
دروس العقيدة والتوحيد // شبكة خير أمة
May 29, 2025 at 01:58 PM
*فضائل وأحكام شعيرة التكبير في العشر من ذي الحجة أفضل الأيام*
من أكثر الشعائر الإسلامية اندثارًا، وهجرانـًا، ونسيانـًا، أو جهلًا بالرغم أن ربنا ﷻ أكد عليها، ورسوله ﷺ بيّنها، وأجمع السلف عليها هي شعيرة التكبير في العشر من ذي الحجة عمومـًا، ومن يوم عرفة حتى نهاية أيام التشريق خصوصـًا، غير أن الأخير مقيد ببعد الصلوات(من بعد صلاة فجر يوم عرفة حتى 13 ذو الحجة عصرًا).
والتكبير في العشر من ذي الحجة وأيام التشريق على قسمين:
1- تكبير مطلق، وهذا يكون في كل مكان، وزمان، وسرًا، وجهرًا، وفرديـًا، وجمعايـًا، في البيوت، والطرق، والأسواق، والشوارع... كإعلان نفير عام، وحشد جماهيري لا يوصف.
2- تكبير مقيد، وهذا يكون بعد الصلوات(من بعد صلاة فجر يوم عرفة حتى 13 ذو الحجة عصرًا) بعد الصلاة مباشرة.
والحقيقة التي يجب أن تقال أننا نأسف على هذه الشعيرة الإسلامية المباركة، والتي كادت أن تندثر، وأن تختفي، وأن تسوّى أيام العشر والتشريق بغيرها في هذه الشعيرة العظيمة، والتي حث المولى تبارك وتعالى عليها في كتابه، وذكرها رسوله الكريم ﷺ في سنته قولًا وفعلًا، والتزمها السلف الصالح وحرصوا عليها، بل منهم من رأى وجوبها؛ لما رأوا من تأكيد قرآني عليها: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28]، بل قال ﷻ في الآية بعدها: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } [الحج: 30]، ثم قال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وهو تأكيد عظيم للحفاظ على شعائر الله وحرماته عمومـًا، وعلى هذه الشعيرة على وجه الخصوص.
لقد كان هذا الفعل الجماهيري ( أعني التكبير في العشر والتشريق) ذائعـًا، شائعـًا عند السلف عليهم الرضوان، وهذا ميمون بن مهران يقول: (أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر حتى كنت أشبّهه بالأمواج من كثرتها)، ثم يقول معلّقـًا: ( إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير)، هذا في زمنه يرى الخلل عن الزمن الذي قبله فماذا لو رأى زماننا، وحال الناس فيه، وتركهم التكبير كلية، وكأن العشر وغيرها سواء لا فرق بينهما، وهي الفاجعة، والطامة أن لا يدركوا خيرًا حثهم ربهم تعالى عليه، وأكّده رسوله ﷺ!.
وتبدأ شعيرة التكبير المطلق من أول يوم في العشر من ذي الحجة، وهذا التكبير هو النوع الأول من تكبير العشر، وهو مشروع في كل وقت من ليل أو نهار، وفي كل مكان دون استثناء –غير مثل الحمام- ويستمر إلى آخر أيام التشريق(الثالث عشر من ذي الحجة)، وقد استحبه عامة الفقهاء؛ لحديث صحيح عن ابن عمر: (فأكثروا فيهن من التهليل، والتكبير، والتحميد)، وذكر البخاري عن ابن عمر وعن أبي هريرة: "أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما"، وقال أيضـًا: "وكان عمر يكبِّرُ في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبِّرُ أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا"، "وكان ابن عمر يكبِّر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا"، ومنه نقول: يستحب التكبير بمكبرات الصوت في المساجد، والأسواق، والطرق، والممرات العامة؛ ليتذكّر الناس التكبير فيكبرون، ويحيون هذه السنة العظيمة المهجورة.
ولا حرج من التكبير عمومـًا المقيد والمطلق جماعيـًا، أو فرديـًا، ولا بدعة في هذا؛ لأنه هو المنقول عن السلف منهم عمر، وابنه، وأبوهريرة، وميمونة كما ذكره البخاري في كتابه، وسواء اتفقت أصواتهم بدون ترتيب مسبق، أو بترتيب مسبق؛ فالأمر فيه سعة، واتفاق الأصوات خير من هيشانها، ولغطها بذكره تعالى، بل ينبغي أن تتحد مادامت مرفوعة الأصوات؛ لأنه ليس من الأدب معه ﷻ أن يكون من لغط عند ذكره، فينبغي أن تتفق ولا تفترق، وأن تتحد ولا تختلف، ولا ينبغي أن يُتشدد في مثل هذا، ويسعنا ما وسع من قبلنا دون نكير منهم.
والتكبير المقيد في العشر والتشريق هو الذي يكون عقب الصلوات خاصة، وقد اتفق عليه الفقهاء، وسار عليه العمل في كل عصر ومصر، بل أوجبه الإمام مالك (ويؤوله أصحابه أنه وجوب سنة)، والمختار: أنه عقب كل صلاة، أيًّا كانت من نفل وفرض، وقيل بل هو خاص بالفرائض، والراجح أنه يبدأ من من بعد صلاة الفجر يوم عرفة، إلى بعد صلاة عصر آخر أيام التشريق ( أي يوم الثالث عشر من ذي الحجة)، وبعد الفرائض يبدأ بالتكبير مباشرة، ويكرره، ثم يقرأ أذكار الصلاة المعروفة.
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━┅┉┈
✍- #عبدالله_رفيق_السوطي
الأسـتـاذ الجامعي، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين…