
منصة المهرة الاعلامية - اليمن
May 11, 2025 at 05:39 AM
قبل أبدأ بالشرح بدي توعدوني نعمل ورد منها
مسألة: كيف أفهم "لا حول ولا قوة إلا بالله"!
وكيف أستشعر معناها !
وكيف أُسقطها على قلبي وروحي حتى تولّد عندي اليقين !
أيها الأحبة، "لا حول ولا قوة إلا بالله" من أعظم أبواب الولوج إلى اليقين، بل هي أعظم باب للدخول إلى اليقين، وأعظم الأذكار قوة في ترسيخ اليقين. وهي أعظم كلمة في الاستسلام التام لله سبحانه وتعالى. "لا حول ولا قوة إلا بالله" كلمة توحيد، وكلمة استسلام وتفويض، واعتماد تام على الله عز وجل.
فيها نفي وإثبات، فما معنى النفي والإثبات !
قد يسأل أحدهم: بسط لنا هذه المعلومة. وسأحاول تبسيطها قدر المستطاع.
حينما أقول: "لا حول ولا قوة"، فأنا أنفي عن نفسي كل الحول والقوة. "إلا بالله" تعني أن الحول والقوة لله وحده جل جلاله.
فما معنى "لا حول ولا قوة إلا بالله" ! ما الذي نفيته عن نفسي وتبرأت منه ونسبته إلى الله !
اسمعوا: "الحول" هو التحول من حال إلى حال، كأن يتحول الإنسان من المرض إلى الشفاء، أو من الفقر إلى الغنى، أو من الضلال إلى الهداية، أو من الاضطراب إلى الاستقرار. هذا هو الحول، أي التحول من حال إلى حال. وأنا لا أستطيع هذا التحول بذاتي، يا رب، هذا معنى "لا حول".
كل حركة في هذا الكون، كحركة اليد أو الانتقال من مكان إلى آخر، لا يقدر عليها أحد بنفسه أو بقوته الذاتية، بل كل ذلك بحول الله.
لذلك، حين أخرج من بيتي أقول: "بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله". وعندما يُنادى للصلاة "حي على الصلاة، حي على الفلاح"، أقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، أي أنني لا أستطيع الذهاب إلى المسجد إلا بحول الله وقوته، وهذا معنى "لا حول".
أما "القوة"، فهي الدافع الذاتي الذي يدفع الإنسان للفعل. كل حركة تحتاج إلى قوة، حتى رفع القلم من الجيب يحتاج إلى قوة، فهل هذه القوة من ذاتي ! لا والله. "لا قوة" تعني أنني أقر أن لا قوة لي، بل القوة لله.
لاحظوا: لم نقل "لا حول عندي"، بل "لا حول ولا قوة إلا بالله"، كما جاء في الحديث: "يا عبد الله بن قيس، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله".
حتى جبريل عليه السلام لا يفعل شيئًا إلا بحول الله وقوته، وملك الجبال، وملك الموت، لا يستطيعون فعل شيء إلا بحول الله وقوته. الشمس نفسها لا تشرق ولا تغرب إلا بأمر الله.
إذاً، لا أنا ولا غيري في هذا الكون يملك الحول أو القوة، إلا بالله.
فعندما أطلب شيئًا من الله، أحدد حاجتي – كوظيفة، أو زواج، أو ولد صالح – وأقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، كأني أقول: يا رب، ليس عندي قدرة على الانتقال من حالي هذا إلى الحالة التي أتمناها، ولا عندي قوة لتحقيقها، ولا عند غيري، إلا بك، أنت وحدك.
هذا يعني أنني أُفرغ كل الأسباب الدنيوية، وأقطع حبائل الرجاء بمن دون الله. فلا أرجو وزيرًا، ولا مديرًا، ولا طبيبًا، بل أقول: يا رب، لا حول لي ولا قوة إلا بك.
فكأنني أقول: يا رب، مطلبي هذا لا أقدر عليه، ولا أحد في الكون – لا الجبال، ولا السماوات، ولا الملائكة – يستطيع تحقيقه، الأمر كله عندك وحدك، وأنا فوضت أمري إليك، والتجأت إلى قوتك وحولك.
رأيتم كيف نستشعر معنى "لا حول ولا قوة إلا بالله"؟ إنها ليست مجرد كلمات، بل حالة يعيشها القلب.
أولاً: "تخلية"، أي أن يُخلي القلب مما سوى الله، فلا يتعلق بشيء أو أحد.
ثانيًا: "تحلية"، أي أن يملأ القلب بالله وحده، توحيدًا واعتمادًا وثقة.
حين تفرغ قلبك من التعلق بالأسباب الدنيوية – من الأشخاص، من المناصب، من الأطباء – وتملأه بالتوكل على الله، حينها، إذا نظر الله إلى قلبك ولم يجد فيه إلا هو، ستأتيك العطايا منه.
أما إذا كان القلب مليئًا بالتعلق بغير الله، فلا يصلح.
انظروا إلى قول الله:
"حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه"
هنا حالة التفريغ والرجوع إلى الله.
وقال النبي ﷺ لصاحبه في الغار: "لا تحزن إن الله معنا"
وقال موسى: "كلا، إن معي ربي سيهدين"
إذا معي الله، فما حاجتي للأسباب؟
هل نستطيع، ونحن نقول "لا حول ولا قوة إلا بالله"، أن نستحضر كل هذه المعاني؟ نعم، نستطيع، وإذا استحضرناها، فابشروا بالخير العظيم.
هكذا ينبغي أن نتعامل مع الأذكار. ليست مجرد ترديد باللسان، بل استحضار بالوجدان.
فرغ قلبك من كل شيء، واجعل الله وحده فيه، فإذا فعلت ذلك، أدهشك الله بعطاياه.
أسأل الله أن يبارك لي ولكم، وجزاكم الله خيرًا.
❤️
3