
فـ♡ـاطِـم'🤎)).
June 8, 2025 at 07:59 PM
الجزء الثاني والأخير من اسكريبت: ليتهُ يعلم.
رفعتُ جفنيَّ، وأول شيء وقعت عليه عيني كان سَقف غُرفتي.
عندما لاحظت أمي استيقاظِي، صرخت باسمي، فنظرتُ إليها بابتسامة خفيفة.
لم تكن في الغرفة سوى أمي، فسمعتها تخبرني بعتاب:
ـ أتفعلين هذا بي يا روميساء؟ لمَ لم تخبريني يا ابنتي؟ لم أكن لأجبركِ على الذهاب أبدًا.
نظرتُ إليها بعدم فهم، لِذا أكملت حديثها قائلة:
ـ أخبرتني رؤى بكل شيء... كنت أشعر أن ما بكِ ليس مجرد اكتئاب تخرج، لم تكوني طبيعية أبدًا... وشعور الأم لا يخيب.
قوستُ شفتيَّ بحزن وأنا أستمع لها. حاولت الاعتدال بجلستي لكن المحلول الذي وضعه الطبيب بيمناي منعني. فوضعت يُسراي على وجهي وانهمرت دموعي وأنا أردف:
— أحبه يا أمي... أحبه... كان عالمي بأسره، كان كل شيء بالنسبة لي. لا أزال أتذكر مشكلاتنا ونحن صِغار، لا أزال أتذكر مدافعته عني عندما تنمر عليَّ أحدهم في المدرسة الابتدائية، لا أزال أتذكر أول مرة لقبني بـ "روما".
كانت شهقاتي تتعالى أكثر فأكثر، بينما أمي تناظرني بقلة حيلة. أشعرُ بأنها تريد اخباري بأنه ليس نصيبي، وأنه ليس لي، ولن يكون يومًا لي.
قوست والدتي ظهرها لتحتضنني، وانهارت كل حصوني حينها، وبكيتُ كأني أفرغ كل ما بقلبي ناحيته، كأنني أخرج كل تلك المشاعر التي لازمتي منذ صغري ناحيته.
*************************
مر يوم ويومين، وكانت غرفتي لا تخلُو من البشر.
أتى جميع من أعرفهم، ما عدا هو، حتى أن أمه أتت، اعتذرت منها لأنني خربتُ خطبة ابنها، لكنها أخبرتني أن صحتي أهم.
كانت رؤى تأتي إليَّ يوميًا رغم انشغالها بشراء مستلزمات زفافها. وعندما كانت متواجدة في يومٍ سألتها:
— ألهذا أخبرتيني مسبقًا يا رؤى أن أوافق إن جاءني شخصٌ مناسب؟
أومأت بهدوء، بينما ابتسمت أنا، ابتسمتُ ساخرة وسألت مجددًا:
— ولهذا لم توافقي على جعله يُوصلنا في أول امتحان؟
ـ كان ذلك لأجلك يا روميساء، أخبرني مسبقًا عن مشاعره لفتاةٌ ما، لم أعرف إن كانت أنتِ أم لا... لكنني حاولت بعدكِ عنه تحسبًا لأي شيء.
أومأت لها برأسي عِدة مرات، ثم أخذت تنهيدة طويلة أتت معها بعض الدموع. وعند دخول أمي للغرفة نبست بسرعة:
— أمي، أرغب بالذهاب لجدتي... أرغب بالابتعاد عن هنا.
نظرت إليَّ أمي بتفاجؤ، فجدتي في الإسكندرية، وبعيدة جدًا عن هنا ثم نظرت أمي إلى رؤى وقالت:
ـ ماذا عن زفاف رؤى يا بنيتي، ألن تحضريه؟
— لا يزال الزفاف بعد شهر... أنا لن أتحمل المكوث هنا يوم واحد، لا أتحمل رؤيته، أريد الذهاب يا أمي، اقنعي أبي رجاءً...
تنهدت أمي باستسلام، ثم أومأت ووعدتني بالمحاولة، بينما استأذنت رؤى للذهاب لأنها مشغولة، وجلستُ وحدي مجددًا أصارع تلك الذكريات التي تلاحقني.
*************************
وبعد ثلاثة أيامٍ بالضبط، اقتنع أبي بذهابي لأكمل شفائي. فجدتي وحيدة هناك بعد موت جدي وزواج أبنائها جميعًا.
اصطحبني أخي بالسيارة، أخبرني أن الطريق سيأخذ حوالي أربع ساعاتٍ ونصف. كان الهواء يُداعب خماري.
ابتسمتُ عندما رأيتُ البحر، بحر الإسكندرية الذي لم أذهب إليه منذ صغري. رأيتُ السُفن هناك، وانعكاس الشمس على سطح البحر. شعرتُ بالارتياح عندما كان الهواء النقي يتخلل داخل رئتيَّ.
قمتُ بتشغيل تسجيل السيارة على سورة الصافات، بصوت القارئ ياسر ممدوح. ظللت أردد معه طوال الطريق وأنا في قمة سعادتي، الهواء مع صوت قارئي المفضل، كانت تلك اللحظات أفضل لحظات حياتي.
وصلنا على وقتِ الغروب، استقبلتنا جدتي بترحابٍ بالغ. لم يمكث أخي سوى القليل، أخذ واجب الضيافة وعاد مجددًا. قبل عودته قبل جبيني وقال لي:
ـ عندما تريدين العودة أخبريني.
أومأت له بابتسامة، ثم تركني وغادر.
عدتُ لجدتي ووجدتها تضع الطعام على الطاولة، أسرعت لها وساعدتها في وضع الطعام قائلة:
— لمَ لم تخبريني لأساعدكِ يا جدتي؟
ابتسمت لي بدفء وردت:
ـ أنا مُعتادة يا صغيرتي، غير أني قمتُ بعمل أكثر من صنف عندما علمتُ بمجيئك... أنتِ لا تعلمين كم سعدتُ بهذا يا روما.
رددتُ عليها بابتسامة خفيفة، بينما آلمني قلبي عندما وقع على مسامعي ذلك اللقب مجددًا. لا بد أنها سمعت أمي تناديني به قبل ذلك.
ألن أستطيع التخلص من طيف يحيى للأبد؟
جلست أرضًا عندما فعلت جدتي ذلك لنبدأ بتناول الطعام. كنتُ أتذوق طعامها بتلذذ، جدتي لديها نفسٌ مميز في الطعام، لربما أفضل من أمي حتى!
انتهينا ثم ساعدتها بأخذ الأطباق إلى المطبخ، وأصررتُ عليها أن أغسل أنا الأطباق هذه المرة. وقفت لتغسيلهم، بينما كُنتُ أتأمل كل شبر في هذا المنزل الدافئ.
كُنتُ أشعر بثقل صدرِي يخف شيئًا فشيئًا... لا أزال أتألم صحيح، لا يزال قلبي يؤلمني عند رؤيته وعند سماع أي شيء يخصه... لكنني أحاول أن أتحسن. ما الجدوى من حب شخص... لم يرني يومًا؟
تجمعت الدموع بعيناي، لكنني هززت رأسي لأبعدها لأن يديّ مشغولتان بغسل الأطباق.
بعدما انتهيتُ صلينا العِشاء، ثم نامت جدتي، وقبل ذلك أخبرتني أن غدًا سيكون يومًا مليئًا بما نفعله معًا.
*************************
أيقظتني جدتي وقت الفجر، وكدتُ أن أعود للنوم مجددًا بعدما صليتُ، لكنها لم تسمح لي قائلة:
ـ يا صغيرتي هذا وقتٌ مبارك، سنذهب إلى سوق. تجهزي.
وبالفِعل تجهزت، وخرجنا عندما اقتربت الشمس من الشروق. كان الهواء يُداعب أنفي، مازلنا بالصيف، لكن هناك لمسة باردة في هذا الهواء.
اشترينا ما أرادته جدتي ثم عدنا، وبعدها قامت بجدتي بعمل الفطور وساعدتها بذلك.
وعندما أذن الظُهر وصليناه تفاجأت بها تقول:
ـ هيا لنذهب إلى حلقة القرآن.
اتسعت عيناي ونبست:
— أتذهبين إلى حلقات للقرآن؟
ضحكت وقالت:
ـ لولا القرآن لكنتُ اكتأبتُ وحدي... صاحب القرآن لا يشقى، ولا يشعر بالوحدة.
ابتسمتُ باتساع عندما ألقت كلامها. الآن عرفت السِر. السر في كيف أن عجوزًا تجلس بمنزلها وحيدة، ولات تزال بخير إلى الآن.
ذهبتُ معها لمكان الحلقة، كانت أشبه بغرفة، غرفة واسعة مُرتبة.
والأغرب أن جميع من هنا عجائز... كبار بالسن، ربما أصغر واحدة هنا لديها خمسون سنة.
جلستُ معهم، وبدأت كُل واحدة منهن بالقراءة. كنتُ منبهرة، ليس من الصوت الجميل... لكنني انبهرتُ من ضبط أحكام التجويد لديهم.
حتى أتى دور جدتي الحبيبة، والتي أظهرت براعة في الأحكام... لربما الصوت لم يكن أفضل شيء بالنسبة لهن جميعًا نسبةً لكبر سنهن، لكنهن بارعات في القرآءة بالتجويد.
وبعدما انتهت قالت إحداهن:
ـ ماذا يا سميرة؟ هل اجتهدتي هكذا لأجل حفيدتكِ التي معكِ؟
ضحك الجميع بما فيهم أنا وجدتي، وحينها قالت تلك السيدة مجددًا بعدما نظرت إليَّ:
ـ أنتِ لا تعلمين كم سعدت جدتكِ بخبر مجيئكِ، بقيّت تزعجنا بالساعات لأجل ذلك.
ابتسمتُ لها بينما ردت جدتي مكاني وهي تربت على ظهري قائلة بسعادة:
_ بالطبع فهي حفيدتي الأولى، لها مكانة خاصة.
لم نخرج من هناك سوى عندما أجبروني على القراءة... وبعدما فعلتُ تباهت بي جدتي أنني أزهرية، ولذلك بارعة في القراءة. خجلتُ من كثرة إطرائها عليَّ
وبعدما خرجنا، سِرنا معًا في شوارع الإسكندرية، أخبرتها برغبتي في الذهاب للبحر، ولم ترفض طلبي وذهبت بي للبحر.
كنتُ سعيدة بالبحر والهواء والإسكندرية... وجدتي.
شعرتُ حينها برغبة بالحديث، بالفضفضة، لكنني لا أرغب بذكره مجددًا.
فنظرتُ إلى جدتي التي كانت تستمع بهواء البحر وقُلت:
_ جدتي، كيف تعرفتي على جدي.
تفاجأت جدتي من سؤالي قليلًا لكنها تنهدت وأجابت بحنان:
ـ ياه يا روميساء... ذكرتيني...
ابتسمتُ أحثها على الإكمال فأكملت قائلة:
ـ كان جاري منذ الطفولة... لكنه سافر مع عائلته للإسكندرية وقت الثانوية، ومرت الشهور وتقدم إليَّ شخصٌ ما، فتمت خطبتي. لكنه لم يكن مناسبًا، لذلك فسختُ الخِطبة، وحينها مرض جده واضطرت عائلته للرجوع مجددًا، كان شابًا وكنتُ شابة، والتقينا، وبحكم كِبرنا معًا قامت عائلتي بضيافة عائلته، وأخذ الجميع يتذكر ذكريات الطُفولة... ولم يمر سوى شهرٍ وتوفيَّ جده، استقرت عائلته في الوقت الحاضر ريثما تهدأ الأمور بين أباه وإخوته لأجل الميراث، وقبل ذهابهم أتت عائلته مرةً أخرى لخطبتي له... وفقط.
كنتُ أستمع لقصة جدي وجدتي باهتمامٍ بالغ، وكيف أصبحوا من أصدقاء طفولة، إلى زوجيّن.
دمعت عيناي بينما ارتست على محياي ابتسامة خفيفة. أشعر أنها مزقت جرحي تمزيقًا، لأن صديق طفولتي قام بخطبة فتاة أخرى.
سيتزوج صحيح، لكن... لن أكون أنا زوجته.
وفورما رأتني جدتي أبكي احتضنتني، مخبرةً إياي بنبرة هادئة:
ـ كل هذا من الماضي الآن يا روميساء... الآن أنا أنتظر بفارغ الصبر ذهابي إليه.
أغمضتُ عينياي بعدما أخذت نفسٍ عميق وهمست:
— صحيح، هذا من الماضي الآن يا جدتي.
*************************
مرت جميع الأيام التالية كما اليوم السابق... حلقات القرآن ثم الجلوس مع جدتي نتحدث قليلًا وإلى آخره.
حتى مرضت جدتي بيومٍ ما، وكانت بحاجة لاشراء الخضار من السوق، لذا أخبرتها بأن تترك هذه المهمة لي.
وبالفعل ذهبتُ للسوق، أمسكت كيس الخضار بيدي، وعلى بداية الشارع وقفت أناظر حليَّة أعجبتني، اقتربتُ لأسأل عليها لكن على حين غُرة ركض شخصٌ من خلفي بسرعة ولم أشعر سوى بالكيس انقطع ووقع ما بداخله أرضًا.
شهقتُ ثم نظرتُ بغضب لذلك الذي نظر إليَّ أثناء ركضه نظرة خاطفة ولم يكلف نفسه للرجوع وإصلاح ما فعله.
أعطاني صاحب الحُليَّ كيسًا آخر بعدما رأى ما حدث، ثم قال لي:
ـ لا بأس يا ابنتي، اعتدنا على هذا من الطبيب.
رفعتُ حاجبي وقُلت:
— طبيب؟ هل هذه أخلاق طبيب؟
رفع الرجل كتفيه ثم تنهد قائلًا:
ـ أغلب الأيام يخرج من بيته ركضًا للحاق بالمشفى، لابد أن هناك حالة طارئة لينقذ أحدهم.
أومأت لصاحب الحليَّ وشكرته على الكيس، بينما ما حدث كان لا يزال يثير حنقي، حدثت نفسي بينما أسير:
— يذهب لينقذ المرضى ويصيب الآخرين.
عدتُ لجدتي التي أخبرتني بأن لديها كتاب تفسير تريد إرساله لصديقتها من الحلقة، شرحت لي أين العنوان، وأخبرتها أنني سأذهب عندما أنتهي من إعداد الغداء.
ولكن للأسف بعدما انتهيتُ كان الغروب قد كَسا السماء المُشرقة، مما دفعني ذلك لقول:
— سأعطيه لها غدًا بإذن الله يا جدتي.
وافقت جدتي ولم تقل شيئًا. وبالفعل في الصباح ذهبتُ إلى بيت تلك السيدة مثلما وصفت لي جدتي.
فُتِح الباب لي بعدما طرقته، رفعت الكتاب لأعطيه لها لأنني ظننت أنها من ستفتح.
لكنني تفاجأت بذلك الشاب نفسه الذي قطع لي كيس الخُضار أمس.
عقدتُ حاجباي ونبست بنبرة حادة:
— ذلك لسيدة نيفين.
وكدت ألتفت للذهاب لكنه أوقفني معتذرًا وقال:
ـ أعتذر على ما حدث أمس... وقف قلب المريض الذي أشرف على حالته.
لم أتحدث، اكتفيتُ بالإيماء له، وتركته وذهبت.
*************************
مرت الأيام واقترب موعد زفاف رؤى، وتكررت زيارات سيدة نيفين لجدتي مع ابنها الطبيب هذه الفترة.
لكن بعيدًا عن ذلك كنتُ حزينة لمفارقة جدتي... لكنني وعدتها بالعودة مرةٌ أخرى.
وعندما اتصلتُ على أخي ليأتي لأخذي، أخبرني بأن موعد زفاف رؤى تأجل. وعندما سألته لمَ؟ أخبرني بأن خطيبة يحيى توفت منذ يومين.
لا أعلم بمَ شعرتُ حينها، لكنني كنت هادئة، لستُ حزينة ولا سعيدة، لا أشعر بشيء اتجاهه... ربما أشعر بالشفقة والأسف فقط لأنه من الواضح أنه كان يهيم بها.
أغلقت مع أخي، وذهبتُ لجدتي أخبرها بأنني لا أزال سأكمل في إزعاجها.
وبينما تمر الأيام بانسيابية، بتُ أشعر بذلك الحُب الذي كتمته في قلبي لسنوات يذوب.
رغم معرفتي بوفاة خطيبته، لكنني لم أشعر بأن فرصتي قد حانت، ولم أرغب بالرجوع كذلك.
"من لم أكن اختياره منذ البداية، لن أجعله يلمح طيفي بعد ذَلك"
قررت العيش على أساس هذه الجملة، وبالفِعل، حاولتُ فعلتُ ذلك.
وفي تلك الأثناء كانت جدتي تُلمح لي بالزواج، تُلقي جملة مثل: كبرتِ يا روميساء وأصبحتِ في سن الزواج. كان ذلك غريبًا... ومريبًا أيضًا.
حتى فاجأتني عائلتي بأنهم سيأتون إلى الإسكندرية. سعدتُ بذلك كثيرًا لأنني سأراهم أخيرًا.
وفورما أتوا وجدت أمي تركض لتحضنني، مسحت على وجنتيّ بسعادة وهي تقول:
ـ زاد وزنكِ يا بنيتي.
عبستُ بسفليتي وأنا أقول بضجر:
— من يقول ذلك لفتاة في وجهها يا أمي؟
ضحكت أمي وأتى أبي وأخي لاحتضاني.
وفي نفس اليوم ليلًا، تفاجأت بالسيدة نيفين وولدها في منزلنا. وحينها علمت، أن الجميع وقفوا ضدي ولم يخبروني بأنهم أتوا لأجل تقدم ذلك الطبيب لي. لكن في الواقع جدتي كانت تُلمح للأمر بأكثر من طريقة.
جلسنا مع بعضنا رؤية شرعية، وعرفني بنفسه وأخبرني كيف أن حياته على نظامٍ وروتينٍ محدد. لكنني لم أهتم لكل ذَلك وسألته:
— لمَ اخترتني يا حضرة الطبيب هيثم؟
وجدتهُ يعود بظهره قليلًا ثم ابتسم قائلًا:
ـ سؤالكِ غريب، لكن تمكث أمامي فتاةٌ مسلمة، متعلمة، ترتدي الزي الشرعي، أليست مواصفاتٍ كافية؟
أومأتُ باقتناع، ثم حدثته عن نفسي وعمري وجامعتي. وفعل ذلك هو أيضًا، ابتسمتُ وشعرتُ بقبولي نحوه.
وتكررت الرؤية الشرعية مرةً أخرىٰ لنتيقن من الأمر. استخرتُ بعدها ووافقت، وتمت خطبتنا في الإسكندرية.
لم تستطع رؤىٰ أن تكون معي في هذا اليومِ المُهم، بسبب اقتراب زفافها، ولأن المسافة بعيدة كذلك.
عدتُ إلى محافظتي مع العائلة لأجل زفاف رؤى، أخبرني هيثم أنه سيأتي معنا يوم زفاف رؤى ليتعرف على جامعتي ومدرستي، وكل شيء مررتُ به.
وضع سبحانه وتعالى حبه في قلبي، لكنني حاولتُ قدر الإمكان أن ألتزم بالضوابط الشرعية.
أدركتُ حينها بأن هذا هو الحُب الحقيقيّ، الذي يأتي بعد رابطٍ شرعيّ، بعد جلسة تعارف ومشاركة الأفكار والأحلام، وأدركتُ أنني طوال هذا الوقت، كُنتُ أسيرة لحب المُراهقة.
أتىٰ يوم زفاف رؤى... وكانت أجمل عروسة رأتها عيناي. كان زفافها بالضوابط الشرعية، النساء بجهة والرجال بجهة.
قضيّنا وقتنا وسهِرنا ورَقصنا معًا جميعًا. وعند رحيلنا وجدتُ أن هيثم كان مع أبي وأخي في قاعة الرجال. ابتسمتُ له وثوانٍ ووجدنا يحيى يأتي ليُسلم على أمي.
ألقىٰ عليّ السلام، وسألني عن حالي، رددتُ برسمية ثم وجدتُ أبي يُعرفه على هيثم بسعادة.
وجدته تفاجأ قليلًا، ربما رؤى لم تخبره، لكنني لم أهتم.
سرتُ مع عائلتي للمنزل وكان لايزال يحيى واقفًا مكانه.
لم أفعل شيء سوى أنني ابتسمتُ باتساع لدرجة أنني كنتُ سأضحك دون قصد.
مشاعري اختفت، وتبخرت، وصِرتُ شخصًا جديدًا. نظرتُ حينها إلى ظهر هيثم الذي كان يتقدمنا أنا وأمي بالمسير مع أبي وأخي وابتسمت لأن الآن قلبي ملكًا للشخص الذي اختاره الله لي، وأنا راضية لأبعد حد، وأدركتُ أن الحُب يُنال بطاعة الله عز وجل وليس بمعصيته سبحانه.
تَمـــت.
*تأليف وكتابة/ شادية ماهر -غسق-*
❤️
🥹
♥
❤🩹
💗
😮
🥺
🩵
🫶
24