
العروة الوثقى الزيدية
June 11, 2025 at 08:10 PM
[الكلام الأكمل في خطبة الغدير]
ومن أكمل الروايات للخطبة النبوية: مارواه الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي، ورواه غيره من علماء العترة والأمة بأسانيدهم، ولفظه: أقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من مكة في حجة الوداع، حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات، فقم ماتحتهن من شوك؛ ثم نادى ((الصلاة جامعة)) فخرجنا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في يوم شديد الحر؛ إن منا من يضع رداءه على رأسه وبعضه تحت قدمه من شدة الحر، حتى انتهينا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فصلى بنا الظهر؛ ثم انصرف إلينا فقال: ((الحمد لله، نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، الذي لاهادي لمن أضل ولامضل لمن هدى؛ وأشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد، أيها الناس، فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ماعمر من قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أشرعت في العشرين؛ ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون؛ فهل بلغتكم؟ فماذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلغت رسالاته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين؛ جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته. فقال: ((ألستم تشهدون أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟)). قالوا: بلى. قال: ((أشهد أن قد صدقتم وصدقتموني؛ ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي، توشكون أن تردوا علي الحوض، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي، كيف خلفتموني فيهما؟)). قال: فأعيل علينا ماندري ماالثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين، فقال:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما الثقلان؟ قال:
((الأكبر منهما كتاب الله، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم)). قلت: وتوجيه مافي هذا الكلام الشريف من المجاز واضح؛ والأحسن حمله على المجاز المركب من باب التمثيل على سبيل الاستعارة، كما لايخفى على ذوي العرفان، بأساليب المعاني والبيان، من غير اعتبار للتجوز في شيء من المفردات، التي هي الطرفان والأيدي، بل في جملة الكلام، شبه هيئة إنزال الله تعالى الكتاب المبين، وإبلاغه إلى الخلق أجمعين، وإحكامه لمعانيه، وإلزامه لهم بأوامره ونواهيه، وقصصه لما فيه، واطلاعهم عليه، وإرجاعهم إليه، ودوامه بين ظهرانيهم على مرور الأيام، وتعاقب الأعوام، بهيئة اتصال الحبل الوثيق، الممتد من جهة إلى جهة، الممسك بقوة طرفاه، المتناول باجتماع الأيدي جانباه. وأما قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ((كتاب الله سبب)) فهو من صريح التشبيه لذكر طرفيه، فلا مجاز فيه. نعم، وفي جميع ذلك من الفصاحة الرائعة، والبلاغة البارعة، والبعث للعباد على التزامه، والوقوف عند حله وإبرامه، مايبهر الألباب، وتخر خاضعة لجلالة موقعه الرقاب، كيف لا وهو كلام من لاينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى؟ ونعود إلى تمام الخطبة النبوية ـ صلوات الله وسلامه على صاحبها وآله ـ. ((فتمسكوا به ولاتولوا ولاتضلوا؛ والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي، وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولاتقهروهم ولاتقصروا عنهم؛ فإني قد سألت لهما اللطيف الخبير؛ فأعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدو؛ ألا فإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها، وتظاهر على أهل نبوتها، وتقتل من قام بالقسط منها)). ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها؛ وقال: ((من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ـ قالها ثلاثا ـ)) انتهى.
[مخرجوا خطبة الغدير]
وقد روى هذه الخطبة النبوية صاحب المناقب أبو الحسن علي بن محمد المغازلي الشافعي، بسنده. ورواها صاحب جواهر العقدين عن حذيفة بن أسيد أو زيد بن أرقم ـ كذا في كتابه الموجود؛ وفي الهداية شرح الغاية، لابن الإمام (ع)، نقلا عن الجواهر: عنهما، بالجزم ولفظ: قالا، وساق الخبر ـ نحو ماسبق باختلاف يسير وفيه: ((لن يعمر نبي إلا نصف عمر الذي قبله)) وفيه: ثم قال: ((ياأيها الناس، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم؛ فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني عليا ـ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)) وفيه: ((وإني سائلكم حين تردون علي عن ثقلي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به، لاتضلوا ولاتبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض)). أخرجه الطبراني في الكبير، والضياء في المختارة من طريق سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل وهما من رجال الصحيح؛ قال: وأخرجه أبو نعيم في الحلية وغيره من حديث زيد بن الحسن الأنماطي، وقد حسنه الترمذي. إلى قوله: عن حذيفة وحده من غير شك به. انتهى من الجواهر. وأخرج هذه الخطبة الشريفة إمام الحفاظ، وعالم الشيعة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي، المعروف بابن عقدة - رضي الله عنه - مع اختلاف يسير في اللفظ، عن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد؛ وفيها: ثم قال: ((أيها الناس، ألا تسمعون؟ ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فهذا مولاه))، وأخذ بيد علي ورفعها حتى عرفه القوم أجمعون ثم قال: ((اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه))، ثم قال: ((ألا أيها الناس، أنا فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض أعرض ممابين بصرى وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة؛ ألا وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما حتى تلقوني)). إلى قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((ألا وعترتي؛ فإني قد نبأني اللطيف الخبير أن لايفترقا حتى يلقياني، وسألت ربي لهم ذلك، فأعطاني، فلا تسبوهم فتهلكوا ولاتعلموهم فهم أعلم منكم)). قال في الجواهر: أخرجه ابن عقدة في الموالاة من طريق عبدالله بن سنان، عن أبي الطفيل، عنهما، به، انتهى. ومن أتم الروايات فيها رواية الكامل المنير. ولهذه الخطبة العظمى، والحجة الكبرى، طرق جمة، قد جمعها حفاظ الأمة، وأعلام الأئمة، مابين مطولة ومختصرة. نعم، وما روي في بعض طرقها من قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((فإنه لم يكن لنبي من العمر)) إلخ ـ يمكن حمله على أوجه كثيرة لاإشكال معها؛ منها: أن يكون المقصود الأنبياء المرسلين بالكتب الجامعة. أو أولي الدعوات العامة. أو من بعث على فترة. أو من في رؤس القرون. أو نحو ذلك من التأويل، أو يكون المقصود بنبي الرسول نفسه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ والتنكير فيه للتعظيم؛ هذا على فرض حصول معارضة بينه وبين شيء من ذلك القبيل، والواجب اتباع الدليل، وتقديم ماوردت به الأخبار الصحيحة على ماسواها من الحكايات والأقاويل، والله أعلم. هذا، وقد تضمنت خطبة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم الغدير خبر الثقلين، وتوصية الأمة بالخليفتين، وهو من أخبار السنة المتواترة، والحجج المنيرة القاهرة، القاضية بوجوب اتباع العترة الطاهرة، ولزوم الائتمام بهم، والاعتصام بحبلهم وتقديمهم، والاهتداء بهديهم، والتمسك بدينهم، على جميع المسلمين، في جميع معالم الدين.
➖➖➖➖➖
#لوامع_الأنوار_في_جوامع_العلوم_والآثار_وتراجم_أولي_العلم_والأنظار.
#للإمام_العلامة_الحجة:
#مجدالدين_بن_محمد_المؤيدي (عليه السلام )
#الزيدية #اليمن #غدير_خم
#الغدير #ولاية_أمير_المؤمنين ع
#العروة_الوثقى_الزيدية
https://whatsapp.com/channel/0029Va93xv11NCrcLbXtSz2K/1687
![Image from العروة الوثقى الزيدية: [الكلام الأكمل في خطبة الغدير] ومن أكمل الروايات للخطبة النبوية: مارو...](https://cdn2.wapeek.io/2025/06/12/10/alklam-alakml-fy-khtb-alghdyr-omn-akml-alroayat-llkhtb-alnboy-maroah-alamam-almnsor-ballh-aa-fy-alshafy-oroah-ghyrh-mn-aalmaaa-alaatr-oalam-basanydhm-olfthh-akbl-rsol-allh-sl-allh-aalyh-oalh-oslm-mn-m_baf0e334d2c7750cb9be03f3075a173a.webp)
👍
❤️
🌹
🍋🟩
💚
🥰
🩵
32