البطل خالد شوقي... والخروج من التيه. ******************************** كلما سيطر اليأس على النفس، وشعرنا بأننا ننزلق إلى هوة أخلاقية، بعدما انعدمت القدوة، وسادت الأنا، وتصحرت الحياة الإنسانية من الإنسانية، في وسط في هذا الركام الأخلاقي المتكوم بجوار نفايات الحظائر، والقمامات، تأتيك رسالة علوية متلألئة منطلقة كالسهم لتشق غبار تلك الظلمات في هذا التيه الإنساني، لتقول لنا إنه لا يزال هناك إنسانية، في بعض بني الإنسان، فيعود الأمل يشرق في نفوسنا من جديد، وينهدم منها جدر من اليأس والإحباط، ولقد كان السهم القانص لكل معاني الإحباط هو ذاك الشهم النبيل، الفارس البطل خالد شوقي، الذي كان مواطنا مصريا يعيش بين المصريين كأي مصري يكد ويشقى ويتعب من أجل توفير حياة كريمة له ولأسرته، وقد منحه الله بسطة في الجسم متوجة بأخلاق الإسلام - كما تحكي ملامحه- ثم فجأة وعلى غير موعد ولا ترتيب يرى سيارة تحمل الوقود في محطة كبيرة، بين بنايات سكنية يسكنها عشرات الآلاف من البشر تشتعل فيها النيران، وفي برهة من الوقت تخيَّل حجم الكارثة التي ستحدث، وأعداد الضحايا الذين ستحرقهم النيران، فتحركت في دواخله أخلاق الفرسان من الشجاعة والنبل والإقدام فانطلق كالسهم القناص إلى نحو سيارة الوقود ليركبها، ويتحرك بعيدا عن المنطقة غير مبال بتلك النيران التي وصلت إلى كرسي القيادة، ثم انتقلت إليه لتلتهم ثيابه وجلده ليصاب بحروق قاتلة، لينقل بعدها للمستشفى، ثم بعد عدة أيام يموت شهيدا مقدما أروع الأمثلة في الفداء والتضحية في مهمة لم يكن مكلفا بها لا بصفة قانونية، ولا إدارية، وإنما كلفته بها شجاعته ونبله وفروسيته، وإنسانيته. إن هذا البطل الشهيد خالد الذكر أعاد إلينا الثقة من جديد بأن مصر- هذا البلد المبارك، وشعبها الطيب - لا يزال يسكنها ، ويعيش على ثراها الرجال القدوة الذين يستطيعون - لو اكتشفناهم- أن يعيدوا صياغة حياتنا من جديد، ويردونا إلى قيمنا الأصيلة التي دخلت التيه، وأوشكت على أن تستقر فيه. وأمثال هؤلاء الأبطال هم الذين يجب أن يقدرهم الوطن، ويضعهم في المكانة التي يستحقونها، وأن يقدموا لمجتمعنا كقدوة يقتدون بها بديلا عن أصحاب الفن الهابط الذين حملوا إلينا الغث والقبيح من القيم والأخلاق الرذيلة، وقدمناهم للشباب على أنهم النموذج الذي يجب الاقتداء به. فتعسا لهم ثم تعسا لهم، وتحيا مصر بأخلاق شعبها. ورحمة الله على الشهيد البطل.