رحيل النسر الكبير .. كما سماه أعداؤه ..!! في يوم (3 مايو 1481م - الموافق 4 ربيع الأول 886هـ) ، ترّجل أحد أعظم فرسان الإسلام السلطان "محمد الفاتح" ، عن صهوة المجد ، لا في قصره وسط الراحة والترف ، بل في خيمته وسط جنوده ، قرب بلدة (جيبزي) [في موقع يُعرف اليوم باسم Hünkâr Çayırı ، أي "مرج السلطان"] ، أثناء إستعداده لإطلاق حملة عسـ ـكرية جديدة مجهولة الوجهة. كان السلطان في خمسينيات عمره ، بعد حكمٍ دام قرابة 30 عامًا ، مليئة بالفتوحات و الإنجازات التي دوّخت أوروبا وغيّرت مجرى التاريخ. الحملة الغامضة التي لم تتم أبدًا : في (25 أبريل1481م) ، عبر "الفاتح" مضيق (البوسفور) بجيشه إلى الضفة الآسيوية ، واستقر في (أسكدار) ، ونصب خيمته في المكان الذي سُمّي لاحقًا بـ (مرج السلطان). وهناك بدأ التحضير لحملة جديدة لم يُفصح عن وجهتها لأحد ، إتباعًا لسنّة النبي صلى الله عليه وسلم في إخفاء خطط التحرك العسـ ـكري. ورغم الغموض ، تُرجّح أغلب المصادر أن وجهته كانت (روما) نفسها ، بعد أن سبق له التوغل في جنوب إيطاليا. كان "الفاتح" عازمًا على توجيه ضـ ـربة مباشرة لقلب أوروبا المسيحية. هل مات "محمد الفاتح" مسمومًا؟! وفاته المفاجئة أثارت الكثير من الجدل . بعض المؤرخين يرون أنه تعرض للتسمم على يد طبيبه الخاص "يعقوب باشا" [وهو من أصل إيطالي] بإيعاز من قوى أوروبية شعرت بخطر داهم يقترب منها. لقد شكّل "الفاتح" تهديدًا وجوديًا للمسيحية الأوروبية ، خاصة بعد فتح (القسطنطينية) وتحويل (آيا صوفيا) إلى جامع ، ثم توغله في البلقان وفتح (الصرب) و (اليونان) و (البوسنة). فكانت المؤامرات تحاك ضده ، من الفاتيكان والبندقية وغيرها ، لكنه أفشلها جميعًا .. حتى تلك التي قيل إنها نجحت في النهاية. لقد مات النسر الكبير : لم يصل نبأ وفاة السلطان "محمد الفاتح" إلى أوروبا إلا بعد 16 يومًا ، وعندما بلغ (روما) ، أُرسلت رسالة شهيرة حملت الجملة الصادمة: «La Grande Aquila è morto» (لقد مات النسر الكبير) وعندها عمّت الفرحة في أنحاء أوروبا ، وأمرت الكنائس بقرع الأجراس لمدة ثلاثة أيام ، احتفالًا برحيل رجل هزّ عرش القارة العجوز ، وأرعب ملوكها وباباواتها. رحل "محمد الفاتح" .. لكنه ترك إرثًا خالدًا ، و اسمًا لا يُنسى في سجل العظماء. رحل النسر الكبير .. لكنه حلّق فوق صفحات التاريخ إلى الأبد.‌ «قصـص ومواعظ اســــــــلامـيه» https://whatsapp.com/channel/0029VarqF5UHVvTSyo2nxl2e