نور على الدرب
نور على الدرب
June 12, 2025 at 03:26 AM
«القرض الحسن» في زحمة الأيام، وأثناء تصاعد الأزمة الاقتصادية، كنت أجلس مع صديقي في أحد المقاهي البسيطة. رأيته يخرج مبلغاً كبيراً من المال ويضعه في ظرف، ثم ناول الظرف لرجل محتاجٍ كان يمرّ قربنا. فقلت له بدهشة: "ألستَ خائفاً؟ ألا تخشى أن تطول الأزمة وتحتاج لهذا المال؟" توقعت أن يرد بكلمات مألوفة مثل: "ما نقص مال من صدقة" أو "المنفق يُنفق عليه." لكنه نظر إليّ بثقة وقال: "المنفقون كالشهداء... لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون." صُعقتُ من رده. جملة واحدة حركت شيئاً داخلي. كيف يمكن أن يُشبَّه المنفقون بالشهداء؟ هل هي مجرّد كلمات جميلة؟ أم أن وراءها حقيقة قرآنية؟ رجعت إلى بيتي، وبدأت أبحث في المصحف. وكم كانت دهشتي عظيمة عندما اكتشفت أن الآية: "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" وردت فعلاً في حق المنفقين، تماماً كما وردت في حق الشهداء. في سورة البقرة، الآية 274: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً... لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ." وفي الآية 262 من نفس السورة: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ... لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ." ثم وجدتها أيضاً في سورة آل عمران، في وصف الشهداء: "أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ." (آل عمران: 170) حينها فهمت، أن يد العطاء ترفعك إلى مقامٍ عالٍ، حيث لا خوفٌ ولا حزن. فإن كنت تخشى الفقر، المرض، الغربة، أو فقدان من تحب... أنفِق. لأن الله وعد: "لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ... لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ." قصة الختام: روي أن عبد الله بن جعفر – رضي الله عنه – كان من أكثر الناس إنفاقاً على الفقراء، حتى قيل إنه ما مرّ عليه سائلٌ وردّه قط. قيل له يوماً: "أما تخشى أن تُفتقر؟" فقال: "كيف أخاف الفقر وربِّي يقول: (وما أنفقتم من شيءٍ فهو يُخلفه)." فمات وقد خلف من الأموال ما يكفي أجيالاً من بعده. فتأمّل وتدبّر... هل تخشى؟ أنفِق، وسلّم قلبك لقول الله: "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ." معاذ الله أن نصاب بالقنوط، أو نستسلم لليأس، وربنا الرحيم ينادينا: ﴿وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ﴾.. فباب الفرج مفتوح، ومدد الله قريب، واليأس لا يعرفه المؤمن الصادق، إنما هو شعار القوم الكافرين ﴿إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾.. فكن على يقين، مهما اشتد البلاء، أن رحمة الله أعظم، وفرجه أقرب مما تظن. 💢💢💢💢💢💢💢💢💢💢💢💢💢 *اللَّهمَّ جوِّع من جوَّع أهل غزَّة* *اللَّهمَّ عذِّب من عذَّبهم* *اللَّهمَّ روِّع من روَّعهم* *اللَّهمَّ أحرق من أحرقهم* *اللَّهمَّ شرِّد من شرَّدهم* *اللَّهمَّ دمِّر من دمَّرهم* *اللَّهمَّ انتقم لهم يامنتقم ياجبَّار ياالله* ‏يا أهل غزَّة : ‏كُلَّ عامٍ وأنتم أجمل ما فينا، ‏تقبَّل الله جهادكم، ‏تقبَّل الله صيامكم، ‏تقبَّل الله قيامكم، ‏تقبَّل الله دعاءكم، ‏كلُّ فرحةٍ في مصابكم فيها غصَّة، ‏ولكنَّها شعائر الله، وتعظيمها من تقوى القلوب، ‏فرَّجَ الله عنكم، وجزاكم عنا خير ما جزى عباده الصَّابرين!

Comments