
قصص حكاياتــ عـبارات نـصائـح زوجيــه
May 13, 2025 at 02:21 PM
في قرية صغيرة نائية، بعيدة عن صخب المدن وضجيج الحياة، كانت هناك امرأة تدعى فاطمة. لم تكن غنية ولا ذات حسب أو نسب، لكنها كانت تملك قلبًا عظيمًا، مفعمًا بالحب والرحمة والإيمان.
فقدت زوجها مبكرًا في حادث مؤلم أثناء عودته من عمله، وترك لها طفلًا صغيرًا لم يكن قد تجاوز العامين من عمره. أسمته سالم، وكان هو النور الوحيد في حياتها، وسبب استمرارها في هذا العالم القاسي منذ أن ترملت.
اتخذت فاطمة قرارًا في قلبها أن تكرس حياتها بالكامل لهذا الطفل؛ أن تكون له الأب والأم، وأن تحميه من كل ما يمكن أن يعيشه بسبب فقدان والده المبكر. كانت تستيقظ قبل شروق الشمس، وتخرج إلى الحقول، تعمل بيدها، تجمع الحطب، وتحمل السلال الثقيلة لتبيعها في السوق.
مرت السنوات، وسالم يكبر أمام عينيها. كان ذكيًا، محبًا، بارًا بأمه. يساعدها في أعمال البيت، ويقرأ لها ما تعجز عن قراءته، ويجلب لها الدواء عندما تمرض. كانت فاطمة تشعر أنها ربت ولدًا صالحًا، رجلًا يُعتمد عليه في المستقبل.
لكن رغم هذه الكلمات، كانت الحياة قاسية، وكانت التحديات أكبر من أن تُحصى. دخل سالم المدرسة، وبدأت فاطمة تعمل أكثر لتوفر له مصاريف التعليم. كانت تبيع الخبز في السوق وتغزل الصوف في الليل، لا تنام إلا ساعات قليلة. ومع ذلك، كانت تبتسم عندما ترى سالم يحمل كتبه ويذهب إلى مدرسته في الصباح، وكأنها ترى أحلامها تتحقق خطوة خطوة.
وعندما أنهى دراسته، فرحت فاطمة فرحًا شديدًا وذرفت دموعًا كثيرة، ليس من الحزن بل من الفرح والفخر. لقد نجحت بعد سنوات من الشقاء في أن تربي رجلًا يرفع رأسها أمام الناس. وبدأت تفكر في اليوم الذي تراه فيه عريسًا سعيدًا، له بيت وأبناء.
لكن الحياة كانت تخبئ لها من الألم ما يفوق كل ما مر بها. بعد أن أنهى سالم دراسته، بدأ يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية في المدينة المجاورة. كان شابًا طموحًا نشيطًا، يحظى باحترام زملائه ورؤسائه. وبدأت أمه فاطمة تشعر بالطمأنينة، فقد بات سالم شابًا يعتمد على نفسه.
وفي أحد الأيام، عاد سالم من عمله، وجلس بجوار أمه، وقال لها: "يا أمي، أظن أن الوقت قد حان لأكون أسرتي". فرحت فاطمة بذلك، وقالت له مبتسمة: "نعم يا بني، إن لك أن تسعد قلبك وتكمل نصف دينك".
تمت الخطبة والزواج من فتاة تدعى ليلى. في البداية، كانت الأمور على ما يرام، لكن بمرور الوقت بدأت الخلافات تظهر. ليلى كانت تشعر بالضيق من وجود فاطمة الدائم، وتفسر تدخلاتها على أنها تعوّضها. أما سالم، فبدأ يشعر بالتمزق بين أمه وزوجته.
وذات ليلة، بعد شجار طويل بين ليلى وفاطمة، دخلت ليلى إلى غرفتها باكية، وقالت لسالم: "إما أنا أو هي".
وفي اليوم التالي، قرر سالم أن يأخذ أمه إلى مكان هادئ بعيدًا عن التوتر. لكنه لم يكن يعلم أن هذا القرار سيغير حياته إلى الأبد.
أخذها إلى الصحراء وتركها هناك بحجة التنزه، لكنه لم يعد. جلست فاطمة تنتظر، لكن الانتظار طال، وبدأت تدرك الحقيقة المرة. مرت أيام وهي في الصحراء، تصارع الجوع والعطش، حتى أنقذها رجل بدوي.
بعد وصول البلاغ للشرطة، تم استدعاء سالم، واعترف بفعلته، وسُجن. أما فاطمة، فقد رفضت تقديم شكوى، وقالت: "ابني ضل طريقه، لكني ما زلت أرجو له الهداية".
خرج سالم من السجن، وركع أمام قدمي أمه، باكيًا يطلب السماح. سامحته فاطمة، وعاش معها في بيت صغير، متفرغًا لرعايتها، وقد تعلم درسًا قاسيًا في بر الوالدين.
وهكذا، عادت فاطمة إلى حضن ابنها، وعاد سالم إلى طريق الصواب، وكانت النهاية درسًا لكل من تسوّل له نفسه أن يفرّط في أعظم نعمة... الأم.
❤️
👍
😢
🥹
❤
🤍
🖕
😠
🥺
🩷
47