الاعلامي محمد الحمد
الاعلامي محمد الحمد
May 20, 2025 at 09:24 PM
غزة وفضيحة القناع الغربي: حين يسقط الزيف وبرقع الإنسانية محمد الحمد 21 آيار 2025 بين ليلةٍ وضحاها، خرج دونالد ترامب بتصريحات يُبدي فيها “صدمته” من مشاهد قتل الأطفال والدمار في غزة. وتتابعت بعده بيانات من رؤساء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، يشددون فيها على ضرورة إدخال المساعدات، ويصفون ما يقوم به الكيان الصهيوني بأنه جريمة. حتى بعض القيادات الصهيونية التي طالما بررت كل أشكال الإجرام بدأت تُظهر فجأةً معارضة لقتل الأطفال! لكن، بعد أكثر من 19 شهراً من المجازر المستمرة، فجأةً تذكّر هؤلاء ما يجري هناك! نفاق لا يُطاق. ما يحدث فعلياً ليس اعترافاً بالجريمة، بل محاولة مكشوفة لتحميل المسؤولية الكاملة على النتن وفريقه، وليس على الكيان النازي المجرم بأكمله. وربما، كما أشرنا قبل عام، فإن الولايات المتحدة تسعى فعلاً للتضحية بالنتن "نتنياهو" عند أول فرصة سانحة، خصوصاً بعد أن تصاعدت التحديات الداخلية والخارجية الأميركية، وهو ما بدأ اللوبي الصهيوني يستوعبه ويحسب حسابه جيداً ربما. أما بريطانيا، التي كانت من أشدّ المساندين للكيان، فقد بدأت الآن تُعلن وقف حركة التجارة معه، وباتت أوروبا ومعها ترامب يُبدون “صدمتهم” مما يجري في غزة، ويطالبون بوقف الحرب. لكن الحقيقة أعمق وأبشع: اللوبي الصهيوني قدّم كيانه عبر العقود على أنه “ضحية”، روّج رواية المظلومية لعقود وقرون، وجنّد الإعلام والسياسة والتاريخ لتلميعها، لكن غزة ودماء أطفالها ونسائها كانت كافية لفضح هذا الزيف وأسقطت الأقنعة. غزة أسقطت الأقنعة. كشفت أن الصهيونية ليست مشروعًا سياسياً ولا قومياً فحسب، بل هي عقيدة وحشية تتجاوز النازية، لأن النازية مارست الوحشية ضمن أفعالها، أما الصهيونية فبنت عقيدتها على الوحشية نفسها. والمجتمعات حول العالم بدأت تُدرك هذه الحقيقة بوضوح. إلا الأعراب، فهم ماضون في خدمة الصهيونية حتى الرمق الأخير، مهما تعالت صرخات الأطفال أو انتُهكت إنسانية الإنسان. وبعد أكثر من 250 ألف بين شهيد وجريح، وبعد حصار خانق بالماء والغذاء والدواء، وبعد قطع رؤوس الأطفال والنساء، وتقطيع وحرق أجسادهم بلا رحمة، وبعد تدمير شامل لغزة: بنيةً ومنازل ومستشفيات ومساجد ومدارس… يأتي الغرب الأعور اليوم ليتظاهر بالدهشة، يحاول غسل يديه من الجريمة، متناسيًا أن القنابل التي كانت تسقط على رؤوس النساء والأطفال كانت تحمل تواقيع مسؤولين في الإدارة الأمريكية والأوروبية، وكان أولئك المسؤولون يوثقون تلك اللحظات أمام الكاميرا بكل وحشيةٍ وبلا خجل، وكأنهم يُوثقون بطولة… لا جريمة ضد الإنسانية. إن ترامب، ذلك الشخص المتلون المنافق الكذاب والمجرم، يحاول استخدام أساليب شيطانية لتبرئة الغرب من دماء الأبرياء، ويصغّر المأساة كلها في رأس النتن وفريقه، في حين أن الغرب كلّه كان شريكًا، بالسلاح، والسياسة، والإعلام، والسكوت، وبالقنابل التي كانت تُرسل بقرارات رسمية وتُطلق بأوامر مباشرة. نفس الدول التي تُصدر اليوم بيانات “الاستنكار” الكاذب، هي ذاتها التي كانت شريكةً في المجازر، وهي التي اعتقلت وهددت وكمّمت أفواه كل من خرج نصرةً للحق والإنسانية، وهي التي جرّمت كل من نادى بوقف الإبادة. لكن السؤال الأهم: لماذا يقوم الغرب اليوم بذلك؟ الغرب الذي خاض “الحرب الباردة” ضد الاتحاد السوفيتي، رفع شعارات براقة: حقوق الإنسان، المساواة، حرية التعبير، وهي الشعارات التي شكّلت ما سُمي بالقيمة المضافة للنظام الليبرالي، لكنها لم تكن يومًا سوى أدوات مرحلية، هدفها إزاحة الطرف الأقوى ليبقى الطريق سالكًا أمام هيمنة أمريكا. وبعد عقود طويلة من الكذب والتضليل والقتل والدمار، انتصرت دماء غزة بكشفها زيف الغرب. اليوم، ومع صعود اليمين في عدد من الانتخابات الأوروبية، ومع تراجع الاقتصاد الأميركي، بات الغرب أمام تحدٍّ وجودي اسمه “القيم” القيم التي طالما استخدمها سلاحًا دعائيًا، وأصبح اليوم عاجزًا عن الدفاع عنها أمام شاشات العالم وضمائر الشعوب. لذلك، يحاول الغرب استعادة شيء من صورته المفقودة عبر بيانات إعلامية ومواقف شكلية، وقد يسعى إلى تحميل الجرائم كلها على رأس النتن وفريقه، لكن الحقيقة أن هذا الغرب لن يتخلى عن الكيان الصهيوني، وسيستمر في دعمه، علنًا أو سرًّا، سياسياً وعسكرياً واستخبارياً، لأن الكيان جزء من المشروع، لا مجرد حليف عابر. إنه نفاق الغرب يا سادة، إنه الشيطان يا سادة، في كل ساعة قناع.
❤️ 👍 2

Comments