قطوف الهدى
قطوف الهدى
May 10, 2025 at 10:42 AM
‏ليستِ الأمُّ مجردَ إنسانةٍ أنجبتك، بل هي النَّفَسُ الأول الذي تعلَّمتَ من خلالهِ الحياة، وهي الدعاء ُالخفيُّ الذي يسبِقكَ في كلِّ طريق، والضوءُ الذي يضيءُ لكَ العتمةَ حتى وإن غابتِ الكهرباءُ عن كل العالم. ‏من لا يزالُ يَحتَضِنُ أمَّهُ؛ فهو لا يدركُ كم تَقِيهِ من وجعِ العالم، كم تسندُ روحه دونَ أن يشعر، كم تُبعِدُ عنه المصائبَ بدعوةٍ صامتة، وكم تزرعُ في قلبه سكينةً لم يعرف أن مصدرها صوتها فقط. ‏وأما من فقدها… ‏فهو لم يفقد شخصًا، بل فَقَدَ الأمانَ من جذوره، فَقَدَ من كانت تخشى عليهِ أكثرَ مِمَّا يخشى على نفسه، فَقَدَ يدًا إن دَعَت رُفِعَ عنه البلاء، وإن مسحت؛ ذابَ منه التعب. ‏الأم لا تُعوَّض، ولا تُنسى، ولا يُشفى من غيابها أحد. ‏هي الوجعُ النَّاعِمُ الذي لا يَصرخ، والحنينُ الذي لا يهدأ. ‏إن كنت تملكُ أُمًّا… فلا تؤجل وِصَالها، فثَمَّة أشياء لا تُعوَّضُ حين ترحل. ‏وإن كنت قد فقدتها… فاجعل حياتك صدقةً جاريةً في ميزانِ دعواتِها التي كانت تُغلِّفُكَ بها ليلًا ونهارًا. ‏فالأمُّ ليست ذكرى، بل حياةً كاملةً، إن غابت… بقي أثرها ناطِقًا في القلبِ لا يموت.
❤️ 1

Comments