كتبه الشيخ عبدالباسط المشهداني حفظه الله تعالى https://t.me/Aboomaralmashhdani