꧁🥀 الراسخون🥀꧂
꧁🥀 الراسخون🥀꧂
June 8, 2025 at 09:13 PM
الغياب الكبير للأصوات التي تقيم الحسبة الشرعية على ما تمارسه الحكومة السورية الجديدة مُؤْذن بالعودة إلى أوضاع الطغيان والاستبداد وسير الدولة في مسارات لا تعبّر عن قيم هذه الأمة وشريعتها. لكن لا بدّ لنا من معالجة شبهة يطرحها من يؤيّدون هذا الغياب، وهي زعمهم أنّ النقد في المرحلة الحالية سيؤدّي إلى تكالب القوى المغرضة ومصير شبيه بمصير الدكتور محمد مرسي رحمه الله، رئيس مصر الأسبق. والواقع أنّ استحضار تجربة الإخوان في مصر وكثرة النعي على "الإسلاميين" الذين يتحدّثون بمنطق "الأمة" دليل على جهل كبير جدا، فليس الإسلاميون هم الذين أسقطوا تجربة مرسي، بل عوامل أخرى عديدة، ومن بينها ما يمارسه الآن الإخوة في الحكومة السورية، أي أنّ المقولة الأصح: على الإخوة في سورية التعلّم من فشل التجربة المصرية مع الفارق، لكن المشترك هو تبنّي خطاب الدولة الوطنية والمصالحة وإحسان الظنّ بدول التآمر التي تنتهز كل فرصة لترسيخ الاستبداد والتبعية في بلاد المسلمين، وتحديدا في مصر والشام. فأما الزعم بأنّ نقد الإسلاميين هو الذي أدّى إلى سقوط تجربة الدكتور مرسي في مصر فخطأ لثلاثة وجوه: -  أولا: أنّ ما أسقط مرسي هو تحالف الجيش مع القوى العلمانية، ولا علاقة للإسلاميين بذلك. أما حزب النور فمن العيب على أي كاتب أن يحسبه على الإسلاميين، بل هو محسوب على المخابرات المصرية. -  ثانيا: أنّ هؤلاء الإسلاميين كانوا أكثر الفئات وعيًا في مصر، فلم يتحالفوا مع الدولة المصرية العميقة والجيش المصري كما فعلت الأحزاب العلمانية والليبرالية، ولم يمارسوا العداء والإسقاط والتخريب ضدّ حكم الإخوان، بل كان نقدهم ونصائحهم خوفًا على العباد والبلاد، وعلى إضاعة منجز الثورة بتحقيق شيء من الحرية، وتنبيهًا على المسارات المرتجفة الخاطئة وإبقاء وكر الذئاب والثعالب مفتوحًا، ممثّلا بقيادات الجيش وغيرهم من رجال الدولة الطلقاء الذين دبّروا الانقلاب على الإخوان. ومن ثم كان الذي أسقط تجربة الإخوان هو عدم الاستجابة إلى نصائح الإسلاميين وليس العكس. -  ثالثا: أنّ هؤلاء الإسلاميين كانوا أول من وقف مع مرسي في رابعة والنهضة وتحمّلوا كلفة تضييع الإخوان للفرصة وأخطائهم الكثيرة، فاستشهد منهم من استشهد وسُجن من سُجن وشُرّد من شُرّد وحُرق في رابعة والنهضة من حُرق، رحمهم الله جميعًا. فلم يكونوا أعداء للإخوان بقدر ما كانوا ناصحين صادقين لهم. النقد البنّاء الصادق الذي يخاف على مصالح هذه الأمة ويحذّر من المسارات المضلّة ومن الثعالب الماكرة التي تمكر في ثوب الناصح لا يمكن أن يكون سببا في تراجع الأمة، بل هو جرس إنذار وتنبيه ويقظة. وإذا كانت هناك نصيحة للحفاظ على مكتسبات الثورة السورية فهي أن يكون الحراك الشعبي المتمسّك بقيم الشريعة (وهي قيم ثورة المسلمين في سورية) حيّا يقظًا ضاغطا على الحكومة كي لا تنحرف مع الضغوط الخارجية لتصبح مجرّد حكومة جديدة كغيرها من الحكومات العربية، مرتهنة للغرب أو مرتهنة لعملائه الذين امتلأت جيوبهم بالأموال من نهب خيرات المسلمين! والحديث بمنطق "الأمة" ليس غباء من الإسلاميين كما يردّد بعض الجهلة الملوّثين بالأفكار العلمانية والأيديولوجيا الوطنية من أهل سورية اليوم، بل قمة الغباء تكمن في تبنّي الأيديولوجية الوطنية وأن تكون آفاق التقدّم الدنيوي المادي سقف طموحات الإنسان، فهذا هو حال الغافلين الجاهلين، الذين يرى بعضهم اليوم في نماذج النهضة الخليجية المبنية على ثلاثية المال والاستبداد والتبعية مثالا يُحتذى، لأنّ لعابهم سال على أناقة شوارع دبي وأبراجها الشاهقة وإدارتها المنظّمة.. بعد حرمان اقتصادي عنيف ساهم أولئك الطغاة في ترسيخه! وهؤلاء يُذكَّرون بقوله تعالى عن الذين فُتنوا بقارون: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (القصص: 79-84). تدبّروا الآيات جيّدا، فإنّما أُنزل هذا القرآن وقصصه كي نعتبر منها في كل عصر!
👍 1

Comments