
دروس العقيدة والتوحيد // شبكة خير أمة
May 26, 2025 at 04:23 AM
قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي.:
#أنذرتكم_النار
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
طبيعي جدًا في الحر الشديد -كهذه الأيام- أن نسعى لتخفيفه بوسائل التبريد من مكيفات، ومراوح، وشرب البارد… لكن ماذا عن جهنّم، وأي وسيلة تبريد فيها، وهذا شرابهم البارد، وأمنيتهم بعد طلبهم، واستغاثتهم: ﴿وَإِن يَستَغيثوا يُغاثوا بِماءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجوهَ بِئسَ الشَّرابُ وَساءَت مُرتَفَقًا﴾[الكهف: ٢٩]، هذا شرابهم فكيف بطعامهم مع شرابهم أيضًا: ﴿ثُمَّ إِنَّكُم أَيُّهَا الضّالّونَ المُكَذِّبونَ لَآكِلونَ مِن شَجَرٍ مِن زَقّومٍ فَمالِئونَ مِنهَا البُطونَ فَشارِبونَ عَلَيهِ مِنَ الحَميمِ فَشارِبونَ شُربَ الهيمِ هذا نُزُلُهُم يَومَ الدّينِ﴾[الواقعة: ٥١-٥٦]، وذاك بلا ريب لا يغنيهم، ويطلبون غيره: ﴿لَيسَ لَهُم طَعامٌ إِلّا مِن ضَريعٍ لا يُسمِنُ وَلا يُغني مِن جوعٍ﴾[الغاشية: ٦-٧]، تخيّل معي أنهم يريدون أن يخفّفوا على أنفسهم من حرارة أكل الزقوم، والضريع بالشراب لكنه لا أي شراب بل الحميم، وبشراسة، ونَهَم كبير، وعظيم؛ ظنـًا منهم أنه يخفّـف عنهم ما أدخلوه في أجوافهم من طعام شجرة الزقوم، والضريع: ﴿ وَسُقوا ماءً حَميمًا فَقَطَّعَ أَمعاءَهُم﴾[محمد: ١٥]، هذا إن نزل وإلا فقد قال الله: ﴿مِن وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسقى مِن ماءٍ صَديدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسيغُهُ وَيَأتيهِ المَوتُ مِن كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرائِهِ عَذابٌ غَليظٌ﴾[إبراهيم: ١٦-١٧]، وإذا لم، فيُفرغ من على رؤوسهم: ﴿يُصَبُّ مِن فَوقِ رُءوسِهِمُ الحَميمُ يُصهَرُ بِهِ ما في بُطونِهِم وَالجُلودُ﴾[الحج: ١٩-٢٠].
وقد صوّر لنا رسول اللّه ﷺ شناعة الزقوم، وفظاعته فقال: " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا، لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه" رواه الترمذي، والنسائي، والبيهقي، وابن حبان، وأحمد، والحاكم وصحّحه، وكذا الألباني.
ثم ماذا عن لباسهم، وما يلامس جلودهم، في كل أوقاتهم، وقد أخبرنا الله ﷻ: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: ١٩]، وقال تعالى: {تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: ٤٩- ٥٠].
ويا ترى ماذا عن تحتهم وفوقهم: ﴿لَهُم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِن فَوقِهِم غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجزِي الظّالِمينَ﴾[الأعراف: ٤١].
حتى الموت يتمنونه وقد كانوا يهربون منه في الدار الدنيا، بل هو أشد عدوهم فيها: ﴿وَنادَوا يا مالِكُ لِيَقضِ عَلَينا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُم ماكِثونَ﴾[الزخرف: ٧٧]، لفرط ما هم فيه يتمنون مجرد التخفيف، لا لشهر أو دهر، بل ليوم واحد: ﴿وَقالَ الَّذينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادعوا رَبَّكُم يُخَفِّف عَنّا يَومًا مِنَ العَذابِ﴾[غافر: ٤٩].
ولو كانوا يفنون، أو لهم فترة ينتهون إليها لاستراحوا لكن قد حسم الله ﷻ أمرهم: ﴿وَنَحشُرُهُم يَومَ القِيامَةِ عَلى وُجوهِهِم عُميًا وَبُكمًا وَصُمًّا مَأواهُم جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَت زِدناهُم سَعيرًا﴾[الإسراء: ٩٧]، وأكّد ﷻ: ﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِنا سَوفَ نُصليهِم نارًا كُلَّما نَضِجَت جُلودُهُم بَدَّلناهُم جُلودًا غَيرَها لِيَذوقُوا العَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزيزًا حَكيمًا﴾[النساء: ٥٦].
وأخيرًا لو دخلوها بأجسامهم هذه لكان العذاب عليهم خفيفـًا، والأمر عندهم يسيرًا، لكن الأمر أشد من هذا، وأجسادهم أقوى من التي نراها؛ ففي الأحاديث الصحاح وهو يصف ﷺ عِظَم أبدانهم وهم في النار، -وجمعتها لك من أحاديث صحيحة عدة في حديث واحد-: "مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الْكَافِرِ فِي النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ، وَغِلَظ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَضِرْسهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ"، لا ريب أنهم سيعبّرون عن عجزهم ببكائهم: "يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ"، بل: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ".
ولأجل تنقذ نفسك من هول هذه النار التي ذكرتُ لك جزءًا يسيرًا مما فيها؛ إنذارًا، وتحذيرًا، وتخويفـًا، ونداء مشفق عليك كما أشفق ﷺ على الأمة حين نادى الناس بأعلى صوته بقوله ﷺ: (" أنذرتكم النار، أنذرتكم النار " يقول الراوي: فما زال يقولها حتى لو كان في مقامي هذا سمعه أهل السوق، وحتى سقطت خميصة كانت عليه عند رجليه)، فلا تتجاهل عمل أي خير ولو قلّ: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة" متفق عليه، وإذا كانت مثل هذه الحسنات تنفع، وتدفع عنك حر تلك النار،
فكيف بما هو أكبر منها، وأعظم، وبالمقابل: لا تتجاهل أي شر؛ فقد تحبط بك سيئة واحدة، وتهوي بك خطيئة واحدة، وزلة لسان بسيطة وعند البخاري: " إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم "، وفي رواية له ولمسلم: " يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب "، وفي المتفق عليه: "دخلت امرأة النار في هرة؛ حبستها لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض".
#ومضات_إيمانية
https://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━┅┉┈
✍- #عبدالله_رفيق_السوطي
الأسـتـاذ الجامعي، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين…