قصة صباحية خرجتُ ذات يومٍ من المسجد بعد أداء الصلاة فوقعت عيناي صدفة على شيخٍ طاعنٍ في السن يجلس على كرسيٍّ متحرّك وبجواره خادمه الآسيوي يعتني به في صمتٍ مهيب اقتربتُ منه وقبّلتُ رأسه وقُلت: ـ "ادعُ لي يا عم." نظر إليّ بعينين أنهكهما الزمن وسألني بهدوء: ـ "هل والدك على قيد الحياة؟" قلت: "نعم." قال: "ووالدتك؟" قلت: "نعم، الحمد لله." فابتسم ابتسامة ممزوجة بوجع السنين ثم قال: ـ إذن أنتَ تاجرٌ كبير... حافظ على تجارتك يا ولدي فأولادي قد ضيّعوا تجارتهم شعرتُ بقشعريرة تسري في جسدي وهزّةٍ عميقةٍ في قلبي قبّلت رأسه مرة أخرى ومضيت وأنا أردد في داخلي: حافظ على تجارتك يا ولدي... حافظ على تجارتك يا ولدي... نعم تلك هي التجارة الرابحة: برّ الوالدين *الحكمــــه* طالما والداك أحياء فأنت تملك فرصة عظيمة لا تعوّض... لا تؤجل البر فالقلوب تُقفل حين يُغلق باب الحياة حافظ على تجارتك قبل أن تُغلق سجلاتها إلى الأبد ومن فاته برّ والديه في حياتهم فلا يزال باب البر موصولًا بالدعاء والصدقة وصلة رحمهم وتنفيذ وصاياهم والإحسان لأصدقائهم فرحيل الوالدين لا يُسقط البرّ بل ينقله من العطاء باليد إلى العطاء بالدعاء