صَالِحاتٌ.
صَالِحاتٌ.
June 1, 2025 at 07:51 PM
الحمد لله الذي جعل الحياء شعبة من الإيمان، ورفع قدر المرأة المسلمة بحيائها، انتشر في هذا الزمان ما يُحزن القلب، لا سيما في أوساط من يُظَنّ فيهن الخير والالتزام. ظهر على الساحة ما يُسمى بـ"قنوات المتزوجات"، وكانت في بدايتها مجموعات تتحدث عن أمورٍ عامة كالعناية بالنفس والنظافة والأناقة، وهذا في أصله لا بأس به. لكن الأمر تطور حتى صار الحديث في تلك القنوات يدور حول العلاقة الخاصة بين الرجل وزوجته، والتي جعلها الله سرًا بينهما، لا تُذاع ولا تُنشر. صار الحديث عن تفاصيل دقيقة لا تليق بحياء المؤمنات، ولا بالخلق الذي جاءت به الشريعة. أيتها المسلمة، أتعلمين ما معنى "أمر فطري"؟ يعني أمر جبلكِ الله عليه، تعرفينه بفطرتك، لا تحتاجين فيه لمن يُعلمك تفاصيله، فكيف إذا كنتِ مؤمنة عاقلة، معكِ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟! أتعلمين أن البهائم تعرف كيف تعاشر، فكيف يُقال للمؤمنة إن هذا علم لا بد أن تتعلمه من فلانة وعلانة؟ هل قرأتِ يومًا أثرًا عن الصحابيات الجليلات أنهن كُنّ يُفصِّلن في هذه الأمور ؟ تحت ذريعة تعلمي كيف تتبعلين لزوجك! بل كانت الواحدة منهن تستحيي أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ من أمور الطهارة، فيثني النبي على حيائها، ويُعلمها دون خوضٍ في تفصيلٍ لا حاجة له. يا أمة الله، الحياء لا يمنع من العلم، لكن يمنع من الفُحش والتجاوز. نعم، العلاقة بين الزوجين فيها زينة وملاطفة ومودة ورحمة، لكنها تُكتسب بالممارسة والتفاهم بين الزوجين، لا من أفواه النساء على العلن، ولا من تجارب نساء أُخريات قد لا تصلح لكِ. كل زوجين لهما طبيعتهما، وما يرضي هذا قد يُنفر ذاك، والزواج لا يحتاج دروسًا مسهبة في الخصوصيات، بل يحتاج فطرة سليمة وخلقًا قويمًا. وزوجك سيُخبركِ بما يُرضيه، وأنتِ كذلك، دون حاجة لطرقٍ ملتوية وتكلفٍ لا أصل له في الدين. والأدهى من ذلك أن بعض من يخضن في هذه الأمور هن غير متزوجات أصلاً! عفوا من أين لكِ هذا؟؟ كم من امرأة تطلّقت أو أدخلت الشك في قلبِ زوجها وهي عفيفة طاهرة بسبب تقليدٍ أعمى لنصيحة مِن من لا علم لها ولا فقه، ولا علم عندها بحال الأزواج ولا طباعهم. طيب لو احتاجت إحداهن فعلا نصيحة وإستشارة في أمر معين؟ تستشير من عندها علم ديني وعلم دنيوي في هذا الأمر أو طبيبة ومن يغلب عليها الصلاح والتقوى، في مكان مغلق وبحدود ماتقتضيه الضرورة والمصلحة. وأما من تُنكر هذا، فيُقال لها: "أنتِ متشددة"، أو " عندك غلو "، اثبتي! فليقل الناس ما شاءوا. نحن نحتكم إلى شرع الله لا إلى أهواء الناس، والعلم واضح، والحق جليّ، والحلال بيّن، والحرام بيّن. قال الشيخ عبدالرزاق البدر حفظه الله : الأصل في المرأة الحِشمة حتى بين النساء وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : لَيْسَ العِلْمُ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنَّ العِلْمَ الخَشْيَةُ. [الزهد للإمام أحمد]. تحريم إفشاء الزوجين ما يجري بينهما من أمور. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِن أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها» رواه مسلم. «إن ما يفعله بعض النساء من نقل أحاديث المنزل والحياة الزوجية إلى الأقارب والصديقات أمر محرَّم ولا يحل لإمرأة أن تفشيَ سر بيتها أو حالها مع زوجها إلى أحد من الناس» [«فتاوى إسلامية» (212/3)] بعض نصائح الصالحين، من عرفت قلوبهم الحياء والخشية قالت أم إياس لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها : أي بنيّــة، إنك قد فارقت بيتك الذي منه خرجت، ووكرك الذي فيه نشأت، إلى وكر لم تألفيه، وقرين لم تعرفيه؛ فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي له عشر خصال، يكن لك ذخرا. أما الأولى والثانية: فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة. أما الثالثة والرابعة : فالتعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه. فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشمن منك إلا أطيب ريح والكحل أحسن الحسن الموصوف والماء والصابون أطيب الطيب المعروف. وأما الخامسة والسادسة : فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مكربة. وأما السابعة والثامنة : فالعناية ببيته وماله والرعاية لنفسه وعياله. أما التاسعة والعاشرة : فلا تعصين له أمرا ولا تفشين له سرا، فإنك أن عصيت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره. ثم بعد ذلك، إياك والفرح حين اكتئابه والاكتئاب حين فرحه، فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير. وأشد ما تكونين له إعظاما، أشد ما يكون لك إكراما، ولن تصلي إلى ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت أو كرهت، والله يصنع لك الخير واستودعتك الله. _ قَال أسْماءُ بنُ خارِجةَ الفَزَاريُّ وَهوَ يَزفُّ ابنتَهُ إلَى زوْجهَا ليْلةَ عُرْسِها: - «يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ خَرَجْتِ مِنَ العُشِّ الَّذِي فِيهِ دَرَجْتِ، فَصِرْتِ إِلَى فِرَاشٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ، وَقَرِينٍ لَمْ تَأْلَفِيهِ؛ فَكُونِي لَهُ أَرْضًا يَكُنْ لَكِ سَمَاءً، وَكُونِي لَهُ مِهَادًا يَكُنْ لَكِ عِمَادًا، وَكُونِي لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَكِ عَبْدًا، وَلَا تُلْحِفِي(١) بِهِ فَيَقْلَاكِ(٢)، وَلَا تَبَاعَدِي عَنْهُ فَيَنْسَاكِ، وَإِنْ دَنَا مِنْكِ فَادْنِي مِنْهُ، وَإِنْ نَأَى عَنْكِ فَابْعُدِي عَنْهُ، وَاحْفَظِي أَنْفَهُ وَسَمْعَهُ وَعَيْنَهُ... فَلَا يَشُمَّنَّ مِنْكِ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا يَسْمَعْ إِلَّا حَسَنًا، وَلَا يَنْظُرْ إِلَّا جَمِيلًا...)". --------------- ١)- وَلَا تُلْحِفِي: أَلْحَفَ فِي المسْألة يُلْحِفُ إلحَافًا، إذَا ألحَّ فيها ولَزِمَها. ٢)- فَيَقْلَاكِ: قَلاه يَقْلِيهِ قِلًى ومَقْلِيةً: إِذا أَبْغَضَه...! [اُلْمُعِينُ فِي حُقُوقِ الزَّوْجَيْنِ /ص (١٧)]١ عن سعيد بن يزيد: أن أبا الأسود الدؤلي زوّج ابنةً له فأتته الجارية، فقالت: يا أبةِ، إني لم أكن أحب أن أفارقك، فأما إذ قد زوجتني فأوصني، قال: إن زوجك شيخٌ، وإنك لا تنالين ما عنده إلا باللطف، واعلمي أن أطيب الطِّيب الماء. - مداراة الناس لابن أبي الدنيا (١٨٤) عن أبي عمرو بن العلاء، قال: زوج أبو الأسود الدؤلي ابنتين له، فقال لإحداهما عند حملها إلى زوجها: يا بنية أكرمي أنف زوجك وعينيه وأذنيه فلا يشم منك ‌إلا ‌طيباً، ولا يرى إلا جميلاً، ولا يسمع إلا حسناً. وقال للأخرى: يا بينة أمسكي عليك الفضلين يريد فضل النكاح وفضل الكلام. [المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي]
❤️ 👍 2

Comments